صدر حديثا عن الدار العربية للعلوم بلبنان، وبدعم من الصندوق العربى للثقافة والفنون- آفاق، رواية "فى انتظار السلحفاة"، للروائى السودانى معتصم الشاعر، والتى فازت بمنحة آفاق للأدب للعام 2013م، وكانت قد صدرت نسختها الإلكترونية فى العام الماضى، عن شركة أى كتب اللندنية.

تناقش الرواية التعاطى العربى مع الأزمات التى تثقل كاهل الشعوب العربية المنكوبة؛ فتجعلها تستنجد بأشقائها الذين لا يتجاوز رد الفعل لديهم حائط التعاطف النمطى، الذى يذيبه أقل انفراج فى الأزمات، كأن المقصود ليس الحل، إنما هو عدم التصعيد، وتظهر الصورة الحقيقة للتعاطف غير العميق والذى لا يفرز أية استجابة عملية، فى سلوك بطل الرواية الغير مسمى، مع المسألة الفلسطينية، والتى تعتبرها الرواية القضية المعيارية التى تستطيع أن تقيس عليها التحرك العربى تجاه أى أزمة، فعندما كان العدوان الإسرائيلى مستمرا يحصد أرواح الأطفال المحاصرين، كان بطل الرواية يتجول فى تركيا هو وزوجته يشاهدان شواهد التاريخ العثمانى ويستمتعان بالبسفور، لكنه وبعد الربيع العربى قد استيقظ، وصار أكثر تفاعلا، وقد قام بتأسيس منظمة أطلق عليها منظمة نداء الشعوب، زار ضمن طاقمها بلدان الربيع العربى وغيرها، وقدم الدعم اللازم.

وقد شهدت هذه الطبعة فصلا إضافيا إلى نسختها الإلكترونية وجاء تحت عنوان: ما يشبه المقدمة، تناول فيه الكاتب عوالم الكتابة، وطرح أسئلة مهمة، منها: لماذا نكتب ولماذا نقرأ؟ ويتساءل الكاتب أيضا: لماذا لا تحرك الكتابة جمهورها إلى القيام بردود أفعال نتيجة ما تلقوه؟ وهل يكتب الكاتب فقط لتحقيق ذاته دون الاهتمام بتحقيق الذات الجمعية؟ وهل هو صادق فى غيرته على المجتمع أم أنه فقط يريد أن يكون سلطانا على عقولهم؟ وتمهد هذه المقدمة للبناء الفنى للرواية والذى جاء فريدا أشبه بالبناء الرياضى (النظرية، المعطى، المطلوب إثباته، العمل، البرهان)، حيث تضمنت المقدمة نظرية سماها المؤلف المتوالية الإبداعية؛ وهى مطلوبٌ إثباتها، وأعطى معطيات واقترح عملا، وكان البرهان هو الرواية نفسها، إضافة إلى هذا فقد أضاف الشاعر إلى الرواية تقنية جديدة، وهى أن يتلو كل فصل سردى قصيدة هايكو تلخصه وتكون كالموسيقى التصويرية التى تصاحب المشهد فى السينما، السينما التى درسها بطل الرواية.

وتعد هذه الإصدارة الرواية الثانية ضمن مشروع معتصم الشاعر الروائى الذى أطلق عليه اسم "زهرة الربيع"، والذى صدر منه حتى الآن: أهزوجة الرحيل عن مؤسسة صوت القلم العربى - مصر(2011)، فى انتظار السلحفاة (نسخة إلكترونية) عن أى كتب – لندن (2012)، وادفنونى فى تل أبيب - عن منشورات مومنت - لندن(2013)، وأخيرا هذه النسخة الورقية للرواية الثانية عن الدار العربية للعلوم - لبنان.