وجه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خطاباً إلى الشعب الأمريكى من خلال مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، حذر فيه من مغبة توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى سوريا، مؤكداً أن مثل هذا الإجراء يثير خطر اتساع نطاق الصراع إلى ما وراء حدود سوريا، ويطلق موجة من الهجمات الإرهابية، خاصة أن هناك «أبطالاً قليلين للديمقراطية» فى الحرب الأهلية الدائرة منذ عامين ونصف العام، إلا أن هناك «عدداً وافراً من مقاتلى (القاعدة) والمتطرفين يقاتلون الحكومة».
وأشار بوتين، فى مقاله الذى جاء تحت عنوان: «دعوة من روسيا للحذر»، إلى أن الهجوم الكيماوى المزعوم هو من عمل قوات المعارضة على الأرجح، حيث إنها تسعى إلى إثارة تدخل خارجى، محذراً من التدخل العسكرى دون الحصول على تفويض من مجلس الأمن، مؤكداً أنه «يتعين على الجميع التوقف عن استخدام لغة القوة».
وأضاف: «الضربة المحتملة رغم معارضة دول كثيرة وزعماء سياسيين ودينيين بارزين، بمن فيهم البابا، سينتج عنها مزيد من الضحايا الأبرياء والتصعيد، وهو ما قد يوسع نطاق الصراع إلى ما وراء حدود سوريا. سيزيد العنف وستنطلق موجة جديدة من الإرهاب، قد تقوض الجهود متعددة الأطراف لحل المشكلة النووية الإيرانية وتزيد من زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وقال بوتين: «من المزعج أن التدخل عسكرياً فى الصراعات الداخلية لدول أجنبية أصبح (شيئاً عادياً) للولايات المتحدة. هل هذا فى مصلحة أمريكا على المدى الطويل؟ أشك فى ذلك. هناك الملايين حول العالم ينظرون بشكل متزايد إلى واشنطن ليس كنموذج للديمقراطية بل تعتمد فقط على القوة الفجة ونسج ائتلافات تحت شعار (إما أن تكون معنا أو ضدنا)».
وأكد الرئيس الروسى أنه لا أحد يرغب فى أن يرى الأمم المتحدة تعانى مصير عصبة الأمم التى انهارت بسبب ضعف مصداقيتها، مشيراً إلى أن سوريا لا تشهد قتالاً من أجل الديمقراطية، وإنما تشهد صراعاً مسلحاً بين الحكومة والمعارضة فى دولة متعددة الطوائف والأديان. وأضاف: «مرتزقة من العالم العربى يقاتلون هناك، ومئات من الميليشيات من الدول الغربية ومن روسيا حتى، المشكلة تتعمق أكثر فأكثر، وقد يعودون إلينا فى النهاية، الوضع يهددنا جميعاً. لا أحد يدرى ما سيحدث بعد أن تنسحب القوات الدولية، فليبيا مثلاً انقسمت إلى قبائل وعشائر، والعراق سقطت فى الحرب الأهلية ويقتل المئات منهم يومياً».
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، أمس، إنه لا تزال توجد فرصة للسلام فى سوريا، وإن العالم يجب ألا يسمح بتفويتها، مرحباً بقبول الحكومة السورية لمبادرة بلاده.
من جانبه، أعلن البيت الأبيض إلغاء النزهة الصيفية لأعضاء «الكونجرس» الأمريكى وعائلاتهم، على خلفية الأزمة السورية. وقالت وكالة أنباء «فرانس برس» الفرنسية، إن البيت الأبيض أبقى على حالة الغموض بخصوص الاستحقاقات المقبلة فى الملف السورى، بعدما أرجأ الرئيس الأمريكى احتمالات الضربة العسكرية لإعطاء فرصة للمبادرة الروسية التى عرضتها روسيا، خاصة أنه امتنع عن تحديد المهلة الزمنية للدبلوماسيين من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق المحتمل لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية. ودعت واشنطن النظام السورى إلى الكشف فى أسرع وقت ممكن عن حجم وخصائص ترسانته الكيماوية.