هل يُهدد ضياع حلم استضافة أولمبياد 2020 بقاء الحكم الإخوانى فى تركيا؟، سؤال طرح نفسه بقوة، بعدما تلقت بلاد العثمانيين صفعة قوية بخسارة شرف استضافة بطولة الألعاب الأولمبية 2020، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية بأن سياسته العنيفة والديكتاتورية هى السبب وراء ضياع حلم الأولمبياد مما حدا بالعديد من المحللين المقربين من صنع القرار فى الشارع التركى، ليؤكدوا أن عرش رجب طيب أردوغان "الإخوانى" بات مهددًا تهديدًا واضحًا.

كانت مدينة إسطنبول قد شهدت ليلة حزينة، السبت الماضى، بعد الإعلان عن فوز طوكيو عاصمة اليابان، بشرف استضافة أولمبياد 2020 متفوقة بفارق "24 صوتا" على تركيا التى حلت فى المركز الثانى، بينما ودعت العاصمة مدريد الإسبانية المنافسة على استضافة هذا الحدث الرياضى الأبرز مبكرًا من الجولة الأولى، ولعل الأتراك لم يفتهم أن يتذكروا مشاهد مناصرة أردوغان للتيارات المتأسلمة باعتباره أحد زعماء التنظيم "الدولى للإخوان" وحزبه يمثلها، وتذكروا أيضًا التنكيل والمصادمات والمحاكمات التى لم تقنع المجتمع الدولى، لتدفع تركيا ثمنًا باهظًا للحكم الإخوانى.

فور إعلان خسارة تركيا، لم تتهاون المعارضة للنظام فى تركيا فى توجيه انتقادات لاذعة لحكومة أردوغان وتحميلها المسئولية كاملة وراء هذا الإخفاق الذى تكرر للمرة الثالثة لاستضافة الأولمبياد، كما أبدوا ارتياحًا كبيرًا لتجنب البلاد الدخول فى التحدى المتمثل فى تنظيم هذا الحدث العالمى، فى وجود حكومة إخوانية كان يمكن أن تقضى بتصرفاتها وعنفها على باقى الأحلام التركية.

من جانبه، قال أحد المعارضين السياسيين كيف أردوغان المؤيد للحرب على سوريا أن يعلن فى نفس الوقت رغبة حزبه الحاكم فى استضافة دورة الألعاب الأولمبية، إنه يعيش على سطح القمر"، بينما علق آخر على شبكة التواصل الاجتماعى "تويتر": "تلاعب ومنشطات وحرب وغاز مسيل للدموع، كل هذه الأمور أضاعت علينا فرصة تنظيم الأولمبياد".

فى السياق نفسه يرى آخرون أن رد الحكومة التركية العنيف تجاه الاحتجاجات التى شهدتها البلاد فى يونيو ويوليو الماضيين اعتراضا على خطة الحكومة لإزالة حديقة "جيزى" وتغيير ساحة تقسيم وسط المدينة، تسببت فى إعطاء صورة سيئة لبلد كان يسعى لاستضافة حدث رياضى عالمى.

بينما قال أحد الساسة على أحد المنتديات "متظاهرين حديقة جيزى يجب أن يكونوا فخورين"، فى إشارة منه إلى تصريحات وزير الشئون الأوروبية إيجمين باجيس، الذى قبل بضعة أسابيع حذر من أن هزيمة أسطنبول فى استضافة الأولمبياد ستكون بسبب الاحتجاجات، والعنف فى مواجهتها وحكم الفرد المغلف بالحزبية أيضًا.

فى المقابل، رجحت بعض الصحف فى تركيا أن خسارة بلادهم شرف استضافة أولمبياد 2020 سببه "المحسوبية" من جانب اللجنة الأولمبية الدولية للملف اليابانى، والتعاطف معهم بعد الكارثة النووية التى تعرضوا لها مؤخرًا، حيث لعب الملف اليابانى على "الوتر الحساس" لدى أعضاء اللجنة الأولمبية الذين برروا اختيارهم للملف اليابانى لرغبتهم فى إعادة الأمل إلى بلد تأثر كثيرًا بهذه الكارثة النووية، وتفضيلهم له على اكتشاف منطقة جديدة فى العالم تربط بين قارتين، فى إشارة لتركيا.

وجاء رد أردوغان سريعًا على كل هذه الانتقادات، حيث أعرب رئيس الحكومة التركية عن أسفه الشديد لمنح شرف تنظيم الأوليمبياد لمدينة طوكيو، التى سبق لها استضافة هذا الحدث من قبل، وتفضيلها على دولة لم يسبق لها تنظيم الأولمبياد ولا مرة.

أضاف أردوغان فى تصريحات على حسابه الشخصى على "تويتر": "أعرب عن أسفى لإعطاء حق تنظيم أولمبياد 2020 لدولة فازت قبل ذلك بتنظيمها، ولكننى فى الوقت ذاته أحترم اختيار اللجنة الأولمبية".

تابع رئيس الحكومة التركية "آمالنا كانت معلقة بشكل كبير على استضافة أوليمبياد 2020، قمنا بالاستعداد بشكل جيد ولكن لم يحالفنا الحظ"، وطالب أردوغان بضرورة مراجعة الملف التركى فى هذا الشأن لبحث أسباب الإخفاق، فى محاولة واضحة وصريحة منه لتهدئة الأوضاع والتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة ضده، رغم أن الشارع التركى زادت غضبته إلا أن الأصوات العاقلة أكدت أن ما حدث ربما يصبح طريقًا واضحًا لمحاسبة أردوغان وحزبه وحكومته على كامل أعمالهم تجاه أحلام الأتراك، التى اقتربت يومًا من التواصل بل والدخول ضمن منظومة "الاتحاد الأوروبى"..باعتبارها دولة تعلى معانى الحرية والديمقراطية، لتفاجأ تركيا بأن إدارة أردوغان تسببت فى رفض تركيا أولا المشاركة الأوروبية، ثانيًا تنظيم الأولمبياد والتى يحمل شعارها الدوائر الخمس التى تعنى التداخل والتواصل بين قارات شعوب العالم المتحضر، فيما وصفه محللون بـ: أن حالة إحباط تسيطر على الشارع التركى، الذى يتردد الآن بين شوارع وحكومات العالم أنه شارع رجعى ينهج العنف ويريد أن يعيد نموذج الإمبراطوريات الفاشية المستبدة ولازال الملف مفتوحًا على مصرعيه أمام الإعلام والمحللون والمواطن التركى، للسعى نحو سبيل لإيقاف أردوغان حزبًا وحكومة عن السير فى اتجاه جلب الكراهية للشعب التركى الطيب.