1)....ماهو التفكير الإيجابي؟؟


هو اقتناع بفكرة
هذا الإقتناع قد يبدأ بحادثة أو بموقف
كأن ينجح الطفل في مدرسته فيلقى من التهنئة ما يلقى
وبالتالي يستقر في نفسه أنه إنسان ناجح
ويملأ هذا الإعتقاد نفسه ويوجه سلوكه في مستقبل حياته


أو أن يتحدث الشاب في مجلس فيحسن الحديث
ويقتنع بأنه متحدث لبق
وقد يدفعه هذا إلى أن يقرأ ويطلع ويزيد من مهارته



أو أن تجد الفتاة إقبالا من بعض صويحباتها وتسعد بهذا الإقبال
وتقتنع بأن لها جاذبية خاصة وأنها محبوبة ومرغوبة
وينعكس هذا الإعتقاد فنجدها تجتذب حولها عددا أكبر من الناس


كل منا يحتفظ في نفسه بصور معينة لنفسه
ليست صورة واحدة وإنما صورا عديدة
بعضها إيجابي
وبعضها سلبي
قد يرى نفسه ناجحا في بعض مجالات الحياة وفاشلا في بعضها الآخر

هذا الإعتقاد أو وذاك ليس مبنيا بالضرورة على حقائق ثابتة
وإنما يكون في كثير من الأحيان مبنيا على حادثة أو موقف أو كلمة أو لفتة
ومن خلال هذه الحادثة يرسم الإنسان صورة لنفسه ويقتنع بها
ومع مرور الأيام يصبح هذا التصور عقيدة راسخة في النفس

ماهو التفكير السلبي..

هو نوع من الإيحاء الذاتي يقوم به الإنسان حيال نفسه
يهمس لنفسه بأنه عاجز أو غير قادر أو غير مستطيع
أو فاشل أو غير محبوب إلى آخر القائمة التي لا تنتهي من الأفكار والمشاعر السلبية

قد يبدأ الإيحاء السلبي إثر تجربة مر بها الإنسان
كأن يكون قد فشل في عمل قام به أو علاقة ارتبط بها أو امتحان أداه
وبدلا من أن يستفيد من هذه التجربة ويجعلها مدعاة للنجاح

نراه يعمم نتائجها على حياته كلها
وبدل من أن ينسى ألمها فإنه يحييها في كل تجاربه
ويهمس لنفسه بأنه إنسان فاشل أو غير محبوب


ولو بحثنا عن ما يسمى بالعقد النفسية عند كثير من الناس
لوجدناها مرتبطة في الغالب بفكرة سلبية,
أوحاها الإنسان لنفسه إثر حادثة أو موقف من المواقف,
وتحولت هذه الفكرة إلى عقيدة ومن ثم إلى سلوك..



ولأوضح ما أهدف إليه بأمثلة أوردها الدكتور ماكسويل مالتز
في كتابه القيم "وسائل الإتصال النفسي وتحقيق الذات"



الدكتور مالتز كان جراحا مشهورا في عمليات التجميل
وقد لاحظ أن بعض مرضاه تتغير شخصياتهم ويختلف سلوكهم في الحياة
بعد أن يجري لهم عملية تجميل صغيرة
قد لا تعدو أن تكون عملية لتقويم الأنف أو تصغير الأذن
ولكنها تكفي لأن يرسم الإنسان صورة إيجابية لنفسه,
فبعد أن كان منعزلا منطويا معتقدا أن الناس لا يحبونه أو أنهم يحتقرونه,
نجده بعد أن يستقيم أنفه أن تصغر أذناه يعود إلى تيار الحياة
فيخالط الناس ويألفهم ويألفونه..
وبالطبع فالتغير هنا ليس في الأذن أو الأنف ولكنه في داخل النفس.

كانت هذه الملاحظة كفيلة بأن يغير الدكتور ماكسويل مالتز اهتماماته
من جراحة التجميل إلى الطب النفسي,
ويتبنى نظرية مفادها أن الذي يحدد سلوك الإنسان في حياته
هو الصورة التي يرسمها لنفسه, فالإنسان الذي يتصور نفسه ناجحا أو محبوبا
سيكون كذلك والعكس.

هذا التصور الإيجابي أو السلبي لا يعتمد بالضرورة على حقائق
ولكن تكفي فيه قناعة الإنسان به

وانتهى في نظريته إلى أن الإنسان إذا أوحى لنفسه بأنه ناجح أو محبوب,
فإن هذا الإيحاء سوف يتحول مع الأيام إلى عقيدة ثم إلى سلوك


هذا الإيحاء السلبي أو الإيجابي قد يأتي نتيجة تجربة مؤثرة وعميقة الغور
يمر بها الإنسان تهزه من الأعماق وتبدل مفاهيمه في الحياة سلبا أو إيجابا



قد تكون التجربة التي يمر بها الإنسان تجربة عابرة مثل لفتة أو كلمة يسمعها, مثال ذلك أن يلتقي بمجموعة من الناس لا يتلاءم مع ميولهم أو مشاربهم ومع أنه اجتماعي بطبعه إلا أنه يسمع همسا يدور حوله أو من وراء ظهره بأن "دمه ثقيل" ويسهر ليلته .. يجتر هذا المعنى ويتفاعل معه ويقنع نفسه بأن "دمع ثقيل" فعلا ويروح يردد هذا المعنى في نفسه أياما وليالي حتى ينطبع في عقله الباطن ويصدقه ويعتقد فيه, ومن ثم يؤثر على تصرفاته وعلاقاته بالناس.



أو قد يفقد أحدهم أحد أطرافه في حادثة ومن ثم يستقر في نفسه أن إنسان عاجز لا يقدر على شيء وبالتالي تتسم حياته بالعجز

أعرف رجلين أصيب كلاهما بشلل نصفي
أحدهم استقل الأمر بواقعية وراح يجاهد كي يدرب نفسه على النطق والحركة واستمر يختلط بالناس ويمارس الحياة وعاش حياة متفائلة مليئة بالحركة والنشاط بل ونمى كثيرا من قدراته الكامنة

والآخر تملكه اليأس والقنوط واعتزل الدنيا والناس وأصبح كل همه أن يتوارى عن الآخرين, ومع الأيام تدهورت صحته وساءت....مالفرق؟؟؟



الفرق في نظرة كل منهما لنفسه
الأول كان ايجابي التفكير .. رسم لنفسه صورة إيجابية وسعى لتحقيقها
والثاني رسم لنفسه صورة سلبية فانتهى إليها



جاءني ذات يوم شاب في العشرين من عمره يشكون من أنه يعاني من العزلة والوحدة, ومن أن الناس لا يحبونه ولا يطيقون وجوده معهم
وأنهم يتهامسون عليه من وراء ظهره..لماذا ؟؟

لأن أنفه كبير, وعجزت أن أجد في أنفسه اختلافا بيّنا عن أنوف الناس , وإنما هو أنفس أشم قد يحمل معنى الإباء والعزة..

بيد أنها صورته التي انطبعت عن نفسه في نفسه وهي أنه أنفسه كبير وأن هذا الأنف الكبير مدعاة للسخرية والهزء..






ماهو العلاج في هذه الحالة...!!!!


العلاج هو أن تتبدل صورة هذا الشاب في نفسه..
ذلك بأن ينظر إلى الجانب الإيجابي من أنفسه ويؤمن بأنه طبيعي وهو طبيعي في حقيقة الأمر وحتى إذا كان حجمه زائدا بعض الشيء فليس ذلك مدعاة لعدم الإحترام والتقدير, وكم من أناس كانت أنوفهم كبيرة حقا ولكنهم سخروا منها واستقبلوا الحياة بإيجابية, هذا الإعتقاد لو تبناه الشاب فإنه سوف ينعكس على مشاعره وسلوكه وتصرفاته.



والسؤال:

كيف يمكن أن تتبدل صورة الشاب في نفسه من السلبية إلى الإيجابية؟؟


أحد الوسائل هو أن يهمس الشاب لنفسه بأنه إنسان طبيعي وأن أنفه طبيعي وأنه حتى إذا كان حجم أنفه زائدا فعلا, فإن ذلك لا يغير حقيقة أن الناس يحبونه ويحترمونه لأن احترام الناس لبعضهم لا يقوم على أساس أحجام الأنوف وإنما على أساس الشخصية والأخلاق والسلوك والمعاملة... هذا الهمس إذا تكر لفترة كافية سوف يتجاوز العقل الظاهر إلى العقل الباطن وينطبع فيه ويصبح عقيدة ومن ثم يتحول إلى سلوك وسوف نتحدث عن طريقة الإيحاء الذاتي بشيء من التفصيل في ثنايا الموضوع...