النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع: كيف نفهم القرآن الكريم؟
- 22-08-2013, 01:25 PM #1
كيف نفهم القرآن الكريم؟
كيف نفهم القرآن الكريم؟عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين.
1- لماذا الحديث عن فهم القرآن.
2- تيسير القرآن للعباد..
3- هل فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء؟
4- الخطأ في فهم القرآن.
5- الاختلاف في الفهم والتفسير.
6- معالم ترشدك إلى الطريق الصحيح.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي هذه المحاضرة زيادة بيان وتفصيل لنقطة من نقاط موضوع (أفلا يتدبرون القرآن)، فقد ذكرنا كيفية التدبر ووسائله، لكنه كان مجملاً بحسب الحاجة إليه هناك، ولأهميته كان لا بد من إفراده بمحاضرة مستقلة.
وليس المقصود من المحاضرة ذكر قواعد تفصيلية لكيفية التفسير ومعرفة المعاني، فنحن لا نريد في هذه المحاضرة أن نجعلكم مفسرين، وإنما المقصود ذكر بعض الأمور التي تعين على الفهم، حتى تكون القراءة مرتبطة دائمًا بالتدبر والفهم، وإزالة الحاجز الذي يحول بين بعض الناس والتدبر الصحيح للقرآن الكريم، وبيان الوسائل الصحيحة التي يسير عليها المسلم لفهم القرآن فهمًا صحيحًا، يحميه من القول على الله بغير علم.
1- لماذا الحديث عن فهم القرآن؟
الحديث عن فهم القرآن هو أهم حديث ينبغي الحرص عليه لعدد من الأمور:
أولاً: القرآن هو أصل الأصول كلها، وقاعدة أساسات الدين، وبه صلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وهو إنما نزل ليعمل به، ولا يمكن أن يعمل الإنسان بشيء لا يفهمه، ومثَلُ من يقرأ القرآن ولا يفهمه، كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم يأمرهم فيه وينهاهم، ويدلهم على ما ينفعهم، ويحذرهم مغبة سلوك طريق معين لأن عدوهم فيه يتربص بهم، فعظموا الكتاب ورفعوه فوق رؤوسهم، وصاروا يتغنون بقراءة ما فيه، لكنهم سلكوا الطريق الذي نهاهم عنه فخرج عليهم العدو فقتلهم.
ثانيًا: عدم فهم القرآن معناه زوال العلم وارتفاعه، فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ، حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ)) فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ؟! فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟!)) قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟! فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ؛ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعً(1).
فزوال العلم يكون بعدم وجود من يقوم به، ويفهمه حق فهمه، وهو ذهاب أوعيته، ويكون بعدم العمل به، فمن لم يعمل بما علم فلا فائدة في علمه، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن العلم يرتفع من الناس مع أن أصله موجود، لكن لما لم يستفد الناس منه، ويفهموه حق فهمه كان وجوده وعدمه سواء.
ثالثًا: الأجر العظيم والثواب الجزيل في فهم القرآن وتدبره، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ الْعَقِيقِ، فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟)) قَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ))(2).
وإذا كان تعلم العلم هو أفضل الأعمال وأحبها، وأشرفها وأرفعها، فأعلى درجات العلم هو معرفة كلام الله وفهمه؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم، وكتاب الله أشرف شيء في الوجود، فتعلمه أشرف شيء وأرفعه.
رابعًا: فهم القرآن حق فهمه سبب لوجود الألفة، واجتماع القلوب، وزوال الخلاف المذموم، الذي ينشأ عنه الافتراق والاقتتال، وعدم فهمه سبب لوجود الخلاف والشقاق؛ عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمر ذات يوم، فجعل يحدث نفسه؛ كيف تحتلف هذه الأمة، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة؟ فأرسل إلى ابن عباس، فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد، وقبلتها واحدة، فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن فقرآناه، وعلمنا فيم نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي، فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا..(3)
خامسًا: إن من أعرض عن تعلم القرآن وفهمه، فقد يبتليه الله تعالى بالانشغال عنه والانصراف إلى غيره؛ فإن الله أخبر في كتابه أن من جاءه العلم ثم أعرض عنه وهجره فإنه يورثه جهلاً ويصرف قلبه عن فهم العلم والتعلق به، قال تعالى عن اليهود: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ، واتبعوا ما تتلوا الشيطان على ملك سليمان} فهؤلاء اليهود لما جاءهم كتاب الله على لسان رسول الله الذي يعرفون وصفه ونعته كما يعرفون أبناءهم، فتركوه وأعرضوا عنه، ابتلاهم الله جل وعلا باتباع أرذل الكتب وأكذبها وأضرها وهو ما تتلوه الشيطان على ملك سليمان(4)، وقال تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون (10)} [سورة الروم 30/10]، فالله عاقبهم لما فعلوا الأمور السيئة، وارتكبوا الأحوال الشنيعة بالتكذيب والاستهزاء، ولو أنهم أصلحوا واستجابوا لجعل الله في قلوبهم التصديق والاتباع.
وقد ذكرنا في محاضرة (أفلا يتدبرون القرآن) أن الاهتمام بالفهم لا يعني إهمال الحفظ، وتحسين القراءة، وضبط التجويد، بل هذه الأمور عليها ثواب جزيل، لكنها جمعيًا وسيلة لفهم القرآن.
2- تيسير القرآن للعباد..
يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (17)} [سورة القمر 54/17]، فهذا القرآن العظيم قد سهل الله ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم؛ لأنه أحسن الكلام لفظًا، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيرًا، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهله عليه، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العالمون من الحلال والحرام، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر، والعقائد النافعة، والأخبار الصادقة، ولهذا كان علم القرآن حفظًا وتفسيرًا أسهل العلوم وأجلها، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه، قال بعض السلف عند هذه الآية: هل من طالب علم فيعان عليه(5)؟
ويقول الله جل وعلا: {فإنما يسرناه بلسانك لعلم يتذكرون}، ويقول سبحانه: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً (97)} [سورة مريم 19/97].
فهذه نعمة عظيمة؛ فهل من مدكر؟ هل من متعظ؟ هل من مقبل على كلام الله يفهمه ويتعلمه؟ والله يعينه ويوفقه ويسدده..
3- هل فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء؟
فهم القرآن وتدبره ليس مقصورًا على العلماء، بل كل واحد لا بد أن يأخذ حظه من القرآن، بحسب ما ييسره الله له، وبحسب ما معه من الفهم والعلم والإدراك؛ فالله تبارك وتعالى دعا عباده كلهم إلى تدبر القرآن وفهمه، لم يخص طائفة بذلك دون طائفة، ولو كان فهم القرآن وتدبره مقتصرًا على فئة من الناس لكان نفع القرآن محصورًا عليهم، ولكان الخطاب في الآية موجهًا إليهم، وهذا معلوم البطلان.
قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه؛ وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله(6).
فالوجه الذي لا يعذر أحد بجهالته هو معرفة ما فيه من الأحكام الواضحة، والمواعظ الجلية المؤثرة، والحجج القوية البينة، والمعاني الكلية التي دلت عليها الآيات.
فمثلاً حين تتأمل كلام الله، ماذا تجد؟ تجد معاني عظيمة، منها: أنك تجد ملكًا له الملك كله، وله الحمد كله، أزِمَّةُ الأمور كلها بيده، ومصدرها منه، ومردها إليه، مستويًا على عرشه، لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته، عالمًا بما في نفوس عبيده، مطلعًا على أسرارهم وعلانيتهم، منفردًا بتدبير المملكة، يسمع ويرى، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، ويميت ويحيى، ويقدر ويقضي ويدبر، الأمور نازلة من عنده، دقيقها وجليلها، وصاعدة إليه، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء...
ثم تأمل كيف تجده يثني على نفسه، ويمجد نفسه، ويحمد نفسه، وينصح عباده، ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم، ويرغبهم فيه، ويحذرهم مما فيه هلاكهم، ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته، ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه، يذَكِّرهم بنعمه عليهم، ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها، ويحذرهم من نقمه، ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه، وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه(7)، إلى غير ذلك من الأمور الواضحة الجلية.
فمثل هذا متيسر لكثير من الناس بحمد الله، لكنه يحتاج إلى شيء من التأمل، والنظر في بعض التفاسير النافعة المختصرة..
كما أن في القرآن من الكنوز والأسرار، والمعارف والعلوم ما يختص به أهل العلم، كل بحسبه؛ فأهل اللغة يعرفون من دقائق إعرابه وبلاغته وأوجه البيان فيه ما لا يعرفه غيرهم، والفقهاء يعرفون من أحكام الحلال والحرام فيه، وأوجه الاستدلال، وأنواع الأحكام، ما لا يعرفه غيرهم.. وهكذا.
4- الخطأ في الفهم..
الوقوع في الخطأ عند تدبر القرآن وفهمه وارد، فإن الإنسان قد يفهم من الكلام معنى عامًا، ويكون المقصود ما هو أخص من ذلك، وقد يفهم منه معنى آخر غير المراد منه، وهذا قد وقع للصحابة رضي الله عنهم، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ)) فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فَقَالَ: ((لَيْسَ ذَاك الْحِسَابُ، إِنَّمَا ذَاك الْعَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ))(8).
فتَمَسَّكَتْ عَائِشَةُ بِظَاهِرِ لَفْظِ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، فبين لها النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْحِسَابَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ تُعْرَضَ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي سَتْرِهَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَفِي عَفْوِهِ عَنْهَا فِي الْآخِرَةِ(9).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟! قَالَ: ((لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}))(10).
والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن قد يكون الخطأ بسبب تقصير في النظر والتأمل، ومعرفة ما يجب معرفته، أو بسبب هوى في النفس؛ فإن بعض الناس يكون في نفسه معنى المعاني، أو يعتقد شيئًا من الاعتقاد، ثم يطلب ما يدل عليه من القرآن، فيفهم الآية على غير المقصود منها؛ لتوافق ما نفسه واعتقاده، والواجب على المسلم أن يكون همه طلب معرفة مراد الله تعالى ومقصوده، ولا يكون همه البحث عما يوافق ما في نفسه؛ فإن الفهم الصحيح "يمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى"(11).
ثم إن الحديث عن فهم القرآن وتدبره ليس معناه أن المسلم يجعل من نفسه مفسرًا، يتكلم في معنى كل آية، دون نظر في تفاسير أهل العلم، وفهمها الفهم الصحيح؛ لأن التفسير معناه بيان مراد الله، وهذا مقام خطير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار))(12)، وقال أبو بكر الصديق: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم؟"، وعن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن: {يوم كان مقداره ألف سنة} فقال له ابن عباس فما: {يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ؟ فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني، فقال ابن عباس: "هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما"، فكرِه أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم، وعن عبيد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال: "إذا حدثتَ عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده"، وعن إبراهيم قال: "كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه"، وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: "والله ما من آية إلا وقد سَأَلتُ عنها، ولكنها الرواية عن الله"، وقال مسروق: "اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله".
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف تدل على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، أو أن يقولوا فيه برأيهم، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعًا فلا حرج عليه(13).
5- الاختلاف في الفهم والتفسير..
قد يقع اختلاف في فهم الآية، وتجد عددًا من الأقوال في كتب التفسير، فلا تدري أي المعاني هو المراد، فتظن أنك لم تفهم المقصود من الآية، ولإزالة هذا الإشكال لا بد أن نبين أمرين مهمين:
الأمر الأول: الفهم العام للآية لا يضر معه الاختلاف في بعض التفاصيل.
أي أنك قد تكون فاهمًا الآية في الجملة، لكن لا تفهم معنى هذه الكلمة، أو لا تدري أي المعاني أصح، فهذا لا إشكال فيه، ويكفيك المعنى العام، وبخاصة إذا كانت معرفة المعنى الخاص مما لا يترتب عليه فائدة كبيرة، ومن أمثلة ذلك ما رواه أَنَس قال: "كُنَّا عِنْد عُمَر وَعَلَيْهِ قَمِيص فِي ظَهْره أَرْبَع رِقَاع, فَقَرَأَ : {وَفَاكِهَة وَأَبًّا} فَقَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَة قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْأَبّ؟ ثُمَّ قَالَ: مَهْ نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّف" وفي لفظ آخر عَنْ أَنَس أَنَّهُ سَمِعَ عُمَر يَقُول: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا} الْآيَة، إِلَى قَوْله {وَأَبًّا} قَالَ: "كُلّ هَذَا قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْأَبّ؟" ثُمَّ رَمَى عَصًا كَانَتْ فِي يَده، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا لَعَمْر اللَّه التَّكَلُّف، اِتَّبِعُوا مَا بُيِّنَ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْكِتَاب،وَمَا لَا فَدَعُوهُ"(14).
أما إذا ترتب على فهم المعنى الخاص أمر علمي فلا بد من معرفته، كما في قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}، فالمعنى الإجمالي للآية أن المطلقة تعتد بثلاثة أقراء، لكن اختلف أهل العلم في القرء ما هو؟ أهو الحيض أو الطهر، وهنا إن كان عندك معرفة بالفقه، وقدرة على الترجيح فأنت تنظر في أقوال أهل العلم، وتتعرف على أدلتهم، وإلا سألت من تثق في علمه.
الأمر الثاني: التفريق بين اختلاف التنوع، واختلاف التضاد.
اختلاف التنوع هو أن يكون لفظ الآية محتملاً لجميع المعاني المذكورة، ولا بأس أن تدل على الجميع، كقوله تعالى: {كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة} فبعضهم يقول: القسورة الرامي أي الصائد الذي يرمي الصيد، وبعضهم يقول هو الأسد، فيجوز أن يكون المراد هذا، ويجوز أن يكون المراد هذا.
ومثاله أيضًا قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)} [سورة فاطر 35/32]، فبعض أهل العلم يفسر السابق بأنه الذي يصلي في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثناء الوقت، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى اصفرار الشمس، وبعضهم يقول: السابق هو المحسن بأداء الصدقة والزكاة، فيؤدي الواجبات والمستحبات، والمقتصد هو المقتصر على الواجب وهو الزكاة، والظالم لنفسه هو آكل الربا، أو مانع الزكاة.. وهكذا.
والآية تشمل كل هذه المعاني؛ فالسابق هو المسابق إلى فعل الخيرات كلها، فيتقرب بالمستحبات والواجبات، ويترك المحرمات والمكروهات، والمقتصد هو الفاعل للواجبات التارك للمحرمات، والظالم لنفسه هو المضيع للواجبات، المنتهك للمحرمات، وإنما يذكر أهل التفسير أنواعًا أو صورًا من الاقتصاد، والسبق، والظلم(15).
وأما اختلاف التضاد فهو أن تكون المعاني المذكورة متقابلة، لا يمكن الجمع بينها، بل لا بد من ترجيح أحدها، مثل قوله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} ما المراد بالقول في هذه الآية؟ هل كل قول فتكون أل للجنس، أم أن المقصود بالقول هو القرآن فقط، بدلالة أن الله إنما يذكره في أكثر من موضع بهذا اللفظ، كما في قوله: {أفلم يدبروا القول..}، وقوله: {إنه لقول رسول كريم..}.
6- معالم ترشدك إلى الطريق الصحيح للفهم.
1- وأتوا البيوت من أبوابها:
علمنا الله في كتابه أننا إذا أردنا أن نفعل شيئًا أن نأتيه من الطريق السهل القريب، الذي جُعل موصلاً إليه، ونحن في طلبنا لفهم القرآن ينبغي أن نصل إليه من الطريق الواضح السهل، الذي يحصل به المقصود، وهذا الطريق الواضح قائم على ثلاثة أركان:
الركن الأول: تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة.
إن أولى ما فسر به القرآن بالقرآن، فإذا أردت أن تفهم القرآن حق الفهم فتأمل فيه كله، فانظر إلى سياق الآية كلها، وما قبلها وما بعدها، وأيضًا ابحث عن معنى الآية في سورة أخرى، فما وجدته مجملاً في مكان، ستجده مبينًا في مكان آخر، وما وجدته مختصرًا في مكان ستجده مبسوطًا في مكان آخر، وقد ذم الله من يتمسك ببعض الآيات دون بعض، أو يأخذ المتشابهات ويدع المحكمات، فقال تعالى: {أفتأمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}، وقال: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}.
ومن أمثلة بيان القرآن بالقرآن: قوله تعالى: {فمن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا} ما المراد بذكره هنا؟ أهو القرآن، وما أنزله الله من الكتب الهادية؟ أو المراد ذكره بتسبيحه وتمجيده وتهليله؟
إذا تأملت سياق الآية كاملة ستجد أن المعنى المقصود هو الأول دون الثاني، قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)} [سورة طـه 20/123-126].
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}، ما هي هذه الكلمات، ورد بياناها في قوله تعالى: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
ومن أمثلته: قوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} ما المراد بالأشد هنا؟ لأن الأشد يتناول البلوغ، ويتناول ثلاثين سنة، وأربعين، وستين، وغير ذلك، لكن الله بين المراد بالأشد في حق اليتيم في سورة النساء بقوله: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم..}.
ثم تأتي سنة النبي صلى الله عليه وسلم مبينة للقرآن، كما قال تعالى: {ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله}، وقال تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}..".
ثم أقوال الصحابة؛ لأنهم شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ما لم يشاهده غيرهم، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، عن ابن مسعود قال: "والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته"، وقال: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن"(16). فهم جمعوا العلم والعمل.
الركن الثاني: معرفة أسباب النزول.
فالقرآن مركب من حروف وكلمات، فدلالته دلالة لفظية، والدلالة اللفظية تتوقف معرفتها في كثير من الأحيان على معرفة مقتضيات الأحوال، وحال المخاطب والخطاب، والجهل بأسباب النزول موقع في الشبه والإشكالات، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال، سأل بُكير نافعًا مولى ابن عمر: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ قال: "يراهم شرار خلق الله، إنهم انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين".
ومن أمثلة ذلك قول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [سورة المائدة 5/93]، فبعض الناس يفهم أن ظاهر هذه الآية يدل على إباحة الخمر؛ لأن الله رفع الجناح عن المؤمن فيما طعم إذا هو اتقى الله تعالى، لكن سبب النزول يدل على المعنى المراد، فعن الْبَرَاءِ قَالَ: مَاتَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَلَمَّا حُرِّمَتْ الْخَمْرُ قَالَ رِجَالٌ: كَيْفَ بِأَصْحَابِنَا وَقَدْ مَاتُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ؟ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..}(17).
فمعرفة سبب النزول يدلك على المعنى الصحيح، وليس معنى سبب النزول أن الآية مقتصرة على الأشخاص الذين نزلت فيهم، بل هي تتناولهم وتتناول من كان في منزلتهم.
الركن الثالث: معرفة اللغة العربية.
القرآن نزل بلسان عربي مبين، فمن أراد أن يفهمه حق الفهم فإنه محتاج إلى معرفة اللغة العربية، ومعرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل.
وبناء على ذلك فإذا أردنا تفسيرًا يكون معنا دائمًا، ويرشدنا إلى المعنى الصحيح في الجملة، فإننا نختار من التفاسير ما تكون له عناية بهذه الأمور الثلاثة؛ مثل تفسير ابن كثير، وتفسير ابن سعدي، وهذان التفسيران يعينان على فهم المعنى.
وهناك تفاسير معاصرة جيدة، فيها ترتيب وتنسيق، فتذكر معاني الكلمات، ثم المعنى الإجمالي، ثم تذكر الفوائد من الآيات كتفسير وهبة الزحيلي، وتفسير الجزائري، وكلها إن شاء الله فيها خير ونفع.
والتفاسير بحمد الله كثيرة، وجميعها مشتملة على أمور نافعة، لكن بعضها قد يكون لصاحبة اعتقادات فاسدة ربما أفسد عليك المعنى وأنت لا تشعر، أو دلك على معنى باطل، وبعضها مطول، فتراه يطيل النفس في مباحث لغوية، أو أصولية، أو فقهية، أو يحكي إسرائيليات لا حقيقة لها، لكن إذا كنت تريد أن تعرف معنى بعض الآيات على التفصيل، وترى ما قيل في معناها، فإنك ترجع إلى هذه التفاسير، وترى كلام أهل العلم.
2- اشتغل بالنافع المفيد، ودع ما لا فائدة فيه:
يقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}.
فالمسؤول عنه في هذه الآيات هو الأهلة، لكن لم يذكر الله تعالى عن أي شيء سألوا، فربما سألوا عن سبب كونها تبدو أول الشهر هكذا، ثم تكبر، أو سألوا عن فائدة كونها كذلك، أو سألوا عن الهلال ذاته كيف هو، فجاء الجواب ببيان الفائدة من الأهلة، وهو أنها دلائل يستدل بها الناس على الأوقات.
فإذا قرأت سورة الكهف مثلاً، فلا تشغل نفسك بتفاصيل القصة التي لم يذكرها القرآن مما لا فائدة منها، كلون كلبهم، ومكان وجودهم، وعددهم، ونحو ذلك، ولكن تأمل ما في القصة من الحكم والمواعظ، من قدرة الله وعجيب تصريفه للأمور، و حفظه لعباده المؤمنين، ورفعه لدرجاتهم، وأنه يحيى الموتى، وغير ذلك من فوائد القصة، وقد علمنا الله هذا الأدب في نفس السورة حين قال: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً (22)} [سورة الكهف 18/22]، أي: لا تجادل أحدًا في عددهم إلا أن يكون كلامك مبنيًا على العلم واليقين، أما المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب، أو التي لا فائدة فيها فلا تشغل وقتك بها، ولا تسأل أحدًا منهم عن عددهم؛ لأنهم يتكلمون بغير علم ويقين.
وهكذا في غير ذلك من الآيات...
3- تحريك القلب وشغله بالتفكر في معنى ما يلفظ به اللسان، فيتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد في قلبه قبولها، والعمل بها، ويستغفر الله عن التقصير في امتثالها، وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، كقوله: {والسابقون السابقون، أولئك المقربون} فيقول: اللهم اجعلني من السابقين، وإذا مر بآية عذاب أشفق وتعوذ، كقوله: {يوم تقلب وجوههم في النار} فيقول: أعوذ بالله من عذاب النار، اللهم نجنا من عذاب النار، وإذا مر بآية فيها دعاء تضرَّعَ وطَلَبَ، كقوله تعالى: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}، فيسأل الله تعالى ذلك، وهكذا كان النبي صلى الله يفعل، كما أخرج مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، ثم النساء، فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.
وروى أبو داود والترمذي بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فَلْيَقُلْ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فَانْتَهَى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى؟} فَلْيَقُلْ بَلَى، وَمَنْ قَرَأَ {وَالْمُرْسَلَاتِ..} فَبَلَغَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فَلْيَقُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ)).
4- معرفة المقاصد الأساسية، والأمور المهمة التي ركز عليها القرآن، وأكثر من بيانها.
ففي القرآن مواضيع فصل فيها، وأوضحها، وأعادها، فينبغي الاهتمام بهذه الأمور والعناية بها، وفهمها حق الفهم، والمتأمل في القرآن يجده مثلاً قد أكثر من تقرير التوحيد، ونفي الشرك، وأخبر أن جميع الرسل دعوا الناس إلى عبادة الله وحده ولا شريك، وأن الدعاء إنما يتوجه به إلى الله، وسائر الأعمال الصالحة، فيدل هذا على أهمية هذا الموضوع، وعظيم خطره، ووجوب فهمه حق الفهم.
ونجد أن الله بين في كتابه أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأن سعة الرزق فيها لا يدل على صلاح ومحبة من وسع له، وأنها قد زينت بأنواع الزينات، لكي يظهر الصادق في الإيمان بالله من الكاذب، ومن يشتري ما عند الله بهذه الدار الفانية.
وكذلك نجد أن الله بين في كتابه كثيرًا من أحكام الأسرة، فيما يتعلق بالعشرة، وحقوق الزوجين على بعض، وأحكام الطلاق، وما يجب للمطلقة من الحقوق، وما يجب عليها، فيدلنا ذلك على أهمية بناء المجتمع من هذه الناحية، وأن معرفة أحكام الله في ذلك سبب قوي لبناء مجتمع صالح.
ومما يعينك على هذا أن تجمع الآيات التي تحدثت عن موضوع واحد، وتنظر في دلالتها، وتقارنها بالأحكام الأخرى.
5- معرفة العلاقة بين أسماء الله الحسنى، والآيات التي وردت فيها.
كثيرًا ما يختم الله بعض الآيات باسم من أسمائه، وعند التأمل تجد علاقة واضحة بين المعنى الوارد في الآية، ومعنى الاسم الذي وردت فيه، فآية الرحمة مختومة بأسماء الرحمة، وآيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزة والقدرة والحكمة والعلم والقهر، ويحكى أن أعرابيًا كان يستمع لقارئ، فقرأ قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [سورة المائدة 5/38]، فأخطأ القارئ فقال: والله غفور رحيم، فاستنكر الأعرابي ذلك، ولم يقتنع بأن الله أنزل هذا، فاستدرك القارئ فوجد أنه قد أخطأ، فأعادها على الصواب، فقال الأعرابي: الآن نعم، عز فحكم فقطع.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} [سورة البقرة 2/32]، فلما اعترف الملائكة بعجزهم، وقصور علمهم أمام علمه وحكمته ختم الآية بما يناسب ذلك.
وقوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}، وقوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}.
وقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)} [سورة النساء 4/17]، فختم جل وعلا هذه الآية بهذين الاسمين ليبين أنه يعلم الصادق في توبته، والذي يكون في قلبه خوف ورغبة ورهبة، ولكن الشيطان أغواه، والنفس الأمارة بالسوء زينة له، فوقع فيما يغضب الله، ممن كان كاذبًا، فليس في قلبه شيء من ذلك، وأنه حكيم في توفيقه للتوبة من يستحقها، ويبادر إليها إذا تهيأت له أسبابها، وحرمانه من لا يستحقها؛ لأنه وإن سنحت له فرصة التوبة لم يبادر لها، كما قال تعالى: {ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}
6- التفكر في لوازم المعنى الذي فهمته.
إذا فهمت معنى الآية فهمًا صحيحًا فتفكر في الأمور التي يتوقف عليها هذا المعنى، ولا يحصل بدونها، وما يشترط لها، وكذلك تفكر فيما يترتب على هذا المعنى، وما يمكن أن يتفرع منه، وينبني عليه.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق...} فإيجاب الوضوء يستلزم طلب الماء، والسعي في حصوله، من شراء وغيره، وهذه أفعال معتادة للإنسان قد يفعلها وهو لا يشعر بثوابها، ولكن إذا تأمل أنها وسيلة للوضوء ونوى الثواب فيها من الله فإن الله يثيبه، فيثيبه على الشراء، وعلى سعيه في الحصول على الماء.
وقوله تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} فهذه الآية تأمرنا أن نحكم بين الناس بالعدل، ويدخل في هذا صغير الأمور وكبيرها، فكل شيء أردنا أن نحكم فيه بين اثنين أن نعدل، والعدل مبني على العلم، فلا يمكن أن تحكم بالعدل وأنت جاهل، فالآية تأمر إذًا بالعلم في كل أمر أردت أن تحكم فيه، فإن كان الحاكم عامًا فلا بد أن يكون عنده من العلم ما يؤهله للحكم، وإن كان الحاكم خاصًا في بعض الأمور كالشقاق بين الزوجين مثلاً، فينبغي أن يكون عارفًا بما يصلح أن يحكم فيه بينهما، ويكون عنده من المعرفة بمشاكل الأزواج، ونفسياتهم، وطرق حل المشاكل الزوجية ما يعينه على ذلك.
وقوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)} [سورة النمل 27/34]، فالله صدق بلقيس وهي كافرة لما قالت كلمة حق وصدق، حيث قالت: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال الله تعالى مصدقًا لها في قولها: {وكذلك يفعلون}، فنفهم من هذا أن من جاء بالحق قبلنا منه ذلك، ولو كان فاجرًا، أو كافرًا.
قال الشاعر:لا تحقرن الرأي وهو موافق *** حكم الصواب إذا أتى من ناقص
فالدُّرُّ، وهو أعز شيء يُقتنى *** ما حَطَّ قيمتَه هوانُ الغائــص(18) ومن الأمثلة: ما رواه أبو معشر نجيح قال: سمعت سعيد المقبُري يذاكر محمد بن كعب القُرَظي، فقال سعيد: "إن في بعض كتب الله: إن لله عبادًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبِر، لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، قال الله: على تجترؤون، وبي تغترون؟! وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران"، فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله، فقال سعيد: وأين هو في كتاب الله؟ قال: قول الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}، قال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت؟ فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد(19).
7- الحذف يفيد تعميم المعنى المناسب (20).
في بعض الآيات يذكر الله تعالى فعلاً من الأفعال، أو ما في معنى الفعل، ثم يحذف متعلقه، فيفيد ذلك تعميم المعنى المناسب للمقام.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر} فحذف المتكاثر به؛ ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة، من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والدور والقصور، والأولاد، والعلم الذي يراد به الترفع على الناس لا العمل به.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201)} [سورة الأعراف 7/201]، فهم مبصرون ماذا؟ سكت عن ذلك وحذفه؛ ليفيد أنهم أبصروا من أين جاءهم مس الشيطان، والأمر الذي يكون به التخلص من الذنب، وحقيقة الشيطان وحرصه على إغوائهم، وأنه لا يصلهم منه إلا الشر.
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [سورة البقرة 2/183]، تتقون ماذا؟ حذفه ليفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، فتتقون ما حرم عليكم بسبب الصيام، وما حرم عليكم في غير الصيام، وتتقون الأخلاق السيئة، وتقومون بالحقوق الواجبة، وقل ما شئت من الحكم..
8- الإعجاز العلمي وفهم المعنى.
يراد بالإعجاز العلمي الاكتشافات الحديثة في الكون والطب والغذاء ونحو ذلك، وربط هذه الاكتشافات بدلالات النصوص، وتفسير القرآن بها.
ومما لا شك فيه أن المعنى المقصود من كلام الله في كتابه يظهر بدون حاجة إلى هذه المكتشفات، وقد فهم الصحابة ومن بعدهم كتاب الله حق فهمه، وقاموا به على أكمل وجه، ولم يعرفوا مثل هذه الأمور، لكن الناس انقسموا في الإعجاز العلمي إلى ثلاثة فرق:
الفريق الأول: رد ذلك مطلقًا، ولم ير صحة ربط النصوص بهذه الاكتشافات، ولم ينظر إليها نظر اعتبار، ورأى أنها تفسد المعنى؛ لأن الاكتشافات مبنية على الملاحظة والتجرية، وقد تصيب وتخطئ، فربما كان هذا الاكتشاف خطأ فنحمل عليه المعنى في كتاب الله، ثم يتبين خطؤه، فيكون ذلك سببًا في الطعن في القرآن.
الفريق الثاني: اعتمدوا على هذه الاكتشافات والاختراعات اعتمادًا كليًا، وأبطلوا كل ما يخالفها، وجعلوا ذلك دليلاً على إعجاز القرآن، وأنه من عند الله، بل إنهم إذا لم يستطيعوا التوفيق بين المكتشف الحديث، وبين دلالة الآية تأولوا الآية بتأويل بعيد، حتى يتوافق مع ما قرره لهم البحث المعاصر.
الفريق الثالث: توسط في هذا الجانب، ورأى أن الاكتشافات الحديثة إذا صحت فإنها تعين على فهم بعض الآيات، وترشد إلى المعنى المراد مما ذكره أهل العلم قبل ذلك، ولكنهم لا يتعلقون بها تعلق الفريق الثاني، ولا ينكرونها إنكار الفريق الأول، ويستخدمونها سلاحًا للدعوة، ويقولون: إن كان ما دل عليه الاكتشافات الحديثة مما لا يخالف ما فسر أهل العلم به كتاب الله، إما لأنه وجد ما يدل عليه من كلامهم، أو أنه يدل على معنى جديد لا يصادم كلامهم، فهو مقبول، وإن كان يخالف ما فسره به السلف فإنه لا يقبل.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقًا من بعد خلق في ظلمات ثلاث}؛ فإن العلم الحديث اكتشف هذه الظلمات، وهي موجودة في كتاب الله تعالى.
وقوله تعالى: {أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ (10) جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ (11)} [سورة ص 38/10-11].
قال الشنقيطي في أضواء البيان(21): "يفهم منه أن لو تستطيع جند من الأحزاب الارتقاء في أسباب السماء، أنه يرجع مهزومًا صاغرًا داخرًا ذليلاً...
ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء، بل عبارات العلماء تدور على أن الجند المذكور هو الكفار الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم سوف يهزمهم، وأن ذلك تحقق يوم بدر، أو يوم فتح مكة، ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه، وعجائبه وغرائبه متجددة على مر الليالي والأيام...، ولا مانع من حمل الآية على ما حملها عليه المفسرون، وما ذكرنا أيضًا أنه يفهم منها؛ لما تقرر عند العلماء من أن الآية إن كانت تحتمل معاني كلها صحيح تعين حملها على الجميع".
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله...
وكتبه: عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين.
---------------------------------
(1) رواه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في ذهاب العلم، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ نَحْوُ هَذَا وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ورواه الدارمي في مقدمة سننه، أو مسنده عن أبي الدراداء.
ورواه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم، وأحمد في المسند عن زياد بن لبيد.
ورواه أحمد في المسند عن عوف بن مالك الأشجعي.
(2) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه، وأبو داود في كتاب الصلاة باب ثواب قراءة القرآن، واللفظ له، وأحمد في المسند.
(3) انظر: الموافقات (4/147- 148).
(4) انظر: القواعد الحسان لابن سعدي القاعدة الرابعة والثلاثون.
(5) تفسير ابن سعدي عند هذه الآية.
(6) رواه ابن جرير في تفسيره (1/57).
(7) انظر: الإتقان في علوم القرآن (3/105).
(8) رواه البخاري ومسلم.
(9) انظر: فتح الباري الحديث رقم (6056).
(10) رواه البخاري ومسلم.
(11) إعلام الموقعين (1/87).
(12) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ما جاء فيمن يفسر القرآن برأيه، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أحمد في المسند.
(13) انظر: مقدمة ابن تيمية في التفسير، مجموع الفتاوى (13/374).
(14) انظر: فتح الباري، الحديث رقم 7649.
(15) انظر: مقدمة ابن تيمية في التفسير (43).
(16) انظر: تفسير ابن كثير (1/13، تحقيق: الحويني).
(17) رواه الترمذي كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أحمد.
(18) انظر: أضواء البيان (1/4).
(19) انظر: تفسير ابن جرير (4/31)؛ تفسير ابن كثير (1/246).
(20) انظر: القواعد الحسان، القاعدة 14.
(21) (3/124) في تفسير سورة الحجر.