شبهت مجلة "الإيكونومسيت" البريطانية اللغة العربية الفصحى فى العالم العربى المعاصر باللغة اللاتينية فى أوروبا إبان العصور الوسطى إذ باتت وحدتها محصورة على الكتابة والدرس ولكنها تشعبت على شفاه المتحدثين إلى لغات ولهجات تبدو جد متباينة.

وعزت - فى تعليق على موقعها الإلكترونى - بقاء رونق اللغة العربية الفصحى إلى القرآن الكريم الذى حافظ عليها على مدار أكثر من 1400 عام.

ولأن كافة اللغات المنطوقة تتغير بتغير الزمن، فإن اللغة التى بات يتحدث بها العرب فى البيوت والشوارع قد أصبحت مغايرة على نحو كبير للغة العربية قبل 14 قرنا، بحسب المجلة.

ولكن بينما تمايزت اللغة اللاتينية فى أوروبا العصور الوسطى إلى لغات تمايزت بعد ذلك عن بعضها البعض كالفرنسية والبرتغالية على سبيل المثال، إلا أن العرب لم يتفقوا بعد بشأن كيفية وصف اختلافات اللغة العربية اليوم.

ونوهت عن تسمية العرب لتلك الاختلافات اللغوية المنطوقة بـ"اللهجات" على الرغم من انعدام أرضية متبادلة من التفاهم بين تلك اللهجات التى يرى بعض اللغويين أنها لغات مختلفة، غير أن العرب لا يزالون مصرين على أن اللغة العربية هى لغة واحدة "ذات تنوع محلى".

وأشارت "الإيكونوميست" إلى أن الإنسان العربى فى ريف المغرب لا يستطيع إجراء محادثة مفهومة باللغة العربية مع ريفى عراقى، كما أن شخصا يسكن الحضر فى الجزائر قد يناضل معانيا الصعوبات لإجراء محادثة مع حضرى أردنى، لكنهما قد يجدا سبيلا إلى ذلك عبر جرعة ثقيلة من اللغة العربية الفصحى لإزالة ما قد يعترض طريق محادثتهما من لبس وغموض، وربما لجأا أيضا فى سبيل جسر الفجوات بين لهجتيهما إلى استخدام لهجة أكثر شيوعا، لا سيما اللهجة المصرية التى ساعد التليفزيون والراديو على شيوعها فى أنحاء العالم العربى.

ولفتت المجلة إلى أن كافة العرب المتعلمين يدرسون لغة القرآن التى يسميها اللغويون "اللغة العربية المعيارية"، وهى لغة الأحاديث السياسية ونشرات الأخبار وكافة الكتابات تقريبا، لكن أحدا لا يستخدمها عفويا فى السوق أو على مائدة الطعام، بل إن الغالبية تعانى لكى تكتبها على نحو صحيح، بحسب المجلة.

وأعادت "الإيكونوميست" إلى الأذهان بعض محاولات المفكرين القوميين لتدوين لغة عربية "مركزية" تكون وسطا.. لغة قائمة على معايير مكتوبة لكن بدون تعقيدات غير ضرورية.. لغة تتضمن كافة ملامح اللهجات الأكثر شيوعا بحيث تكون مقبولة لدى الجميع.

ولكن هذه المحاولات لم يقيض لها النجاح، وقد خفت نجم القومية العربية أمام القوميات المحلية والوحدة الإسلامية والطائفية بين السنة والشيعة وغيرها من الاتجاهات، بحسب المجلة.