دشنت هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، اليوم، الطبعة الجديدة من كتاب "فنجان قهوة: الإمارات فى ذاكرة أبنائها" للباحث الإماراتى عبد الله عبد الرحمن، فى احتفالية كبيرة أقيمت فى منارة السعديات فى العاصمة الإماراتية، بحضور أكثر من 100 مثقف وفنان إماراتى.

ويُعدّ الكتاب مرجعا هاماً بأجزائه الثلاثة، حيث يرصد فيه الكاتب تفاصيل الحياة فى الإمارات فى فترة مبكرة من عمر الدولة، ويستدعى فيه شكل الحياة قبل نحو مائة عام من اكتشاف النفط، عبر حوارات معمّقة مع رجال ونساء كبار فى السن عاشوا فى مختلف نواحى البلاد.

ولأول مرة تترافق الطبعة الجديدة لمجموعة من المختارات النموذجية من التسجيلات الصوتية لنخبة من التسجيلات الصوتية مع الرواة الذين قابلهم المؤلف لجمع مادة الكتاب، منشورة تحت السلسلة المعروفة ب"الكتاب المسموع"، وهى لقاءات ممنتجة وفق أحدث التقنيات الفنية والإخراجية مع مؤثرات صوتية طبيعية ومن الفنون الشعبية والأغانى والنهمات التراثية.

وتتوفر التسجيلات الصوتية على أقراص مدمجة، وتحتوى على 26 ساعة صوتية ل 18 راوياً تمّ تسجيلها فى مطلع الثمانينات من القرن الماضى، وقد توفى أغلب هؤلاء الرواة.

بدأ الحفل بفيلم قصير من إنتاج الهيئة عن الكتاب، الذى بدأ كسلسلة مقالات صحفية ميدانية نشرها الكاتب فى جريدة الاتحاد فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى تحت عنوان "فنجان قهوة"، ثم طبعت المقالات مجتمعة فى كتاب تحت نفس الاسم عام 1989 عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وطبعت الطبعة الثانية ندوة الثقافة والعلوم فى دبى عام 1995، بينما تتولى هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة إصدار الطبعة الثالثة المحدثة مع التسجيلات الصوتية.

وقال جمعة القبيسى المدير التنفيذى لقطاع المكتبة الوطنية بهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، فى كلمته خلال الحفل "فى عام 2009 وقعت دار الكتب الوطنية فى هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة، اتفاقية مع الباحث والصحفى المعروف عبد الله عبد الرحمن، لحفظ الأشرطة الصوتية والصور التى شكَّلت تجربته فى الزاوية الصحفية الشهيرة "فنجان قهوة" وها نحن اليوم نجنى ثمار هذه الاتفاقية بإعادة إصدار كتابه المرجعى "الإمارات فى ذاكرة أبنائها" بأجزائه الثلاثة، ويرافقها لأول مرة "كتاب مسموع" يضمُ نخبةً من التسجيلات الصوتية الممنتجة مع رواة من جيل الأجداد، يقدمون صورةً بانوراميةً واسعةً وحقيقيةً عن إنسانِ المكان".

وأضاف القبيسى، "أنَّ إعادة إتاحة هذا الكتاب الهام للقراء مرة أخرى بعد نفاد طبعاته السابقة، ومع طرح نسخة مسموعة منه يُعدُّ خطوةً نوعيةً باتجاهِ تحقيق المسئولية الوطنية التى تتحملها دار الكتب الوطنية تجاه المجتمع، فالعمل على حفظ ذاكرة المكان ونقلها إلى الأجيال الجديدة، والبحث فيها من أولى أولوياتنا ونحن نضع أسس جديدة للعمل فى عالم صناعة الكتاب وتشكيل الوعى المعرفى".

واعتبر القبيسى، أن الكتاب يعد "دليلاً آخراً على ثراءِ التراث الثقافى فى الإمارت، حتى فى الأزمنة التى تعاظم فيها الفقر والمرض والاستعمار، حيث انطلق الجيل المؤسس للبلاد من فهم عميق للحياة وتمكَّنوا من بناءِ دولة الاتحاد على أسس من الرقى والحداثة، فلا يُمكن القبول بأنّ ما نحن فيه اليوم آت من فراغ أو فقط فورة وانتهت.

لقد عايش آباؤنا وأجدادنا واقعاً صعباً، لكنّهم تمكّنوا من خلق واقعاً جديداً لنا بما تيسر لهم من خبرة واسعة جاءت من مُعاركة للحياة، ومهمتنا اليوم أن نسجِّلَ كل هذه الوقائع والحقائق والمعايشات، والحروب الصغيرة من أجل البقاء وننقلها إلى الأجيال القادمة التى لم تعرف عن شظف العيش شيئا".

وأكد القبيسى فى ختام كلمته على "التزام هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة تجاه الكاتب والمؤلف والباحث الإماراتى، ضمن خطة عمل ممنهجة ومدروسة، نقدم من خلالها الدعم والتشجيع والتوجيه للمبدع الإماراتى قبل غيره، لنمضى معا فى رصد تراثنا الشفاهى وتسجيله وحفظه والبحث فيه، فلا يمكنا تحقيق منجزاً ثقافياً حقيقياً بمعزل عن مبدعينا الأقدر على تتبع التغيُّرات التى تحدث حولنا، وهى قراءة تفضى إلى المستقبل حتماً".

بعد ذلك قامت الإعلامية بروين حبيب بإدارة حلقة نقاشية مع المؤلف عبد الله عبد الرحمن وسعادة جمعة القبيسى، حيث أجابا على أسئلة تتعلق بأهمية الكتاب وأهمية تدوين ما يحمله الرواة فى صدورهم، باعتباره تاريخا للناس والمكان.

وقام المؤلف بتوقيع كتابه وإهدائه للحضور قبل قيامهم بجولة على المعارض التى تحتضنها منارة السعديات.