«إعلانات الفرجة».. أحدث طرق النصب عن طريق الإنترنت






ملاك أسعد أحد ضحايا التسويق الشبكى

«هل سمعت عن أشخاص يعملون على الإنترنت ويربحون الآلاف؟ هل فكرت يوماً ببدء عملك الخاص على الإنترنت؟ اشترك فى «My Right Ad». وشاهد إعلانات على موقعنا واضمن مرتباً ثابتاً يصل إلى 150 دولاراً أسبوعياً» رسالة مقتضبة عن فرصة للاستثمار بإحدى شركات التسويق الشبكى لمعت لها عينا مدحت شوقى، فلم يتردد فى الاتصال بصديق له مشترك بالشركة ذاتها وأخبره عن رغبته فى استثمار 15 ألفاً من الجنيهات؛ ليكتشف بعد مرور أقل من شهرين أنه وصديقه وقعا ضحيتين لـ«عملية نصب»، على حد تعبيره.

«كل الحكاية أنك ستدفع 500 دولار ثمناً لحساب «أحادى» يتم إنشاؤه لك على الموقع، ثم تدخل بذلك الحساب وتشاهد 5 إعلانات أسبوعياً لتحصل على مرتب ثابت مقابل مشاهدتك للإعلانات الخمسة، أو تدفع 2000 دولار مقابل إنشاء حساب «ثلاثى» يضمن لك 6000 جنيه مصرى مقابل مشاهدة عدد أكبر من الإعلانات» هكذا يبسط مدحت كيف يمكنك استثمار أموالك فى التسويق الشبكى فقط تدفع لتشاهد إعلانات ثم تتقاضى مقابلاً لمطالعة تلك الإعلانات.

قواعد الشركة: ادفع 500 دولار اشتراكاً وشاهد 5 إعلانات أسبوعياً واحصل على راتب أسبوعى 50 دولاراً

كريم عاطف، مهندس، يشرح كيف وقع هو الآخر ضحية لنظام التسويق الشبكى عن طريق مشاهدة الإعلانات قائلاً «الفكرة كانت جديدة، فالمعروف عن شركات التسويق الشبكى المنتشرة فى مصر مثل شركة Qnet أنها تبيع لك منتجات الشركة لكى تشترك فى شبكتها، ويكون من الضرورى أن تقنع غيرك بشراء منتجات والاشتراك لكى تحصل على عمولة وتعوض ما دفعته، أما الشركات الحالية ومنها شركة Global Ad. Mart، التى اشتركت بنفسى فيها، لا تبيع لك منتجات وإنما تبيع لك كروتاً، ككروت الشحن، يمكنك بها عمل حساب على موقعها الإلكترونى بسعر 500 دولار أو 1300 دولار؛ وبعدها تشاهد الإعلانات التى تُعرض على الموقع أسبوعياً، ويكون لك حينها دخل ثابت دون الحاجة أو الضرورة لإقناع غيرك بالاشتراك فى نفس الشبكة، فعمولتك مضمونة وثابتة وقد تزيد لو قمت برضاك بإقناع آخرين بالاشتراك».




اقتنع كريم بفكرة التسويق الشبكى القائم على «مشاهدة الإعلانات» فكما يقول «الشركات المُعلنة تتحمل تكاليف باهظة جداً مقابل الإعلان عن منتجاتها على التليفزيون بحيث تتعدى قيمة الإعلانات فى القنوات التليفزيونية مئات الآلاف من الجنيهات، ورغم هذه التكلفة فإن الإعلانات المتلفزة لا تصل إلى المستهلك المستهدف بالشكل المطلوب، فمنطقى أن تسعى الشركات المُعلنة لفتح مسارات جديدة للإعلان، ومنها أن تدفع لمواقع التسويق الشبكى مبالغ من المال مقابل الإعلان عن منتجاتها، ونحن من يشاهد هذه الإعلانات عبر حساباتنا مدفوعة الثمن فنحصل على نسبة من قيمة الإعلان، وتستفيد الشركة المُعلنة بأنها استهدفت جمهوراً لديه قدرة شرائية أعلى، وكذلك تستفيد شركة التسويق الشبكى بقيمة الإعلان المتعاقد على نشره بشكل أسبوعى.. الفكرة كانت مقنعة، لكن فى النهاية اكتشفنا أنها عملية نصب ممنهجة».

فى البداية أثيرت التساؤلات حول وجود موانع «شرعية» قد تشوب هذا الشكل من التسويق الشبكى، حيث قامت إحدى المشتركات بالتواصل مع لجنة الفتوى بالشرقية لسؤالهم عن شركة تعمل فى مجال التسويق الشبكى تسمى (لوكال آد كليك)، وبعدما عرضت السائلة الفكرة التى تقوم عليها هذه الشركة أفتت لجنة الفتوى بأنه «ليس هناك مانع شرعى من هذا التعامل.. بشرط أن يكون هذا العمل مباحاً ولا يدخل فى ذلك تدليس وألا يكون مضيعة للوقت والعبادة».

استفادت شركات التسويق الشبكى من «فتوى لجنة الفتوى بالشرقية»، وقامت بإعادة نشر صورة لهذه الفتوى مروجة لنفسها بها. الفتوى كانت صادرة بتاريخ 29 نوفمبر 2012، قبل شهور من اكتشاف المشتركين حقيقة المنظومة التى يتعاملون معها.

وسطاء شركتى «جلوبال آد مارت» و«ماى رايت» استولوا على ملايين الدولارات من المشتركين المصريين

اتصلت «الوطن» بلجنة الفتوى بالشرقية، الجهة التى صدرت عنها الفتوى، وأكد الشيخ السيد السيد أحمد، رئيس اللجنة، أن «اللجنة أصدرت فتوى تالية تفتى بـ«حرمة» هذا الشكل من التعامل لأنه قائم على التدليس والنصب والخداع، لكن القائمين على هذه الشركات لم ينشروها كما نشروا الفتوى الأولى، وقد تراجعنا عن الفتوى الأولى بشكل واضح».

تراجعت لجنة الفتوى عن فتواها، ولم يتراجع المئات أو عشرات الآلاف من التعامل مع شركات التسويق الشبكى ذاتها، يقول «م. م» أحد المشتركين فى شركة جلوبال آد مارت، إن «هناك أكثر من شركة من هذا النوع منها جلوبال آد مارت، وماى رايت آد، وغيرهما؛ وشركة جلوبال آد التى كنت مشتركاً بها كان اسمها فى البداية «لوكال آد» لكن عندما تعثرت غيرت اسمها إلى جلوبال آد ومارست نفس أساليب النصب بضم مشتركين جدد كل واحد منهم دفع مئات الدولارات ووصل عدد المشتركين إلى 200 ألف مشترك على الأقل».

يقول «م. م» عن شركة جلوبال آد مارت «هناك مديرون كبار لشبكة الشركة فى مصر، هؤلاء المديرون أقنعونا أن شركة جلوبال آد عالمية ومقرها الرئيسى فى الهند، وأن مؤسسها رجل أعمال كندى استرالى، وكانت لدى قادة الشبكة فى مصر الليدرز أساليبهم فى إقناع الناس فى الاشتراك، فالمشترك مثلاً يدفع 500 دولار ويحصل على 50 دولاراً كل أسبوع بعد مرور شهر على بقائه فى الشركة مقابل مشاهدته للإعلانات، وقد يصل مرتب المشترك إلى 700 دولار أسبوعياً لو أقنع 28 شخصاً بالاشتراك فى شبكته، لا يوجد شخص يكره المال.. لذا اشتركنا».

فى البداية لم تقتنع أسرة «م. م» بفكرة الشركة التى اشترك فيها، إلا أن أسرته وأصدقاءه وكثيراً من معارفه تهافتوا على الاشتراك بعدما وجدوه يحصد راتباً ثابتاً من الدولارات، وقام هو الآخر بضم أكثر من 400 شخص فى شبكته ليضمن لنفسه أكبر ربح أسبوعى، «أقنعت ستة أو سبعة أشخاص بالاشتراك، وهم أقنعوا المئات واتسعت الشبكة بشكل ضخم خلال شهرين لتضم حوالى 400 شخص».

يقول «م. م» إن «شركة جلوبال آد مارت تنظم أعضاءها فى مصر داخل شبكتين الأولى اسمها شبكة «blue ocean» وتصب عند أحد وسطاء الشركة وهو شخص يُدعى «أيمن محمد سليمان» وهو من أدخل فكرة الشركة من السودان، والشبكة الثانية اسمها «freedom» وتصب عند وسيط آخر للشركة وهو شخص ثانٍ يُدعى «مراد وحيد»، وقد ظهرت مؤخراً شبكة ثالثة اسمها «big brothers» انحدرت عن شبكة أيمن محمد سليمان، وكانت تصب عند شخص سودانى اسمه الصادق أحمد حسين.. أنا كنت مشتركاً فى جروب أيمن سليمان جروب بلو أوشن وكان هناك أسماء كبيرة شاركت فى ضم المئات أشهرهم المطرب حاتم فهمى، وآخرون منهم أيمن فوكيه، ومحمد عبدالمنعم، وغيرهم».

لاحظ كريم عاطف، المهندس الذى وقع ضحية لشركة جلوبال آد، مدى هشاشة الموقع الإلكترونى المفترض أنه تابع للشركة: «تصميم الموقع كان ضعيفاً ودرجة الحماية فيه من «الهاكر» كانت متدنية جداً، ودى تفاصيل يمكن لأى مهندس كمبيوتر ملاحظتها بمجرد النظر، الموقع نفسه كان غاية فى الهشاشة فكان دائماً ما يسقط يوم نزول الإعلانات، وقتما يدخل عليه كل المشتركين لمشاهدة الإعلانات، المواقع القوية لا تسقط بزيادة أعداد المشتركين، كان واضحاً من البداية أن الشركة لم تُكلف نفسها ثمن موقع جيد، ما يعنى أنها تسعى لجمع المال من المشتركين فقط، وهو ما ثبت لنا لاحقاً عندما وقعت الشركة».

ضمن الإعلانات التى يشاهدها المشتركون، لاحظ «م. م» وجود إعلان عن منتجات إحدى شركات السيراميك المصرية، هذا ما زاد ثقته فى الشركة؛ حيث يقول «وقتها استقر لدى أنه لا توجد أى خطورة على أموالى، لأن عرض إعلان مصرى يعنى أن الشركة التى أُشيع أن مقرها الرئيسى فى الهند تعاقدت مع شركة السيراميك المصرية لتعرض الأخيرة إعلاناً عن منتجاتها».

كيف وقعت الشركة؟ هذا ما يجيب عنه «م. م» الذى أوضح أن الأمور كانت على ما يرام إلى أن «سقط الموقع، وقيل لنا إن هناك «هاكرز» يقومون باختراق الموقع، أسبوع بعد أسبوع كنا نشاهد الإعلانات ولا نحصل على الراتب الأساسى الأسبوعى، شاهدنا عدداً كبيراً من الإعلانات ولم نحصل على مقابل مشاهدة تلك الإعلانات فطلبنا مقابلة اثنين من قيادات الشبكة المدرجين بها، الأول كان أيمن سليمان نفسه، الشخص الأول فى الشبكة، وقد حضر إلى مكان المقابلة ومعه حرس شخصى «بودى جاردز»، والشخص الثانى تعامل معنا على غرار زعماء العصابات فغير مكان المقابلة قبلها بساعة وكان معه حرس شخصى كذلك، وعندما حاولوا إقناعى بالعمل على غرار شركات الريان لتوظيف الأموال بجذب مشتركين جدد لدفع مستحقات المشتركين القدامى رفضت الاستمرار فى الشركة وعملت محضراً ضد قيادات الشركة، وعرفت أن مشتركين آخرين حرروا آلاف المحاضر لنفس الأشخاص».

انتشرت أخبار شركة «جلوبال آد» فى جميع المحافظات، محمود ح. كان أحد النشطاء فى مجال التسويق الشبكى بشركة جلوبال آد فى سوهاج، ويذكر محمود أن «الشركة كانت منتشرة جداً فى كل المحافظات ومن بينها سوهاج، فقبل القبض على أحد أهم القيادات فى الشركة كان عدد المشتركين فيها من محافظة سوهاج حوالى 300 شخص، وعندما سقط موقع الشركة كان متأخراً لهم حوالى 5000 دولار لم يقبضوها بعد».

أحد المتضررين: حاولنا التفاوض مع الوسطاء لكنهم رفضوا واصطحبوا «بودى جاردات» لحمايتهم

ملاك أسعد، أحد المتضررين من شركة جلوبال آد مارت، قال «اشتركت بحساب أحادى ثمنه 500 دولار، وهناك آخرون اشتركوا بـ1500 دولار وصديق لى اشترك بـ9000 دولار، ومنهم الأطباء والمهندسون والمحامون والمستشارون.. لكن وقعت عليهم خسائر كبيرة، لكننى كنت حذراً فى التعامل فلم أشترك بمبلغ أكبر خشية أن تكون الشركة وهمية وقد كانت».

وفيما يخص شركة My Right Ad. يقول مدحت شوقى، أحد المتضررين من الشركة، «دخولى الشركة كان على أساس الثقة فيها فقد علمت أن هناك وكلاء نيابة ومستشارين ضمن المشتركين، فاشتركت بحساب ثلاثى بقيمة 2000 دولار أمريكى، وأثناء حديثى مع أحد المشتركين عرفت أنه كان مشتركاً بمبلغ 60 ألف جنيه».

وكحال جلوبال آد، فإن شركة «ماى رايت آد» كانت تنظم مشتركيها فى مصر فى شبكتين الأولى كان يترأسها وسيط للشركة بمصر يُدعى محمد حسانين، أُلقى القبض عليه بالشرقية، والشبكة الثانية كانت برئاسة وسيط ثانٍ للشركة بمصر وهو إيهاب سامى، ويقول مدحت شوقى «المشكلة أن الشركة تأثرت من ناحية بما حدث لشركة جلوبال آد، ومن ناحية أخرى فقد قام محمد حسانين، ليدر الشبكة الأولى لماى رايت فى مصر، باختلاق المشكلات أمام إيهاب سامى، ليدر الشبكة الثانية، حسانين كان يعتقد أنه بتعثر الشبكة الثانية سيخلو أمامه الطريق منفرداً لجمع الأموال من الناس، لكن المشكلة انعكست على الجميع وسقطت الشركة وضاعت أموال المشتركين، البعض يقول إن محمد حسانين وإيهاب سامى قاما بالاستيلاء على 62 مليون جنيه من المشتركين».

يذكر مدحت أن شركات التسويق الشبكى «تقوم أصلاً على أشخاص لديهم قدرات إقناعية هائلة، بإمكانهم إقناع الأشخاص أنه بإمكانهم مضاعفة رأس المال بشكل لا يمكن لأحد توقعه، فضلاً عن الأنشطة التى ينظمونها فمثلاً قام جروب فريدوم فى شركة جلوبال آد بتنظيم حفل للمغنى عمرو دياب، وهناك الكثير من الحفلات التى تزيد الثقة فى الشركة».

بعض المشتركين قاموا بتدشين صفحات تحمل اسمى الشركتين قاموا من خلالها بالترويج لنشاط التسويق الشبكى، محاولين جذب مزيد من المشتركين إلى شبكاتهم بما يضمن لهم المزيد من الربح؛ غير أن هذه الصفحات لم تلبث أن انقلبت على وسطاء الشركة فى مصر وقادة الجروبات، فقاموا بالطعن فى الشركة وفى وسطائها بمصر ليقودوا حملات لتحريك دعاوى قضائية ضد من قاموا بالاحتيال عليهم.

المصدر