على مبارك

مبارك أحد رواد التعليم في مصر
علي باشا مبارك أحد الأعلام الهامة بجمهورية مصر العربية والذي كان له دور أساسي في النهضة التعليمية بمصر، هذا بالإضافة لتأليفه للعديد من الكتب التي أثرت المكتبة العربية، وقد تم إطلاق اسم " أبو المعارف المصرية" عليه.

النشأة
ولد علي مبارك عام 1824م بقرية برنبال الجديدة من أعمال مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، لعائلة كريمة متوسطة الحال، والده هو الشيخ مبارك بن سليمان بن إبراهيم الروجي، تلقى مبارك تعليمه الابتدائي في كتاب القرية، ونظراً لتفوقه تم اختياره للتعلم في المدرسة الجهادية بالقصر العيني، ثم التحق بالمدرسة التجهيزية بأبي زعبل، التحق بعد ذلك في عام 1839م بمدرسة المهندسخانة، وقد تلقى مبارك في هذه المدرسة العديد من العلوم مثل الميكانيكا، الديناميكا، الهيدروليكا، الطبوغرافيا، الفلك، الكيمياء، الجيولوجيا.
عقب تخرجه عام 1844م، ونظراً لتفوقه ونبوغه تم اختياره للسفر في بعثة دراسية إلى فرنسا بمرافقة أنجال محمد علي باشا ومجموعة من الطلاب النابغين، وفي فرنسا قام مبارك بدراسة العلوم العسكرية لمدة خمس سنوات، فألتحق بالمدرسة المصرية الحربية بباريس، أعقبها بدراسة المدفعية والهندسة الحربية بكلية متز، ثم جاءت مرحلة من التدريب بالجيش الفرنسي، وعقب وفاة محمد علي باشا 1848م، تم استدعاء البعثة فعادوا إلى مصر.

المجال العملي
في عهد عباس باشا بدأ على مبارك مشواره العملي كمعلم بمدرسة المدفعية بطرة، ثم رقي إلى وظيفة مراقب على امتحانات الهندسة بالأقاليم، كما تم تكليفه من قبل عباس الأول هو وشخصين آخرين بمشروع لتنظيم ديوان المدارس، فكلف مبارك بنظارة المدارس والعمل على تنفيذ المشروع والإشراف عليه، وبالفعل نفذ المشروع على أحسن وجه فقام مبارك بإعادة ترتيب ديوان المدارس وعين المدرسين، كما شارك في تأليف عدد من الكتب الدراسية، وقام بتدريس عدد من المواد وغيرها من الأمور التي تعمل على الارتقاء بالتعليم في مصر.
وعند تولي سعيد باشا الحكم عام 1854م، قام بعزل علي مبارك وأرسله مع الجيش المصري إلى حرب القرم، ومكث هناك قرابة العامين، وبعد عودته لمصر تم تعينه وكيلاً في نظارة الجهادية، ثم مهندس مقيم لجزء من مصر العليا، كما ساهم في تعليم الضباط.
ومع تولي إسماعيل باشا مقاليد الحكم في مصر 1863م، عين مبارك مشرفاً على القناطر الخيرية، وتولى مسئولية إعادة توجيه مياه النيل من فرع رشيد، كما تم تكليفه من قبل إسماعيل باشا بمشروع معماري يهدف على إعادة تنظيم مدينة القاهرة، هذا المشروع الذي عمل مبارك على تنفيذه ببراعة فشقت الطرق الواسعة وخططت الميادين وشيدت المباني، ومازال وسط القاهرة يحمل ملامح هذا التخطيط الذي قام به.
هذا بالإضافة لقيام الخديوي بتكليفه بتمثيل مصر في النزاع الناشئ بين كل من الحكومة المصرية وشركة قناة السويس، فحقق النجاح في فض هذا النزاع، ليثبت مبارك مرة بعد أخرى تفوقه وتميزه.
تم تعينه بعد ذلك وكيلاً عاماً لديوان المدارس، مع استمراره في عمله كناظر على القناطر الخيرية، ثم ناظراً للمعارف عام 1868م، وناظراً للأشغال العمومية ، ثم تولى نظارة عموم الأوقاف.


جهوده في النهضة التعليمية

ظهر علي مبارك في عصر كانت الدولة المصرية فيه تنتقل إلى مرحلة أخرى أكثر تقدماً، حيث كان حاكم مصر محمد علي باشا عاكفاً من اجل إجراء إصلاحات شاملة في كافة المجالات والتي كان التعليم أحد أركانها الأساسية، فعمل على إنشاء المدارس وإرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا، وظهر عدد من رواد النهضة التعليمية في ذلك الوقت مثل علي مبارك ورفاعة الطهطاوي الذين اخذوا على عاتقهم مهمة الارتقاء بالتعليم في مصر
كان مشروع علي مبارك والذي عرف " بلائحة رجب" هو أول المشاريع الفكرية التي ظهرت عام 1868م، ويرجع تسمية المشروع بهذا الاسم نسبة إلى شهر رجب الذي انطلق فيه هذا المشروع، والتي تحددت أهدافه في نشر الكتاتيب في مصر وزيادة عدد المدارس الابتدائية، كما اهتم مبارك بإعداد المعلم، فطالب بإنشاء " مدرسة العلوم" عام 1872م، والتي هدفت إلى تخريج أساتذة للغة العربية والآداب للمدارس الابتدائية، كما قام بتأسيس دار الكتب عام 1870م، وأنشأ مجلة " روضة المدارس" على نفقة وزارة المعارف، كما اهتم بالتعليم الفني فتم إنشاء عدد من المدارس الفنية فتم إنشاء مدرسة التلغراف ومدرسة المساحة

مؤلفاته:

قدم على مبارك للمكتبة العربية العديد من المؤلفات الهامة والتي نذكر منها موسوعة " الخطط التوفيقية الجديدة" والتي تتألف من عشرين جزء قام المؤلف بتقسيمها إلى الستة أجزاء الأولى للقاهرة، والجزء السابع لمدينة الإسكندرية والأجزاء الأخرى تتناول باقي المدن المصرية ويعتبر هذا الكتاب مرجعاً تاريخياً وجغرافياً للباحثين نظراً لتناوله المدن المصرية منذ العصور القديمة مروراً بوصف لمساجدها وزواياها وكنائسها وغيرها
" تنوير الأفهام في تغذى الأجسام " تم طبعه عام 1872م، و كتاب " نخبة الفكر في تدبير نيل مصر "، "علم الدين "، وكانت أخر مؤلفاته كتاب " آثار الإسلام في المدينة والعمران "، هذا بالإضافة لعدد من الكتب المدرسية مثل تقريب الهندسة، حقائق الأخبار في أوصاف البحار، تذكرة المهندسين، الميزان في الأقيسة والأوزان

الوفاة:
توفي على باشا مبارك في 14 نوفمبر عام 1893م في منزله بمنطقة الحلمية الجديدة، متأثراً بالمرض، بعد حياة حافلة قضى جزء كبير منها في التفاني من أجل نهضة بلده