طرحت الدار المصرية اللبنانية ومكتبة الدار العربية للكتاب طبعة جديدة من رواية "زمن الضباع" للروائى أشرف العشماوى، وهى أول أعماله الأدبية التى صدرت منذ سنتين، وفى هذه الرواية يعود بنا المؤلف إلى سنوات مضت قبل ثورات الربيع العربى خاصة مصر، ويتخذ لروايته أسلوبًا أدبيًّا افتقدته المكتبة العربية كثيرًا، استلهم فيه رائعة الأدب الهندى كليلة ودمنة فاستطاع بحرفية واقتدار أن يجذب قارئها من الصفحات الأولى حتى الكلمة الأخيرة، فيظل القارئ حائرًا ومتشوقًا ومندهشًا أحيانًا كثيرة بل ومتعاطفًا مع أبطال روايته من الحيوانات حتى يكاد يراها أمامه من فرط مصداقيتها.

وإذا ما كان قراء هذه الرواية التى صدرت فى بداية عام 2011 قد تفرقوا إلى مذاهب وكل منهم فهمها على نحو مختلف وكان يقيسها على حياته الشخصية، فإن ذلك الحدث عندما يتحقق فى عالم الأدب الروائى فهو لا يعنى إلا أمرًا واحدًا: أن تلك الرواية مزيج من روعة الكلمة وجمال الأسلوب وأصالة التراث القديم وعمق الحوار ونضج المعانى.

لقد استطاع المؤلف تحريك جمع من الحيوانات المختلفة برشاقة وسلاسة ودهاء فى دهاليز وأروقة الحكم وكواليس السلطة، وكأنما يحرك مجموعة من الناس يقودون ويحكمون وآخرين من الحاشية والأتباع المستفيدين بدورهم من بقاء الضباع وأشباه الأسود فى السلطة، أما الغالبية من المحكومين والذين ربما لا تكون لهم قيمة لدى حكامهم فى الأزمنة التى حكم فيها الضباع غابة غاب عنها الأسد إلا أن قيمة رواية زمن الضباع قد زادت ثراء بأدوارهم فغيروا واقعًا كئيبًا كان يجثم على نفوسهم لسنوات طويلة.

الرواية لاقت قبولا طيبا واستحسانا منذ صدورها من النقاد والقراء وكتبت عنها العديد من المقالات والنقد الأدبى، والطبعة الجديدة تصدر فى غلاف جديد معبر تماما عن واقع غابة رمزية غاب عنها الملك التقليدى الأسد وسادتها الضباع..

أشرف العشماوى يعمل قاضيًا بمحكمة استئناف القاهرة، وصدرت له عدة أعمال أدبية عن الدار المصرية اللبنانية، آخرها كانت رواية المرشد التى طرحت بالتزامن مع معرض الكتاب فى يناير الماضى ونفدت طبعتها الثالثة منذ أيام، وأيضًا رواية تويا التى صدرت فى عام 2012، ووصلت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية، وله كتاب وثائقى مهم بعنوان سرقات مشروعة عن سرقات الآثار وتهريبها وثغرات قوانينها، ومحاولات استعادتها من الخارج منذ عهد محمد على حتى الآن من خلال عرض قصص حقيقية مصحوبة بالصور النادرة والوثائق .