اجتاح عدد من الفضائح البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، ما جعل الرئيس باراك أوباما يعمل جاهدا للتصدى لها، لانها تهدد أجندته خلال ولايته الثانية فى الرئاسة.

فبعد أن تمكن أوباما خلال الولاية الأولى من تجنب الخلافات والفضائح السياسية التى عادة ما يعانى منها الرؤساء الأمريكيون، إلا أنه يواجه الآن هجمات على عدة جبهات.

فالجمهوريون يطالبون باجوبة على الادعاءات بأن جهاز الضرائب استهدف مجموعات دعم المحافظين، كما يطالبون بالتحقيق فى الطريقة التى تعامل بها أوباما مع الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى، رافضين تصريحات الرئيس من أن الجدل حول هذه المسألة دوافعه حزبية.

كما أدى الكشف المثير الاثنين، عن أن وزارة العدل صادرت سرا سجلات لمكالمات هاتفية أجراها مراسلو وكالة اسوشيتد برس، إلى تحريك الأجواء المحمومة التى تجتاح البيت الأبيض عند تكشف فضيحة.

وما زاد من الطين بلة إعلان روسيا احتجاز أمريكى للاشتباه بأنه جاسوسا يعمل لحساب وكالة الاستخبارات الأمريكية (سى آى إيه) ما يعيد إلى الذاكرة أجواء الحرب الباردة.

وحاول أوباما الذى يشعر بالإحباط من ألاعيب واشنطن التى توعد بإنهائها عندما تولى الرئاسة، إلى الحد من الأضرار التى يمكن أن تتسبب بها هذه الفضائح الثلاث.

والاثنين وصف أوباما هجمات الجمهوريين على طريقة تعامل إدارته مع مقتل أربعة أميركيين فى بنغازى العام الماضى بأنها مهزلة، وانضم إلى الهجوم على جهاز الضرائب الذى يعد أكثر الأجهزة الحكومية المعرضة للانتقاد فى الولايات المتحدة.

وقال "لقد نفد صبرى عليه، لن احتمله"، متعهدا بالتحقيق فى أى مزاعم ضد هذا الجهاز، وقال المتحدث باسمه جاى كارنى، أن البيت الأبيض ليس له علاقة بقضية سجلات الهاتف الخاصة بوكالة أسوشيتد برس - فى إطار قضية تستهدف على ما يبدو تسريبات أمنية وطنية.

وأضاف كارنى، "نحن لا علاقة لنا بالقرارات التى تتخذ بشأن التحقيقات الجنائية، لأن هذه القضايا تتعامل معها وزارة العدل بشكل مستقل".

واستغل الجمهوريون الدراما المتعلقة بجهاز الضرائب بشكل خاص، بكل سرور حيث أحسوا بأنها يمكن أن تتضمن فضائح ستشوه صورة أوباما، رغم أن الجهاز مستقل.

وقال زعيم الأقلية الجمهورية فى مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الثلاثاء، "ما لا نعلمه فى هذه المرحلة هو ما إذا كانت هذه القضية قد تخطت حدود جهاز الضرائب لتصل إلى البيت الأبيض".

وأضاف، "من الواضح أننا بدأنا فى الكشف عن وجه هذه الفضيحة"، مطالبا أوباما بتحديد مسئول فى جهاز الضرائب يمكن أن يكشف عما يجرى فى ذلك الجهاز.

وبالنسبة للجمهوريين، فإن التكتيك واضح ويتلخص فى الربط ما بين أوباما وأى طيف لفضيحة سواء كان مسئولا عنها أم لا، وقال عضو الكونغرس الجمهورى، داريل عيسى، لشبكة سى بى إس التلفزيونية، الثلاثاء، "كيف تجرؤ الإدارة على التلميح بأنها ستحقق فى هذه المسألة؟".

وحتى الآن لا توجد مؤشرات على أى نشاط جنائى، رغم أن الجمهوريين يزعمون أن الأمور هى أسوأ من فضيحة ووترغيت التى أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون فى السبعينات.

لكن الخطر المحدق بأوباما هو أن التأثيرات السياسية للفضيحة ستعقد البداية المهتزة لولايته الثانية التى شهدت فشل مساعيه لفرض حظر على الأسلحة وتعثر خطته الاقتصادية الطموحة.

وحتى بالنسبة لإصلاحاته المتعلقة بالهجرة التى وضعها فى المرتبة الثانية من أولوياته خلال ولايته الثانية، والتى تحظى بفرص جيدة لتتحول إلى قانون، فإن أفضل تكتيك يمكن أن يستخدمه أوباما هو أن يبقى صامتا لتجنب أغضاب الجمهوريين الذين يحتاجهم لتمرير القانون.

ومع زيادة التأزم فى الأجواء، فقد امتلأ الإعلام الأميركى بالتقارير التى تشير إلى أن أوباما يواجه ما يسمى بـ"لعنة الولاية الثانية"، التى أصابت العديد من الرؤساء.

لكن ورغم مشاكله السياسية، فإن قاعدته السياسية تظل قوية، إلا أن هناك خطرا بأن أشهرا من التغطية للفضائح يمكن أن تزعزع معنويات الديموقراطيين، وتعزز معنويات الجمهوريين قبل الانتخابات النصفية فى 2014.

وحتى لو ثبت أن مسئولى البيت الأبيض لم يخطئوا، فإن الفضائح يمكن أن تستمر لأشهر، لتضعف الزخم السياسى وتشتت اهتمام المسئولين الرئيسيين وتجبر مساعدى أوباما على تعيين محامين باهظى التكاليف.

ومن المرجح أن تستمر مجموعة جلسات الكونغرس والمعلومات التى ستتكشف رويدا رويدا والتغطية الإخبارية التى تتحدث عن فضائح، فى شغل البيت الأبيض لأشهر مقبلة ما سيتسبب فى إبطاء تنفيذ خطط أوباما فى ولايته الثانية.