صدر حديثًا عن دار التنوير، الترجمة العربية الأولى لرواية "تعويذة" للشاعر والكاتب روبرتو بولانيو (1953 – 2003) وقام بنقلها إلى اللغة العربية المترجم أحمد حسَّان.

وروبرتو بولانيو ولد فى تشيلى، وعاش فى حركات الطليعة قبل أن ينتقل إلى أوروبا. نصبه الكتاب قبل وفاته بستة أسابيع، الكاتب الأمريكى اللاتينى الأوسع نفوذًا بين كتاب جيله. تزعم حركة الكتابة من سطوة الواقعية السحرية، وأعاد الاعتبار للكتاب التجريبيين الكوزموبوليتانيين أمثال بورخس وكورتاثار.
ومن مجموعاته القصصية "مكالمات هاتفية"، و"عاهرات قاتلات"، ومن الروايات "نجمة نائية"، "معزوفة ليلية لتشيلى" بالإضافة إلى روايتيه الشهيرتين "المحققون المتوحشون"، و"2666"، اللتين مثلتا معبرًا للتيارات الأدبية الجديدة، وقد نالت كل منهما العديد من الجوائز المحلية والعالمية.
كان بولانيو يود، لو لم يحترف الكتاب، أن يعمل "محقق جرائم قتل، لأكون الشخص الذى يعود وحيدًا إلى مسرح الجريمة ليلاً، غير خائف من الأشباح"، وفى الرواية الحالية، يعود إلى مرتع صباه مخاطرًا يإيقاظ كل الأشباح، ليحكى بسلاسة ولطف، حكاية جريمة ورعب، تتأمل مصائر أجيال القارة اللاتينية، يعود دون حنين زائف، ليكتب ترنيمة لأماكن وشخوص وقراءات وأجواء نضج فيها وشكلت وعيه، ترنيمة لما يمكن أن يكون وطنًا. فالوطن، بالنسبة لجواب الآفاق هذا، بعد أسرته الصغيرة، هو بعض الكتب والشخصيات والأماكن والشوارع، والعجيب أن تصبح ترنيمة الوطن مرثيةً للمنفى والغربة، لاقتلاع الجذور الأدبى والجسدى لجيل بأسره.
فى هذه الرواية، يستشف "روبرتو بولانيو" وطأة الواقع من خلال رواية نسائية على حافة الجنون، لكنها إنسانية ومسلية، تدفعنا للتواطؤ والتأمل بينما تعشعش فى ذهننا لتعاود التنفس، والحياة، والنمو. إن طريقته فى بناء نصوص خادعة للبساطة، محيرةً، ولامعة، وشديدة القرب فى آن، هى طريقته لمقاومة الشر، والابتذال.