النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    7,029

    افتراضي حديث الدين النصيحه

    عن تميم بن أوس الداري أن النبي v قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم.

    هذا الحديث أصل عظيم في وجوب النصيحة وبيان فضلها ومنزلتها في الدين وذكر مجالاتها. قال محمد بن أسلم " هذا الحديث أحد أرباع الدين " وقد ورد في السنة أحاديث عامة في النصح لكل مسلم وأحاديث خاصة في النصح لولاة الأمور ونصحهم لرعاياهم . وفي الحديث مسائل:

    الأولى: قوله ( الدين النصيحة ) فيه دلالة صريحة على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان كما فسر الدين بذلك في حديث جبريل المشهور ، فإن النصح لله يقتضي القيام بأداء الفرائض واجتناب المحرمات ويستلزم ذلك الإجتهاد بالتقرب إليه بنوافل الطاعات وترك المكروهات. والنصيحة (لغة): الخلوص من الشوائب ، و(اصطلاحا): قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا. والنصيحة ضربان:
    1- نصيحة واجبة لله بإتباع محبة الله في أداء الفرائض وترك المحرمات.
    2- نصيحة مستحبة بإيثار محبة الله على محبة نفسه في فعل المسنونات واجتناب المكروهات.

    الثانية: من النصيحة لله صحة الإعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته وتنزيهه عن جميع النقائص والعيوب وإثبات أسمائه وصفاته على الوجه اللائق به وتوحيده في أفعاله وأفعال الخلق بالتأله له وعدم الإشراك به أحدا من خلقه وتحكيم شرعه والقيام بطاعته واجتناب معصيته والحب فيه والبغض فيه وتعظيمه وخشيته ورجاؤه ومحبته وجهاد من كفر به والإعتراف بنعمه وشكره عليها.

    الثالثة: من النصيحة لكتاب الله الإيمان بأنه كلام الله حقيقة نزل به جبريل على رسوله v ولا يشبهه شيء من كلام البشر ، وتعظيمه وتلاوته حق التلاوة والذب عنه والتصديق بأخباره والوقوف مع أحكامه وتحليل حلاله وتحريم حرامه و الإيمان بمتشابهه والعمل بمحكمه وتدبر معانيه والإعتبار بمواعظه وتعلمه وتعليمه ونشر فضائله وأسراره وحكمه والاشتغال بتفسيره وفق مراد الله ومراد رسوله ورد عنه إنتحال المبطلين وتحريف المبتدعين وغلو الغالين.

    الرابعة: من النصيحة لرسول الله v الإيمان به وتصديق أخباره وطاعة أوامره واجتناب نواهيه وتعزيره وتوقيره وتعظيمه حيا وميتا والذب عن سنته ونشر أحاديثه في الورى والرد على كل من أساء إليه وآذاه ، واتباعه في كل كبير وصغير وتقديم محبته على محبة النفس والولد والناس أجمعين وعدم الخروج على شريعته واعتقاد أنه سيد الخلق وخاتم الأنبياء ، وعدم إطرائه والغلو في محبته ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله تعالى ، قال تعالى ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقال ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ).

    الخامسة: المراد بأئمة المسلمين الذين تلزم طاعتهم الحكام ومن ينوب عنهم في الولايات والعلماء الربانيون أهل الحل والعقد الذين شهدت لهم الأمة بالإمامة قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال ابن عباس " هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم " وقال أبو هريرة " هم الأمراء والولاة ". قال ابن كثير " والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء "

    السادسة: من النصيحة لولاة المسلمين السمع والطاعة لهم ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وإعلامهم بما غفلوا عنه أو لم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخروج عليهم وتأليف قلوب المسلمين على طاعتهم والدعاء لهم في ظهر الغيب والصبر على أذاهم وجورهم . قال رسول الله v ( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين) رواه أحمد. وقال v ( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ) رواه مسلم. وهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة قد استفاض العمل به عند السلف الصالح وصار شعارا عظيما يميزهم عن أهل البدع ، وكل من خرج على الولاة وقع في حرج ومشقة وفساد من الأمر أشد مما كان هو فيه من الظلم وضيق الحال . وتلزم طاعة الإمام في كل أمر سواء أمر بواجب أو سنة أو مباح ما لم يأمر بمعصية فلا يجوز طاعته ، وكذلك يلزم طاعته في نهيه ما لم ينه عن واجب قال رسول الله v ( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) متفق عليه.

    السابعة: المشروع في نصيحة الولاة أن تكون سرا ولا يجوز أن تكون علانية على رؤوس الأشهاد في غيبته لأن ذلك تحريضا بالرعية وإغراء بالسلطان وسبيل لحصول الفتنة والفرقة وإذا فتح الباب لغوغاء الناس حصل فساد عظيم ، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال " إن كنت فاعلا ولا بد ففيما بينك وبينه" . أما الإنكار على الوالي الشرعي علانية والجهر بذلك فوق المنابر فليس من طريقة أهل السنة والجماعة وإنما شيء أحدثه الخوارج وعرف عنهم وقد أفتى شيخنا ابن باز رحمه الله بمنع ذلك وعده من عمل الخوارج. أما من شهد المنكر في حضرة السلطان فيجب عليه الإنكار إن قوي على ذك ولم يخش سوطا أو سيفا وقد ورد فيه فضل عظيم.

    الثامنة: للعلماء المقتدى بهم منزلة عظيمة في الدين فهم ورثة الأنبياء ومصابيح الدجى وزينة البلد بهم يرفع الجهل وتكشف الغمة وتنجلي الظلمة وهم المفزع بعد الله عند نزول الحوادث والفتن وهم حصن الإسلام وقلعته يدرأون عن الإسلام وأهله كيد الأعداء وفجور المنافقين وجهل السفهاء بذلوا أموالهم وأوقاتهم وأعراضهم لله في سبيل نشر الحق والذب عنه ، فلهم حق عظيم على كل مسلم والواجب على أهل الإسلام توقيرهم وتعظيمهم وإحسان الظن بهم والستر على معايبهم والإقتداء بهم ونصرتهم وموالاتهم والذب عن أعراضهم ونصحهم بالمعروف ، ويحرم على المسلمين ذمهم أو تنقصهم والطعن فيهم أو إساءة الظن بهم ولا يجوز للعامي الإستخفاف بهم في مجامع الناس ووسائل الإعلام. وقال v (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) رواه الترمذي. وقال طاووس: إن من السنة توقير العالم .

    التاسعة: من النصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم وتعليم جاهلهم وتذكير غافلهم وإسداء النصح لهم وستر عوراتهم وسد خلاتهم ونصرتهم على من ظلمهم ومجانبة الغش والحسد لهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ومن أعظم ذلك أن ينصح لمن استشاره في أمره خاصة قال رسول الله v ( حق المسلم على المسلم ست) وذكر منها ( وإذا استنصحك فانصح له ) رواه مسلم ، وفي الصحيحين عن جرير قال بايعت النبي v على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم. ومن فقه النصيحة للمسلم أن ينصحه برفق وتلطف ولا يعنف عليه وأن يكون ذلك سرا لا يجهر به عند الناس لأن ذلك ينفره عن اتباع الحق ويفضحه ويؤدي إلى العداوة والقطيعة ، وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرا حتى قال بعضهم من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الناس فقد وبخه. وقال الفضيل " المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير" . والنصيحة خاصة بالمسلم أما الكافر فلا يشرع نصحه قال الإمام أحمد " ليس على المسلم نصح الذمي وعليه نصح المسلم ".

    العاشرة: من أجل أنواع النصح لله ولرسوله وأشرفها رد الأهواء والبدع المضلة بالكتاب والسنة والرد على أهل البدع المخالفين لسنة النبي v وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان ما يصح من الأحاديث وما لا يصح من الأحاديث الضعيفة والمنكرة بتبيين حال رواتها الضعفاء أو سماعهم أو غلط الثقات منهم ، وهذا الباب العظيم خاص بالعلماء الراسخين ومن قاربهم أما طلاب العلم وآحاد الناس وعوامهم فليس لهم الدخول في هذا الأمر الجليل لأنهم يفسدون أكثر مما يصلحون والغيرة الدينية ومحبة الخير لا تكفي في هذا الباب ، وقد توسع كثير من المنتسبين للعلم في الردود والمناظرات مع الخصوم مع عدم الأهلية ومراعاة القواعد الشرعية والآداب المرعية في هذا الباب.

    بقلم : خالد بن سعود البليهد
    عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
    نه يحمل معانيَ عظيمة في شأن النصيحة، قال الإمام الخطابي رحمه الله في شرح الحديث: "وأصل النصح في اللغة الخلوص، يقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع، فمعنى النصيحة لله صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتابه الإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته وبذلُ الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم"، وقال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: "النصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحقّ وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبةُ الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق وحثّ الأغيار على ذلك" اهـ.
    فما ظنكم ـ يا عباد الله ـ بالمجتمع إذا سادت فيه هذه المعاني العظيمة؟! لا شك أنه سيكون مجتمعًا مرحومًا، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 71].

    أيها الإخوة المؤمنون، ومع أن النصيحة من أعظم الدين ويجب القيام بها إلا أن لها آدابًا لا بد منها لتقع من المنصوح موقع القبول، فمن ذلك:

    1- أن يقصد الناصح بنصيحته وجه الله؛ إذ بهذا القصد يستحق الثواب من الله عز وجل والقبول لنصحه.
    2- أن لا يقصد بالنصيحة التشهير بالمنصوح، فإن التشهير أدعى لرد النصيحة، بل يكون الأمر في السر، قال الحافظ ابن رجب: "كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرًا"، ومن ذلك بيتا الشافعي المشهوران:
    تعمدني بنصحك في انفرادٍ وجنبني النصيحة في الجمـاعه
    فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
    3- ومن الآداب أيضًا في النصيحة أن تكون بلطف وأدب ورفق، فإن هذا مما يزين النصيحة، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه)) رواه مسلم. فانظر إلى من نَصَح بشدة وغلظة كم من باب للخير قد أغلق! وكم من الصدور قد أوغر!
    4- ومن ذلك اختيار الوقت المناسب للنصيحة؛ لأن المنصوح قد لا يكون في كل وقت مستعدًا لقبول النصيحة، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله يتخوّلنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا. متفقٌ عليه. ولا شك أن للقلوب إقبالا وإدبارًا.
    وعلى كل حال فعلى الناصح أن يجعل همه كيف يوصل الخير إلى عباد الله فيعملوا به ويناله من الأجر مثلُ أجورهم، لا أن يجعل النصيحة كأنها صخرة على كاهله يريد أن يلقيها ويستريح. فنسأل الله أن يجعلنا هادين مهديين صالحين مصلحين
    وصلى الله على محمد صلى عليه وسلم



  2. #2
    الصورة الرمزية حياتى لله
    حياتى لله غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    6,758

    افتراضي

    جزاكى الله خيرا


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17