عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، عن قلقه البالغ إزاء استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، ووصفها بأنها جميعها "أنشطة غير قانونية بموجب القانون الدولى وتضع عقبات متزايدة فى طريق السلام، ويجب ألا يسمح لها بأن تحدد مسبقا نتيجة مفاوضات الوضع النهائى".

وقال مون: "إنه لابد فى الوقت نفسه من الاعتراف بالمخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل ومعالجتها خصوصا فى ما يتعلق بمسألة تهريب الأسلحة وإطلاق الصواريخ". جاء ذلك فى رسالة مون، والتى تلاها الأمين التنفيذى للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا كارلوس لوبيز، أمام الاجتماع الدولى للأمم المتحدة حول مسألة فلسطين بأديس أبابا اليوم، تحت شعار "التضامن الأفريقى مع الشعب الفلسطينى من أجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف بما يشمل السيادة واستقلال دولة فلسطين"، برعاية لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطينى لحقوقه غير القابلة للتصرف.

وأكد مون على أهمية نزع فتيل التوترات على الأرض والحفاظ على الهدوء.. وقال "يساورنى القلق بسبب تجدد العنف، وخصوصا بسبب حالة السجناء الفلسطينيين وانتهاكات وقف إطلاق النار فى غزة المعلن عنه فى نوفمبر 2012، وكل ما أدى إليه قرار إسرائيل إغلاق معابر رئيسية فى قطاع غزة هو تفاقم فقط الوضع الإنسانى المتردى أصلا، وينبغى على الأطراف أن تمتنع عن الأعمال والخطابات التى تزيد من تصعيد التوترات وتقلص احتمالات التفاوض، الذى يظل السبيل الوحيد للتوصل إلى الحل القائم على وجود دولتين".

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون على الأهمية الحاسمة لقضية السجناء الفلسطينيين، وقال "ينبغى لإسرائيل أن تحترم القانون الإنسانى الدولى وتنفذ الاتفاقات السابقة فى هذا الصدد، وينبغى أن يعهد إلى هيئة مستقلة بالتحقيق على الفور فى حالات وفيات السجناء، ولابد من إيجاد حل عاجل للمضربين عن الطعام لمدد طويلة.. أما المعتقلين الإداريين، فينبغى إما توجيه الاتهام إليهم ومحاكمتهم، وإما الإفراج عنهم دون تأخير، ويجب على إسرائيل احترام الحق فى الاحتجاج السلمى وممارسة ضبط النفس، كما ينبغى الحفاظ على الطابع السلمى للاحتجاجات".

وأضاف مون "أن الأمم المتحدة ستواصل جهودها الرامية إلى ترسيخ وقف إطلاق النار فى غزة، وأننى أدين الإطلاق العشوائى للصواريخ من غزة.. وفى الوقت نفسه ينبغى فتح حدود غزة بالكامل لتيسير الحركة المشروعة للأشخاص والبضائع، وهذا أمر مهم وخاصة فى ضوء الوضع الإنسانى السائد، واعتماد الكثير من سكان غزة على المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة وشركائها، وبالنظر إلى الاستثمارات الكبيرة اللازمة لموارد المياه وغير ذلك من الاحتياجات الإنمائية المهمة فى غزة".

وتابع "أكدت فى وقت سابق من هذا العام أمام الجمعية العامة، بأن عام 2013 سيكون عاما حاسما لعملية السلام، وحددت خمس أولويات فى هذا الصدد، وهى الالتزام بالعمل الجماعى على المستوى الدولى، وعقد مفاوضات مجدية، والحفاظ على الاستقرار فى غزة، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، ومنع حدوث انهيار مالى للسلطة الفلسطينية، وهذه أهداف مترابطة يعزز كل منها الآخر".

وأوضح أن الزيارة التى قام بها الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى المنطقة، تعد فرصة سانحة لتجديد الالتزام بالعمل على الصعيد الدولى، ومن البوادر المشجعة أيضا الزيارات اللاحقة التى اضطلع بها وزير الخارجية الأمريكى جون كير.

وأشار مون إلى أنه قد كرر فى لقائه الأخير مع الرئيس أوباما، تجديد التزام الأمم المتحدة بدعم أية مبادرة جادة تطرح حلا سياسيا ذا مصداقية، بما فى ذلك فى إطار متعدد الأطراف، من خلال اللجنة الرباعية والشركاء الإقليميين الرئيسيين، مؤكدا أنه قد آن الأوان للعمل المتضافر.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون أن قرار الولايات المتحدة استئناف تقديم المعونة إلى الفلسطينيين قرار يستحق كل الثناء، وكذلك الأمر بالنسبة لقرار الحكومة الإسرائيلية استئناف التحويلات الشهرية لإيرادات التخليص الجمركى.. قائلا "إننى أدعو الجهات المانحة، ولا سيما من دول المنطقة، إلى التعجيل بتقديم المساعدة فى الوقت المناسب وبصورة منتظمة لتحقيق استقرار الشئون المالية للسلطة الفلسطينية".

ودعا إسرائيل أيضا إلى رفع سياساتها وممارساتها الإدارية التى تقيد بشدة حرية حركة الفلسطينيين، موضحا أن القيود المفروضة على الحركة والعبور وعدم وفاء المانحين بالتزاماتهم أدت إلى التأثير سلبا على المكاسب التى تحققت فى بناء المؤسسات وعرقلة قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم الخدمات.

وطالب القادة السياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين بأن يبرهنوا استعدادهم لتجاوز مرحلة المناقشات بشأن عقد المفاوضات والانتقال إلى بحث قضايا الوضع النهائى بروح بناءة، ودعا كذلك فئات المجتمع المدنى من الجانبين أن تمارس المزيد للضغط على قادتها للمضى قدما فى هذا الاتجاه.

وقال "أؤيد الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز المصالحة الفلسطينية، فى إطار التزامات منظمة التحرير الفلسطينية ومعالم المجموعة الرباعية"، مشيرا إلى أن إنهاء الانقسامات الفلسطينية بطريقة تفضى إلى السلام خطوة أساسية لتحقيق الحل القائم على وجود دولتين.

وأكد أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر سواء من المنظور السياسى أو الاقتصادى وأن هناك حاجة ملحة للتحرك الجماعى من أجل تحقيق السلام هذا العام وإنقاذ الحل القائم على وجود دولتين، منوها بأنه سوف يتعذر الحفاظ على الإنجازات التى تحققت من خلال برنامج بناء الدولة الفلسطينية والتمويل المقدم من الجهات المانحة ما لم يتم إحراز تقدم ملموس على المسار السياسى.

وأضاف "أن الخطوط العامة للحل القائم على وجود دولتين على أساس حدود عام 1967 مع تبادل الأراضى خطوط معروفة جيدا، ويجب أن يكون هناك حل عادل بشأن جميع قضايا الوضع النهائى، بما فى ذلك اتفاقات بشأن الأراضى والأمن والمستوطنات والمياه.. وسأواصل بذل قصارى جهدى لدعم وتيسير الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل قائم على التفاوض".