أصبحت بارك جون هيه أول امرأة تصل إلى سدة الرئاسة فى كوريا الجنوبية فى تاريخ البلاد تتويجا لحياة شهدت امتيازات ومأساة فى الوقت نفسه.

وخلافا لأسلافها، فان بارك تعرف جيدا البيت الأزرق، القصر الرئاسى فى كوريا الجنوبية، لأنها عاشت فيه أيام طفولتها قبل أن تتولى بعد اغتيال والدتها، دور السيدة الأولى إلى جانب والدها بارك شونج هى الذى ترأس البلاد على مدى 18 عاما.

وكانت بارك جون هيه فى التاسعة من العمر حين وصل والدها إلى السلطة فى 1961 اثر انقلاب عسكرى، وحكم البلاد بيد من حديد إلى حين اغتياله فى 1979 فيما لا يزال الإرث الذى تركه يثير انقساما فى البلاد حيث يعتبره البعض مهندس المعجزة الاقتصادية الكورية الجنوبية بعد الحرب الكورية (1950-1953) فيما يرى البعض الأخر أنه قمع بدون هوادة الحريات العامة.

وفى جهد للمصالحة، نددت بارك علنا بالقمع الذى حصل فى الستينيات والسبعينيات، خلال حملتها الانتخابية قائلة "أعتبر أن من القيم الثابتة للديمقراطية أن الغاية لا يمكن أن تبرر الوسيلة فى السياسة".

وكانت بارك جون هيه تدرس فى فرنسا فى 1974 حين استدعاها والدها بعد مقتل والدتها التى اغتيلت برصاص ناشط مؤيد للنظام الشيوعى الكورى الشمالى، وبعد خمس سنوات اغتيل والدها على أيدى رئيس جهاز الاستخبارات الكورية الجنوبية، وغادرت البيت الأزرق، وانسحبت من الحياة العامة ولم تعد إليها إلا فى العام 1998 حين فازت بمقعد نيابى.

وبارك (60 عاما) لم تتزوج وليس لديها أطفال، وهو الوضع الذى عرفت كيف تحوله إلى حجة انتخابية لدى شعب سئم فضائح الفساد التى أحاطت بأقرباء العديد من الرؤساء. وفى 2006 وخلال تجمع سياسى، هاجمها شخص بسكين متسببا بجرح فى وجهها تطلب حوالى 60 غرزة.

وقالت عشية الانتخابات "ليس لدى عائلة لأهتم بها أو أطفال لأنقل لهم إرث.. أنتم الشعب عائلتى وسعادتكم هى السبب الذى يبقينى فى السياسة"، وأضافت "مثل أم تكرس حياتها لعائلتها، سأصبح الرئيسة التى تهتم بحياة كل فرد منكم" فى تصريح موجه بشكل مباشر إلى قاعدتها الناخبة التى تعتبر الواجبات المنزلية والزوجية للمرأة أساسا للمجتمع الكورى الجنوبى.

وفى المقابل، اعتبرها منتقدوها متعالية وباردة ويلقبونها بـ"ملكة الجليد". ويشيد مؤيدوها بهدوئها وصفاتها القيادية ونضالها فى بلد ذكورى ويسجل نسبة شيخوخة عالية حيث 1% فقط من النساء يشغلن مناصب فى مجالس إدارة الشركات الكبرى.

وسيترتب عليها خلال ولايتها الوحيدة من خمس سنوات معالجة عدد من الملفات الساخنة بينها كوريا الشمالية، كما سيكون عليها العمل لطمأنة الطبقة الوسطى القلقة إزاء الوضع الاقتصادى وعدم المساواة الاجتماعية.

ويعتبر وصول امرأة إلى المناصب العليا محطة تاريخية بالنسبة لكوريا الجنوبية البلد الذى لا تزال النساء فيه بمنأى من السلطة السياسية والاقتصادية، إلا أن كيم أون جو مديرة مركز النساء الكوريات والسياسة قالت مؤخرا فى حديث إن بارك امرأة قيادية "بالمعنى البيولوجى فقط"، موضحة أنه "خلال السنوات الـ15 الأخيرة، قلما بذلت بارك جهودا لمساعدة النساء فى السياسة أو فى أى مجال آخر بصفتها مسئولة سياسية".