ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: يقول تعالى في الظالمين الذين يريد أن يبطلوا الحق الذي بُعِثَ به محمد صلى الله عليه وسلم بأقوالهم الكاذبة, والله مظهر الحق بإتمام دينه ولو كره الجاحدون المكذِّبون(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) .




ويقول عز وجل مخاطباً أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده: يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمإن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم, وإن لا تنصروه; فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده (مكة) ((إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ))[التوبة : 40]
ومن واجب الأمة في نصرته صلى الله عليه وسلم الغضب له ولعرضه ولأهل بيته.
فهذه الحيوانات العجماوات وحتى الأحجار تنتصر للنبي صلى الله عليه وسلم !!، بينما يتجرأ المارقون الخارجون من ملة الإسلام بالتطاول على أهله صلى الله عليه وسلم ، وقد أوجب الله اللعنة على من قارف ذالك ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً )).


لقد كان عُتْبَةَ بْنَ أَبِى لَهَبٍ شَدِيدَ الأَذَى لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلمفَقَالَ :« اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلاَبِكَ ». فَخَرَجَ عُتْبَةُ إِلَى الشَّامِ مَعَ أَصْحَابِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلاً فَطَرَقَهُمُ الأَسَدُ فَتَخَطَّى إِلَيْهِ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلَهُ.
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمرَمَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بن قَمِئَةَ بِحَجَرٍ يَوْمَ أُحُدٍ، فَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ، وَكَسَرَ رَبَاعِيَّتُهُ، وَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ قَمِئَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلموَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ:"مَا لَكَ، أَقْمَأَكَ اللَّهُ"، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ تَيْسَ جَبَلٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْطَحُهُ حَتَّى قَطَعَهُ قِطْعَةً قِطْعَةً.




والحديث في هذا الباب طويل. بينما نرى ونسمع من تطاول هنا وهناك جهارا نهارا على عرض النبي وأصحابه صلى الله عليه وسلم ،وهذا إن دل ، دل على: عظيم ما تخفي قلوب هؤلاء الضالين والمبتدعين -وهم أهون شئناً من الكلاب والتيوس- من غل وحقد على الإسلام وأهله، وإن تسربلوا بالإسلام زورا وبهتانا ونفاقا!!! كما يدل على مدا الذل والخذلان الذي ركب الأمة المتمسلمة حتى أخذ يطعن في ثوابتها ومقدساتها.
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن سائر أمهات المسلمين يقول تعالى فيهن:
((وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )) ويقول عز وجل : (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء )) ويقول تعالى ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )).
هدية الله جل جلاله للنبي صلى الله عليه وسلم : عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أريتك في المنام مرتين ورجل يحملك في سرقة من حرير فيقول هذه إمرأتك فأقول إن كان هذا من عند الله عز و جل يمضه.
الزواج الميمون: تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة في شوال قبل الهجرة بسنتين وقيل بثلاث وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين وبقيت عنده تسع سنين ولم يتزوج بكرا غيرها.
أم عبد الله: وعن عباد بن حمزة عن عائشة أنها قالت يا رسول الله ألا تكنيني قال تكنى بابنك يعني عبد الله بن الزبير فكانت تكنى أم عبد الله
حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم: وعن عمرو بن العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال أي الناس أحب إليك يا رسول الله قال عائشة قال من الرجال قال أبوها .
جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:إن نساءك أرسلنني إليك وهن ينشدنك العدل في بنت أبي قحافة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتحبينني؟ قالت: نعم قال فأحبيها.
سلام عليكم: عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام قلت وعليه السلام ورحمة الله أخرجاه في الصحيحين
آذى النبي صلى الله عليه وسلم من آذاها: قال صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه ما أنزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها.
آخر العهد من الدنيا: وعن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غدا أين أنا غدا يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء فكان في بيت عائشة حتى مات عندها.
قالت عائشة فمات في اليوم الذي كان يدور فيه نوبتي فقبضه الله عز و جل وإن رأسه بين نحري وسحري وخالط ريقه ريقي .
خوفها من الله تعالى: كانت قد نذرت أن لا تكلم عبد الله بن الزبير لإساءته في حقها، ثمّ تُشُفعَ له عندها حتى ... كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل بدموعها خمارها.
تعبدها واجتهادها: كانت تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر، قامت غدوة تسبح وتقرأ ((فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ))وتدعو وتبكي وترددها فقام ابن أخيها، فذهبت إلى السوق لحاجته ثم رجع فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي.
زهدها رضي الله عنها: بعث معاوية رضي الله عنه إلى عائشة بطوق من ذهب فيه جوهر قوم مائة ألف فقسمته بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .



وعن أم ذرة وكانت تغشى عائشة قالت بعث إليها إبن الزبير بمال في غرارتين قالت أراه ثمانين ومائة ألف فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فجلست تقسمه بين الناس فأمست وما عندها من ذلك درهم فلما أمست قالت يا جارية هلمي فطري فجاءتها بخبز وزيت فقالت لها أم ذرة أما إستطعت مما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه فقالت لها لاتعنفيني لو كنت ذكرتني لفعلت.
وعن عروة قال لقد رأيت عائشة تقسم سبعين ألفا وهي ترقع درعها.
ذكر غزارة علمها رضي الله عنها: عن أبي موسى الأشعري قال ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حديث قط فسألنا عائشة عنه إلا وجدنا عندها منه علما.
عروة عن أبيه قال ما رأيت أحدا من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة رضي الله عنها.
وعن الأحنف بن قيس قال سمعت خطبة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب فما سمعت الكلام من في مخلوق أحسن ولا أفخم من في عائشة رحمة الله عليهم أجمعين.





يقول أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الله الواعظ الأندلسي - رحمه الله - :





ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي *** هُدِيَ المُحِبُّ لَها وضَلَّ الشَّانِي
إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِه *** ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي


إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ ***بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي


زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ


وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي


واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي


واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني


مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي


والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ