"مش عايز أى حاجة ولا أهدف لتحقيق أى مكاسب مادية ؛؛ كل هدفى هو إنى ألاقى جهة لتمويل هذا الجهاز التعويضى ويتمكن ملايين الأشخاص من الصم والبكم فى مصر والعالم العربى من ممارسة حقوقهم وحياتهم بشكل طبيعى والتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجى بكل سهولة " .. بهذه الكلمات البسيطة والمعبرة، وبنبرة يكسوها الحزن والأسى، بدأ الطبيب المبتكر بلال أبو اليزيد، ذو الـ 28 عاماً والحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة حديثه لـ"اليوم السابع "، مؤكداً أن الجهاز التعويضى الذى قام بتصميم نموذج أولى له سيخدم حوالى 4 ملايين شخص من الصم والبكم فى مصر وحدها، بحسب تصريحات سابقة لسكرتير عام جمعية الصم والبكم وهو عدد لا يستهان به إطلاقاً.

وأشار بلال إلى أن فكرة الجهاز التعويضى للصم والبكم راودته منذ أكثر 3 سنوات وهى رسالة الماجستير التى يقوم بإعدادها حالياً، حيث قام بعرضها على الأساتذة بجامعة عين شمس وأشادوا كثيراً بالفكرة وأكدوا أنها تحتاج فقط لجهة ممولة كى ترى النور.

وتابع بلال أن الغرض من الجهاز هو توفير وسيلة حديثة تتيح للصم والبكم والذين يبلغ عددهم فى مصر وحدها أكثر من 4 ملايين شخص وتمكينهم من التواصل مع بعضهم البعض ومع باقى أفراد المجتمع، وإبطال لغة الإشارة التى يتم استخدامها كوسيلة للتواصل، مضيفاً أنه على الرغم من الدور العظيم الذى تلعبه لغة الإشارة وإخراج الأصم من العزلة التى كان فيها سابقاً إلا أنها أوجدت فى الوقت ذاته فجوة جديدة من نوعها للشخص الأصم فبدلا من انعزاله عن المجتمع قبل ظهورها أصبح الآن متصلا بمن يتقن لغة الإشارة فقط وما زال منعزلا عن بقية المجتمع الذى لا يتقنها.

وأكد بلال أنه يهدف من خلال هذا المشروع أن يجعل الأصم يتقن ويستخدم اللغة التى يستخدمها الجميع فى المجتمع حوله وتعويضه عن فقده لحاسة السمع والنطق وكما ستساعد الشخص الأصم فى الاستغناء عن معاناة تعلم لغة الإشارة.

وعن فكرة عمل الجهاز، أشار بلال إلى أنه يستقبل الحديث الصوتى الذى يصدره الناس أو الشخص المحاور ويحوله إلى كلام مكتوب يستطيع الشخص الأصم قراءته، ثم يقوم الشخص الأصم بكتابة رده والرسالة التى يريد إيصالها ليقوم الجهاز بتحويل الكتابة على صوت واضح بحيث يفهم الشخص الرسالة التى يود الأصم إيصالها، وفى حالة وجود كلمة مبهمة فبضغطة واحدة يستطيع الأصم التعرف على معناها من خلال الصور التى تشرحها.

وأما عن تركيب الجهاز التعويضى، فقد أشار بلال إلى أنه يتكون من برنامج لتحويل الصوت إلى كتابه، وبرنامج آخر لتحويل الكتابة إلى صوت، وكما أنه مرفق معه برنامج تعليمى لمساعده الأصم على تعلم الكتابة، وأيضاً قاموس مصور يحتوى على 1400 كلمة مصورة، يبحث الشخص الأصم من خلالها عن معنى أى كلمة يريد ويتم إيضاح ذلك من خلال الصور المرفقة، لافتاً إلى أنه استعان ببعض المهندسين لتصميم السوفت وير الخاص بالبرنامج التعليمى وكما قاموا بدمج أحد البرامج الجاهزة التى تقوم باستقبال الكلام وتحوله لنص مكتوب والعكس، مؤكداً أن الفكرة حالياً مطبقة على جهاز اللاب توب فقط ويحتاج إلى جهة ممولة لكى تستخدم الفكرة فى جهاز صغير مثل الموبايل يستطيع الشخص حمله مع فى كل مكان.

وشدد بلال على أنه رفض تسجيل هذا الاختراع نظراً لأنه تبنى فكرة سابقة فى مجال الاتصال البنكى وقامت إحدى الشركات الشهيرة بسرقتها وعندما لجأ للقضاء، رفضوا الاعتراف بحقه فى الفكرة، معللين بذلك بأن القانون المصرى لا ينص على حماية الأفكار.

وأكد بلال أن هناك جهازاً مماثلاً للجهاز الذى يود تصنيعه سيطرح بالأسواق فى مدينة نيويورك بشهر مايو القادم وبالطبع لن يدعم اللغة العربية، وهو ما أحزنه كثيراً نظراً لأن الشباب المصرى كثيراً ما يسبق الغرب بأفكاره الرائعة ولكنهم يسبقونا فى النهاية بالتنظيم والمؤسسات القوية التى تدعمهم والتمويل القوى المتدفق والتشجيع الكبير الذى يلقاه المبدعين هناك.

وأكد بلال أنه عرض فكرة جهازه على معظم المؤسسات والجهات المختلفة فى مصر، وعرض فكرته على جمعيات الصم والبكم ولكنهم رفضوا المساهمة فى تنفيذ الجهاز بحجة أنهم يهتمون فقط بالأنشطة الاجتماعية والترفيهية مثل الرحلات والأنشطة، وكما عرض فكرته على إحدى الهيئات الكبيرة لتصنيع الأجهزة التعويضية والتى رفضت دعمه مشيرين إلى أنهم ينتهجون صناعة الأجهزة البسيطة فقط ولا يتعاملون مع الإلكترونيات أو الأجهزة المعقدة، وكما رفضت الجمعيات الخيرية مساعدته فى أن يرى ابتكاره النور وأكدوا أن أنشطتهم تقتصر على توفير الاحتياجات المادية والعينية فقط.

وأضاف بلال أن البرنامج التعليمى المرفق مع الجهاز يصلح لتعليم الشخص الأصم القراءة والكتابة عن طريق برنامج تعليمى مصور متكامل، بحيث يتعلم بواسطته الأرقام والحروف والكلمات وبعض الجمل البسيطة التى يحتاجون إليها فى حياتهم اليومية وكما أن البرنامج مرفق معه مجموعة من الامتحانات البسيطة التى تختبر قدرة الشخص على استرجاع معانى الكلمات التى تعلمها، وكما أنه سيمكنهم من استكمال دراستهم بصورة طبيعية ودراسة التعليم الجامعى والذى يحرمون منه، حيث يقوم البرنامج بعرض الدروس مع إمكانية معرفة معنى أى كلمة جديدة فى الدرس عن طريق الصور، مضيفا أنه ستتم بعض التطويرات على الجهاز فى المستقبل ليستخدم فى مساعدة الأصم على إجراء الاتصالات الهاتفية مع الآخرين

واختتم الدكتور بلال أبو اليزيد حديثه، مشيراً إلى أنه قام بتصميم صفحة على الفيسبوك للتواصل مع الصم والبكم والتواصل مع أهاليهم بشكل دائم، وقام بطرح بعض أجزاء من البرنامج التعليمى للصم والبكم على صفحة التواصل الاجتماعى، مؤكداً أنه على استعداد لطرح النسخة الكاملة من البرنامج عندما يصل المتواصلون معه لدرجة تؤهلهم لذلك وتزداد حصيلتهم اللغوية ويستطيعون التعامل مع البرنامج بشكل كامل.

بعض الصور المأخوذة من البرنامج التعليمى للصم والبكم والمرفق مع الجهاز التعويضى