فى محاولة جديدة لاقتحام عالم النساء والتأكيد على المعانة التى يعيشوها بالعالم العربى وإثبات تشابه أزماتهم رغم اختلاف مشاكلهم وقصصهم، جمعت جنى فواز الحسن فى روايتها "أنا، هى والأخريات" بين النساء بـ"واو" العطف لتضعهن فى خانة واحدة، يتقاسمن الخيبات والصراعات والأحلام.

تحكى سحر بطلة رواية "أنا، هى والأخريات" الصادرة عن الدار العربية للعلوم "ناشرون" والتى وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لعام 2013، حياتها كامرأة لنكتشف بعد ذلك أنها تسرد حياة كلّ امرأة.

العقدة الأساسية تكمن فى داخل البطلة فى ذاتها المشروخة بين الباطن والخارج، بين الفرد والجماعة، بين الأنا والكلّ، «سحر» التى تربّت فى كنف أب شيوعى غارق فى خيباته وأم تقليدية، فاختارت أن تهرب من واقعها بالزواج من رجل لا يُشبه والدها (قريب من البيئة الإسلامية) على أن تكون زوجة لا تُشبه والدتها بشىء.

إلاّ أنّ قدر النساء العربيات يدفعهن جميعاً بالاتجاه نفسه، فتجد سحر نفسها أمام رجل غيّور يُعنّفها ويضربها وبصورة تجعلها على هيئة أمها أكثر من تلك التى أرادت أن تكونها.

تتحمّل الزوج ونوبات جنونه الكثيرة من أجل بيتها وطفليها وتُبرّر له تصرفاته العنيفة باعتبار أنها نابعة من غيرته ومحبته لها، إلاّ أنّ الصراع بين «أحلامها» و«واقعها» يدفعها إلى اقتراف ما لم تتوقعه يوماً: «الخيانة»، وبين حبيب لا يُريد أن يُظهر «عشيقته» إلى العلن وزوج عنيف لا يُوفّر مناسبة كى يلوّن جسد زوجته بالأزرق، وبين حبّها لطفليها وحلمها بالتخلّص من ثقل منزلها الزوجى وخوفها من المجتمع وكلام الناس تغرق سحر فى صراع داخلى بسوقها نحو متاهة اليأس والانهيار.

أمّا «هالة»، فتُمثّل القرين للشخصية الرئيسة سحر، ذلك لأنّ هالة هى المرأة الحرّة التى طالما حلمت سحر بأن تكونها، حيث أن هالة لا تُعانى مشكلة سحر فى صراعها بين ذاتها الفردية والجماعية، وإنما تكتشف بعد حين أنّه لدى هالة صراع من نوع آخر، حزنها المستتر وراء مظهرها الصارخ لم يكن يخفى، أنا التى أبيت أن أعترف بحزنى حتى لنفسي، وكنت أطمئن نفسى بأنّ الجحيم الذى أعيش فيه نعيم يجب أن أُحسد عليه».

سحر تريد أن تكون هالة وهالة تريد أن تكون فرح وفرح لا ندرى من تريد أن تكون.. وإنما الأكيد أنّ العالم الذى رسمته الكاتبة فى روايتها ليس سوى فضاء تتقاسمه نساء كثيرات يرغبن فى أن يكنّ «امرأة» أخرى.