رجحت مجلة "فورن بوليسى" الأمريكية أن العالم سيشهد عدة صراعات فى عام 2013 من شأنها أن تهدد الاستقرار العالمى.

ولفتت المجلة الأمريكية - فى تقرير مطول نشرته على موقعها الإلكترونى - إلى أن هذه الصراعات ستشمل بلدانا مثل تركيا والعراق وسوريا ولبنان وباكستان وأفغانستان وآسيا الوسطى، إضافة لبلدان أفريقية مثل السودان ومالى وأفريقيا الوسطى والكونغو وصولا إلى كولومبيا.

وتطرقت المجلة فى حديثها إلى بعض من هذه الدول بداية مع سوريا ولبنان، متوقعة أنه مع استمرار النزاع فى سوريا ليتخذ أشكالا قبيحة متعددة، وربما سيستمر على هذه الشاكلة، لاسيما فى ظل اعتقادالنظام صعوبة الإطاحة به، فى حين يبرهن خصومه على صعوبة القضاء عليهم.

واعتبرت المجلة أنه مع تزايد التكهنات فى المنطقة وخارجها حول سقوط النظام المقبل، فإن المراحل الأولى التى تعقب سقوط الرئيس بشار الأسد قد تنطوى على مخاطر هائلة، سيمتد تأثيرها ليشمل سائر أرجاء المنطقة، لاسيما فى ظل انقسام المعارضة، وبزوغ نجم التيار الإسلامى، وتوسع حالة الإستقطاب بين الطوائف الدينية والعرقية السورية.

وتوقعت المجلة أيضا انتشار الحرب السورية عبر الحدود إلى لبنان، حيث نادرا ما كانت بيروت فى مأمن من تأثير دمشق، مؤكدة أهمية أن يعالج زعماء لبنان أوجه القصور الأساسية فى الهيكل الإدارى اللبنانى الذى يفاقم الطائفية ويترك البلاد عرضة للفوضى المندلعة فى البلد المجاور.

وتمضى مجلة "فورن بوليسى" الأمريكية فى حديثها عن العراق، قائلة إنه فى ظل انزلاق سوريا نحو الفوضى، فإن السكاكين تشحذ فى العراق ويتم رسم خطوط المعركة، ولاسيما أن حكومة المالكى قد اختارت أن تقف فى صف إيران وروسيا والصين فى محاولة لتجنب إعادة تشكيل المنطقة التى تتولاها دول الخليج العربى والولايات المتحدة وتركيا.

وأردفت المجلة تقول "إن المالكى الآن يواجه مقاومة ليست من رئيس المنطقة الكردية مسعود برزانى فقط، ولكن أيضا من السنة ومن المعارضين العلمانيين -وحتى من مقتدى الصدر الذى ينتمى إلى معسكره الإسلامى الشيعى، ويضيف عجز الإدارة الحالية للبلاد غموضا جديدا إلى حالة عدم اليقين السياسى فى العام الجديد"..مضيفة بأن ما صب الزيت على النار أكثر هو تنظيم القاعدة الذى يبدد الهدوء النسبى بواسطة تفجيراته المدمرة بين فترة وأخرى.

واعتبرت المجلة أن الحرب الأهلية ذات السمة الطائفية فى سوريا المجاورة قد تسهم فى تفاقم التوترات فى العراق لتستهل البلاد جولة أخرى من الصراع فى عام 2013.

وعن تركيا حذرت المجلة من أنه ومنذ استئناف حزب العمال الكردستانى هجماته مرة أخرى والتى اسفرت عن مقتل 870 شخصا حتى الآن، إضافة إلى إحياء قوات الأمن الخاصة بهم عمليات مكافحة الإرهاب، فى منتصف عام 2011، وتصاعد حدة التوترات السياسية فى تركيا، لاسيما وأن دعم الحركة الكردية، وحزب السلام والديمقراطية لحزب العمال الكردستانى آخذ فى التزايد، فإن ذلك قد يتمخض عنه صراعا حادا ستكون نتيجته الأسوء منذ فترة التسعنيات.

وتابعت المجلة قولها "كما يمكن فى ظل اكتساب الفصائل العسكرية فى حزب العمال الكردستانى المزيد من القوة، لاسيما مع نجاح حلفائهم فى سوريا، أن يواصلوا محاولاتهم للسيطرة على مناطق فى الجنوب الشرقى والهجوم على رموز الدولة التركية فى عام 2013".

ومع ذلك اعتبرت المجلة أن الحكومة التركية قد تستطيع التغلب على أكراد تركيا من خلال الإعلان عن مجموعة شاملة من الإصلاحات تشمل تعديل قانون الانتخابات للحد من الحواجز الإنتخابية والتمويل، وزيادة اللامركزية فى 81 محافظة فى تركيا، وإنهاء كل التمييز فى دستور البلاد وقوانينه، والعمل باتجاه وقف إطلاق النار بين كافة الأطراف المتنازعة.

وتحدثت مجلة "فورن بوليسى" الأمريكية عن السودان، حيث لم يبدد انفصال الجنوب عام 2011 "مشكلة السودان"، بل إن البلاد لا تزال تعانى من ويلات الحرب الأهلية، والتى يقودها تركيز السلطة والموارد فى يد نخبة صغيرة، مهددة بحدوث تفكك أخرى، فضلا عن الانقسامات التى يشهدها حزب المؤتمر الوطنى الحاكم، وتصاعد حدة الإضطرابات الشعبية، وانهيار الإقتصاد الوطنى المطرد، مشيرة إلى أن الحل الأخير لإنهاء هذه الأزمة يتمثل فى طرح حل شامل يرضى كافة الأطراف، يتضمن أكثر مما طرح فى أى وقت مضى.

وتناولت المجلة الوضع فى أفغانستان، حيث يبدو أن عملية الإنتقال السياسى الوشيكة فى كابول أكثر أهمية بالنسبة لمستقبل البلاد والمنطقة على نطاق أوسع، وعلى الرغم من أن الرئيس الأفغانى حامد كرزاى أعرب عن نيته عدم الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2014، إلا أنه لا تزال هناك مخاوف بأنه قد يسعى بصورة مباشرة أو غير مباشرة للإبقاء على تأثيره على مرحلة إعداد ما بعد الانتخابات.

وأوضحت أن إجراء انتخابات ذات مصداقية يمكن أن تؤدى إلى التوصل إلى درجة من التوافق الوطنى وتعزيز الثقة الشعبية فى قدرات الحكومة، إضافة إلى أن أفضل السبل لإرساء الاستقرار فى أفغانستان تتمثل فى ضمان سيادة القانون خلال الفترة الانتقالية السياسية والعسكرية فى عامى 2013 و2014.

وتابعت الصحيفة قولها "وفى حال باءت هذه التجربة التى تشهدها أفغانستان لأول مرة بالفشل، فإن الفترة المقبلة المصيرية سيتمخض عنها انقسامات عميقة وصراعات داخل النخبة الحاكمة، الأمر الذى ستعمل حركة طالبان على استغلاله، فضلا عن أن ذلك يمكن أن يؤدى إلى تفتيت الأجهزة الأمنية وإحداث حالة من الصراع الداخلى واسعة النطاق".

وعن باكستان تتخوف المجلة من أنه فى ظل إجراء انتخابات رئاسية جديدة فى عام 2013، قد تزداد حدة التدخل القضائى فى شئون البلاد، والذى يبدو عازم على زعزعة استقرار النظام السياسى، الأمر الذى قد يقوض فرصة البلاد فى الانتقال السلمى للسلطة من حكومة منتخبة إلى أخرى من خلال إنتخابات ذات مصداقية.

وأعربت مجلة "فورن بوليسى" الأمريكية -ختاما- عن أملها فى أن تكون التطورات الأخيرة التى تشهدها بعض الدول بمثابة بصيص من الأمل قد يرسى قواعد السلام فى العالم خلال العام المقبل بدلا من خوض المزيد من الصراعات لاطائل لها.