من منا لا يشعر أحيانا بالملل ؟

قد تمر علينا أوقاتا نشعر خلالها بالملل والسآمة بل وأحيانا الإحباط ، وقد يكون ذلك بسبب أهمية الوقت بالنسبة لنا وبعدم رضانا عن الأعمال التي ننجزها في يومنا والتي نرى أنها غير كافية باستثمار هذه الأوقات الثمينة التي نراها تهدر دون أن نحصل منها ما نريد .

ولكي نخرج أو تخرج من هذا الشعور المرير ومن هذا الإحباط الذي تجده في نفسك لا بد أن تسأل نفسك هذا السؤال: ما هو هدفي في هذه الحياة؟ وما هي غايتي من هذا العمر؟ وأخيراً ما هو السبيل لتحقيق أسعد حياة! وأكمل حياة! وأشرف حياة؟!

والجواب أنك بمعرفة وتحديد غايتك وهدفك في هذه الحياة تكون قد قطعت نصف المسافة، ولم يبق عليك إلا أن تقطع نصفها الباقي بتحقيق الوسائل التي تحقق لك غايتك وهدفك.

فهدفك في هذه الحياة هو الفوز برضوان الله، وغايتك في هذه الحياة هو تحصيل سعادتي الدنيا والآخرة بأن تعيش سعيدا في دنياك، سعيدا في آخرتك، شريفا في قدرك في الدنيا والآخرة، وهذا لا يكون إلا بأن تجعل غايتك ومطلبك الأعظم هو الفوز برضا الله تعالى، وهذا لا يعني أن لا تلتفت لمصالحك الدنيوية.. كلا؛ بل إن تحصيلك أسباب المعيشة الصالحة الهنيئة في الدنيا هو أيضا من طاعة الله، فبذلك تكون حياتك كلها طاعة لله، سواء كنت محصلاً للأمور الدينية أو الأمور الدنيوية.

وخذ مثالاً على ذلك ليتضح لك جلية الأمر وحقيقته: عندما تسعى في تحصيل الرزق الحلال وفي تحصيل الشهادة الدراسية مثلاً، فهذه أمور من صميم الدنيا ولكن إذا قصدت بذلك إعفاف نفسك عن سؤال الناس وصيانة كرامتك عن السؤال، وقصدت بدراستك نفع المسلمين ونفع ونصرة هذا الدين الذي أكرمنا الله تعالى به، فإن هذا السعي الدنيوي يتحول بهذه النية إلى قربة وطاعة لله تعالى، وكذلك سعيك مثلاً في الزواج، فإذا قصدت بذلك إعفاف نفسك عن الحرام وتنشئة البيت المسلم والذرية الصالحة صار هذا العمل المباح من أعظم القربات عند الله تعالى، وقس على هذا المعنى.

إذن؛ فليكن شعارك وغايتك هو امتثال قول الله تعالى:{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.

وأما عن السبيل لتحقيق هذه الغاية فهو مجموعة خطوات:

1- الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه وطلب المعونة منه في كل أمر تحاوله، قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.

2- الحرص على طاعة الله التي يجمعها هذه القاعدة وهي: (فعل الواجبات والابتعاد عن المحرمات)، فإن فعلت ذلك كنت أنت العبد الصالح المطيع ربه، فإن أضفت إلى ذلك شيئا من النوافل المستحبة فقد صرت من المتسابقين في طاعة الله، فاحرص على هذا فإنه فلاحك في الدنيا والآخرة.

3- الحرص على الصحبة الصالحة التي تعينك على طاعة الله فتكتسب منها مكارم الأخلاق وتتعاون معها على طاعة الله.

4- السعي والحرص على الأمور النافعة؛ فهنالك استثمار الأوقات في طلب العلم الشرعي وحفظ القرآن وفي الدعوة إلى الله، وفي المشاركة في المحاضرات والدروس والأنشطة الإسلامية، وهنالك السعي في المعارف النافعة الدنيوية كذلك والذي يجمع كل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

5- العناية بترتيب الأوقات وتنظيمها، فاجعل لتحصيلك العلمي وقتا ولتحصيلك الزائد عن ذلك وقتا آخر، واجعل للترفيه عن النفس وإجمامها وتسليتها وقتا آخر، فهذب أوقاتك ونظمها تظفر بالفوز وتغنم يومك وليلتك.

6- دوام استشارة أهل العلم ومراسلتهم والاستنارة برأيهم، فإن العاقل يستشير ولا ينفرد برأيه إذا قدر على ذلك.