صدر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، ضمن سلسلة كلاسيكيات، طبعة جديدة لرواية "الفضيلة" أو" بول وفرجينى" للكاتب الفرنسى "برناردان دى سان بيار"، وهى إحدى كلاسيكيات الأدب، وهو الإنتاج الأدبى الذى يعود بنا إلى إبداع العصور الماضية ولكن فى صورة حداثية، ضمن سلسلة ميسرة لنبحر فى الماضى بمجداف المستقبل.

وإذ يصطحبنا المنفلوطى فى هذه الرحاب الأدبية نلمس تعريبه الروايات الأجنبية حتى نظن أن أحداثها كانت تدور على أرضنا نحن حيث يستلهم روح الرواية ثم يفرزها بروح عربية أصيلة تلمس روح القارئ ووجدانه.

و"الفضيلة" أو "بول وفرجينى" عبارة عن قصة واقعية عاشها أفراد أسرتين فى إحدى الجزر النائية، الأسرة الأولى تتكون من الأم مرغريت التى زلت قدمها فى الرذيلة لترزق بولد بول الذى لم تورثه أيا ولا جاها إلا متاعا من الفضيلة التى جنتها من سنوات العبرات والنظرات النادمة المؤمنة.. والأسرة الثانية متكونة من هيلين وابنتها فرجينى التى توفى أبوها بعد زواجه سرا بأمها لأن مركزه الدنىء لم يسمح له بخطبتها آنفا.. والتقت المرأتان وعاهدتا نفسيهما أن تربيا ابنيهما على الفضيلة فلا تزل قدم فرجينى فى الرذيلة ولا تمتد عين بول لما فوق بصره.

وهكذا عاشت الأسرتان فى كوخين فقيرين من كل شىء إلا من قيم المحبة والتسامح والقناعة، فنشأت قصة حب صافية نبيلة وأبدية بين ابنيهما، والتى لم يفرقهما شىء حتى الموت، فبعد رحيل فرجينى إلى فرنسا بدعوة من أحد الأفراد للميراث لم تنل الفتاة شيئا سوى أجواء حياة النبلاء المزيفة بأضوائها فآثرت العودة لأميها وخليلها الوفى الذين كانت قد أورثتهم بعد رحيلها الشجن والأسى.. لكن هيهات فقد عصفت الريح بالباخرة المقلة لفرجينى، كما عصف الدهر بحياتها لكن ليس بعفتها، لأنه وحتى الدقائق الأخيرة لغرق السفينة أبت الفتاة العفيفة أن ترتمى فى أحضان الرجل العارى الذى هب لينقدها بعد أن نجا الجميع، وهكذا ماتت فرجينى فى سبيل الفضيلة فلحقها فيما بعد أفراد أسرتها تباعا.