فى الوقت الذى تراجعت، بل اختفت فيه أى مؤشرات للإصابة بالحمى الروماتيزمية فى الدول الغربية، مازالت تمثل أهم أسباب تلف صمامات القلب بين الأطفال فى مصر، خاصة فى المناطق الفقيرة ذات التغذية السيئة، والتى تعيش فى أماكن سكنية مكتظة وغير صحية.
فما هى أسباب الحمى الروماتيزمية وكيفية تشخيصها وطرق الوقاية منها وعلاجها هذا ما يوضحه دكتور جمال شعبان أستاذ القلب بالمعهد القومى للقلب قائلا: نتيجة خلل فى جهاز المناعة، يحدث بعد التهاب الحلق واللوزتين بالميكروب السبحى، مما يؤدى إلى إنتاج كميات كبيرة من الأجسام المضادة للميكروب السبحى، ويعد تلف صمامات القلب أهم المضاعفات الرئيسية للحمى الروماتيزمية إذا لم تُعالج بشكل سليم، ومن المعروف أن معظم حالات التهابات الحلق يسببها أحد الفيروسات، إلا أن نحو 20% من الحالات يسببها الميكروب السبحى، ويصعب التفريق بين الالتهاب الفيروسى وبين النوع البكتيرى، ولكن هناك بعض الأعراض التى تشير إلى البكتيريا السبحية وتشمل ألما مفاجئا فى الحلق وصداعا وارتفاع الحرارة، وقد يكون مصحوبا بألم فى البطن وغثيان وقىء، وصديد على اللوزتين والحلق، ويمكن التأكد بأخذ مسحة من الحلق وعمل مزرعة لها، كما أن هناك فحص دم يمكن من خلاله التعرف على حدوث إصابة بالبكتيريا السبحية، وإذا كان اختبار الدم والمزرعة إيجابيا، فينبغى الاستمرار بالمضاد الحيوى لمدة 10 أيام. وأعراض الحمى الروماتيزمية تصيب الأطفال ما بين 5 إلى 15 عاما تبدأ بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التهاب البلعوم أو اللوزتين، وتسبب ارتفاعا فى الحرارة وآلاما والتهابا وانتفاخا فى المفاصل، وعادة ما تختفى علامات الالتهاب فى بعض المفاصل بعد نحو 48 ساعة، ولكن إذا لم تُعالج الحالة تصاب مفاصل أخرى بالالتهاب، وأكثر المفاصل إصابة هما الركبتان والرسغان، وحوالى 50 فى المائة من الحالات تكون الحمى خفيفة (الحمى الروماتيزمية الصامتة) قد لا تبدو أى أعراض تشير إلى إصابة عضلة القلب وتمر الحالة دون تشخيص، أما إذا كانت الهجمة شديدة فتكون الأعراض أكثر وضوحا، ويشكو المريض من ضيق النفس عند القيام بالجهد، وحتى حينما يكون مستلقيا على السرير.

ومن الأعراض الكبرى التهاب عضلة القلب وتشوهات صماماته، حيث يتأثر الصمام الميترالى بنسبة 80% يليه الصمام الأورطى بنسبة 30%، ثم الصمام ثلاثى الشرفات بنسبه 5%، كما يحدث فى 75% من الحالات التهاب فى المفاصل الكبيرة مثل الركبة والكاحل والكوع والفخذ والرسغ والكتف.
ويعتمد العلاج على تناول جرعة واحدة من البنسلين طويل المفعول للأطفال الذين يشكون من التهاب الحلق عندما يكون الزرع الجرثومى لمسحة الحلق إيجابيا، ويمكن استخدام البنسلين بطريق الفم، أو الايرثرومايسين لمن لديهم حساسية من البنسلين لمدة 10 أيام، وينبغى الالتزام بهذه المدة حتى ولو اختفت الأعراض التى يشكو منها المريض، وإذا تمكنا من منع تكرر هجمات الحمى الروماتيزمية فإن 70% من الترسبات فى صمامات القلب تختفى خلال 10 سنين، ولا يحدث ضيق فى الصمامات، وتتحدد الجرعة الأمثل للعلاج فى حال وجود إصابة قلبية بأخذ البنسلين طويل المفعول بالعضل كل أسبوعين حتى يصل المريض إلى سن 30 أو 35 عاما، وقد يمتد مدى الحياة، أما إذا لم تكن هناك إصابة قلبية فينبغى إعطاء البنسلين كل أسبوعين لمدة 5 سنوات أو حتى أوائل العشرينيات من العمر.

ولذلك ينبغى على شباب الأطباء الالتزام بالأعراض الأساسية عند تشخيص الحمى الروماتزمية، ونظرا للالتباس الذى يحدث فى الأعراض الهامشية، يجب إجراء عدد من الفحوص للتأكد من التشخيص كذلك لابد من أخذ العلاج الشافى بالكامل عند تشخيص المرض وعدم الاكتفاء بجزء منه كمسكن، كما ينبغى عند تعاطى البنسلين الالتزام بتعاطى العلاج لمدة 10 أيام كاملة لإزالة الميكروب السبحى، ثم تعاطى البنسلين طويل المفعول بمعدل حقنة كل 15 يوما، لأن مستوى البنسلين فى الدم يبدأ فى التناقص بعد اليوم السابع عشر.