الصحة النفسية السوية تتمثل فى السلوكيات المتوازنة ووضوح الرؤية، وتفهم الأوضاع المحيطة والتوافق بين ثقافة المجتمع وثقافة الذات، هذا ما يوضحه الدكتور فاروق لطيف أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة عين شمس، حيث يشير إلى أنه إذا ما توافرت هذه الأشياء فنجد أن هناك أناس تتوائم فى التعامل مع الآخرين خاصة فى محيط الأسرة، وهنا يكون هناك وعى بدور الأسرة بخلفية وعى وتفهم للدور العام للمجتمع والثقافة التى يعيش فيها.

ويدخل فى هذا الإطار مفاهيم التراحم لأن الإنسان بطبيعته مختلف عن بقية المخلوقات، حيث يحتاج إلى تهيئة للنمو المعنوى، حيث إنه يعد مخلوقا معنويا وليس مخلوقا بيولوجيا، ومن ثم فإن الأسرة تكمل دور الرحم الذى يتكون فيه الجنين، فهى المعمل الذى يكون الإنسان، فإذا توافر فى الرحم الصحة والمقدرة والقوة وتوصيل الغذاء للطفل، فإن الأسرة كرحم مطلوب فيها بجانب التغذية والعناية بالصحة الجسدية، لذا فمن المهم أن يكون من أساسيتها أن تعليم الصغير المفاهيم ومساعدته على تكوين الفكر الخاص به وتنميته مواهبه، وهذا لا يكون إلا بالعناية والتوعية والتعليم والآداب والمثل العليا.

وبقدر الإمكان فإنه يجب على الوالدين الاهتمام على توصيل هذه الأشياء، وأيضا يساهم فى ذلك المدرسة والمجتمع ووسائل الإعلام فهى منظومة متكاملة، وأن كانت الأسرة هى المايسترو وهى التى تعنى بالمودة والرحمة من بدايتها، وهى التى تقوم بتوصيل المعانى والمفاهيم التربوية والأخلاقية، فإن الأسرة تربى الطفل على عادات وتقاليد المجتمع وتكوين الفكر وكلا من الأب والأم له دوره ويتكاملان فى رعاية الأبناء، وفى ذلك يمكن استخدام جميع الآلات والتوافق فيما بينها وفى وظائف كلا الأبوين لإيجاد الوسائل والسبل والمناخ والظروف التى توصل المعلومات للابن، ومن ثم يستطيع أن يكون للصغير فكر سليم سوى للتوافق مع الفكر العام للمجتمع، كما يستطيع أن يتعاون مع المجتمع ويكون عنصر فاعل وعضو فى بنائه منتجا مهتما بقضاياه والعمل على حلها.