حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة


إن محاسن شريعة الله تعالي مراعاة العدل وإعطاء كل ذي حق حقَه من غير غلو ولا تقصير ، فقد أمر الله تعالي بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وبالعدل بعثت الرسل وأنزلت الكتب وقامت أمور الدنيا والآخرة .
والعدل إعطاء كل ذي حق حقَه ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الحقوق حتى تعطى أصحابها وأهلها ، ويتلخص ذلك فيما يلي :
أولا: حق الله تعالي :
المدبر لجميع الأمور ، حق الله الذي أوجد الإنسان من عدم وأمدك بالنعم والعقل والفهم ، قال تعالي : ((" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلَكم تشكرون ")){ من سورة النحل : 78 } .
إنه تعالي لا يريد من الإنسان رزقا ولا طعاما بل عبادته وحده لا شريك له ، كما قال في كتابه : ((" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {56} ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون { 57 } إن الله هو الرزَاق ذو القوَة المتين {58} )) من سورة الذاريات .
يريد تعالي من الإنسان أن يكون عبدا بكل معاني العبودية خاضعا له ، مجتنبا لنهيه ومصدقا بخبره .
وإن هذا الحق الذي أوجبه الله لنفسه ليسير سعل علي من يسيره الله له ، ذلك إن الله لم يجعل فيه حرجا ولا ضيقا ولا مشقة ، قال تعالي : ((" وجاهدوا في الله حقَ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملَة أبيكم إبراهيم هو سمَاكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرَسول شهيدا عليكم في الدَين وتكونوا شهداء علي النَاس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النَصير ")) { من سورة الحج : 78 } .
*إنه عقيدة مثلى إيمان بالحق ، عقيدة قوامها : المحبة والتعظيم ، وثمرتها : الإخلاص والمثابرة ، خمس صلوات في اليوم والليلة يكفَر بهن الله الخطايا ، قال رسول – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – لعمران بن حصين – وكان عمران مريضا - : ( صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) .
* زكاة وهي جزء يسير من المال تدفع في حاجة المسلمين للفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين وغيرهم من أهل الزكاة .
* صيام شهر واحد في السنة ، قال تعالي : (( ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر ")) { من سورة البقرة } ومن لا يستطيع لعجز دائم يطعم مسكينا عن كل يوم .
* حج البيت الحرام مرة واحدة في العمر للمستطيع .. هذه هي أصول حق الله تعالي ، هذا الحق اليسير عملا الكثير الأجل إذا عمل بها الإنسان كان سعيدا في الدنيا والآخرة ونجا من النار ودخل الجنة ، قال تعالي : (( فمن زحزح عن النَار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ")) { من سورة آل عمران } .

ثانيا : حق رسول الله –صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم –
وهذا الحق هو أعظم حقوق المخلوقين ، قال تعالي : (( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا {8} لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه ")) { من سورة الفتح }
لذلك يجب تقديم محنة النبي الكريم على محبة جميع الناس حتى على النفس والولد والوالد . قال رسول الله – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – (" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ")
• ومن حقوق النبي الكريم : توقيره واحترامه وتعظيمه ، توقيره في حياته : توقير سنته وشخصه الكريم ، وتوقيره بعد مماته : توقير سنته وشرعه القويم ، ومن رأى توقير الصحابة لرسول الله عرف كيف قام هؤلاء الأجلاء بما يجب عليهم لرسول الله ، قال عروة بن مسعود لقريش – حين أرسلوه ليفاوض النبي في الصلح في قصة الحديبية قال : دخلت علي الملوك كسري ، قيصر ، والنجاشي ، فلم أر أحدا يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمدا ، كان إذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم حفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له ، مع ما جبله الله عليه من الأخلاق الكريمة ولين الجانب وسهولة النفس ولو كان فظا غليظا لانفضوا من حوله .
• من حقوق النبي : تصديقه فيما أخبر به من الأمور الماضية والمستقبلية ، قال تعالي : ((" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم")) { من سورة آل عمران }
• ومن حقوق النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – الدفاع عن شريعته وهديه بما يستطيع الإنسان من قوة بحسب ما تتطلبه الحال من السلاح ، ولا يمكن لأي مؤمن أن يسمع من يهاجم شريعة النبي عليه الصلاة والسلام أو شخصه الكريم ويسكت علي ذلك مع قدرته علي الدفاع .
ثالثا : حقوق الوالدين .
لا ينكر أحد حق الوالدين علي اولادهما ، فهما سبب وجود الولد وحق الوالدين عليه حق كبير ، لذلك أمر الله تعالي الولد بالإحسان بوالديه إحسانا وشكرا ، فقال تعالي في كتابه : ((" ووصَينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ")) { من سورة لقمان } ،وقال تعالي : ((" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {23} واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ")) { من سورة الإسراء } .
• إن حق الوالدين علي الإنسان أن يبرهما وذلك بالإحسان إليهما قولا وفعلا بالمال والبدن تمتثل أمرهما في غير معصية الله ، تليَن لهما القول وتقوم بخدمتهما ولا تتضجر منهما بالكبر والمرض والضعف ، فمن برَ بوالديه برَه أولاده ، ومن عقَ والديه عقَه أولاده ، والجزاء من جنس العمل فكما تدين تدان .
• ولقد جعل الله حق الوالدين مرتبة كبيرة وعالية ، حيث جعل حقهما بعد حقه المتضمن لحقه وحق رسوله ، فقال تعالي : ((" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ")) { من سورة النساء} .
وقدم النبيَ – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – بر الوالدين علي الجهاد في سبيل الله ، كما في حديث ابن مسعود – رضي الله عنه- قال : قلت يا رسول الله ، أي العمل أحب إلي الله ؟ قال : الصلاة في وقتها ، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله .
رابعا : حق الأولاد .
الأولاد تشمل البنين والبنات – وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها :
التربية وهي تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتى يكونوا على جانب كبير من ذلك . قال الله تعالي : ((" يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ")) { من سورة التحريم } ، وقال رسول الله – عليه الصلاة والسلام – كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته .
فالأولاد أمانة في عنق الوالدين وهما مسئولان عنهم يوم القيامة ، وبتربيتهم التربية الدينية والأخلاقية يخرج الوالدان من تبعة هذه الرعية ويصلح الأولاد فيكونوا قرة عين الأبوين في الدنيا ، يقول الله تعالي في كتابه : ((" والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كلَ امرئ بما كسب رهين ")) { من سورة الطور } ، ويقول النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم - : إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له .
• ومن حقوق الأولاد يجب علي الوالد تغذية جسم الولد بالطعام والشراب ، وكسوة بدنه ، كذلك يكسو روحه بلباس التقوى ، ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق بالسؤال عنهم وتوجيهم إلي خير ونهيهم عن الشر .
• ومن حقوق الأولاد أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه من المال .
• ومن حقوق الأولاد أن لا يفضل أحدا منهم علي أحد في العطايا والهبات ،فلا يعطى بعض الأولاد شيئا ويحرم الآخر ، فإن ذلك من الجور والظلم والله لا يحب الظالمين لان ذلك يؤدي إلي حدوث العداوة بينهم ، لكن إن أعطى بعضهم شيئا يحتاجه ولا يحتاجه الآخر فلا بأس ولا ضرر فيه .
ومتى قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فإنه يجب علي الولد أن يوفق ببر والديه ومراعاة حقوقه .
خامسا : حقوق الأقارب
القريب هو الذي يتصل بالإنسان في القرابة كالأخ والعم والخال وأولادهم وكل من ينتمي له بصلة له حق القرابة ، قال تعالي : (( " وآت ذا قربى حقَه ")) { من سورة الإسراء } ، وقال تعالي : ((" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى ")) { من سورة النساء } فيجب على كل قريب أن يصل قريبه ،بالمعروف .وقال النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم - : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه .
• وكثير من الناس مضيعون لهذا الحق ،تجد الإنسان منهم لا يعرف قرابته بصلة لا بالمال ولا بالخلق وتمضي الأيام والشهور والسنوات ولا تودد إلي أقربائه بهدية ، وقد يصل البعيد ويقطع القريب .كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – قال : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطع رحمه وصلها . وسأله رجل فقال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إليَ وأحلم عنهم ويجهلون عليَ ، فقال النبي : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت علي ذلك .
• ولو لم يكن في صلة الرحم إلا أن الله يصل الواصل في الدنيا والآخرة ، فيمده بالرحمة وييسر له الأمور ويفرج عنه الكربات مع ما في صلة الرحم من تقارب الأسرة .
سادسا : حــــق الزوجــــين
للزواج آثاره ومقتضيات كبيرة ، فهو رابطة بين الزوج والزوجة ، يلزم بحكل فرد منهما بحقوق للآخر : حقوق بدنية ، وحقوق اجتماعية وحقوق مالية .
• فيجب على الزوجين : أن يعاشر كل منهما الآخر بالمعروف ، قال تعالي : ((" وعاشروهن بالمعروف ")) { من سورة النساء } ، وقال تعالي : ((" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ")) { من سورة البقرة } كما يجب على المرأة أن تبذل لزوجها ما يجب عليها بذله .
• ولقد جاءت النصوص الكثيرة بالوصية بالمرأة ومراعاة حالها ، فقال رسول الله : استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء . وفي رواية إن المرأة خلقت من ضلع ولن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها : طلاقها . وفي هذه الأحاديث أنه ينبغي للإنسان أن يقارن بين المحاسن والمساوئ في المرأة ، فإنه إذا كره منها خلقا فليقارنه بالخلق الثاني الذي يرضاه منها ولا ينظر إليها بمنظار السخط والكراهة وحده .
• ومن حقوق الزوجة علي زوجها أن يقوم بواجب نفقتها من الطعام والشراب والكسوة والمسكن وتوابع ذلك لقوله تعالي : ((" وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ")) { من سورة البقرة } ، وقال النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم - : ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف .
• ومن حقوق الزوجة علي زوجها : أن يعدل بينها وبين جارتها { الزوجة الثانية } إن كانت له ، يعد بينهما في الإنفاق والسكن والمبيت وكل ما يمكنه العدل فيه ، فإن الميل إلي إحداهما كبيرة من الكبائر
• وأما ما لا يمكنه ان يعدل فيه كالمحبة وراحة النفس فإنه لا إثم عليه فيه لأن هذا بغير استطاعته ، قال الله تعالي : ((" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ")) { من سورة النساء } ، ولكن لو فضَل إحداهما على الأخرى في المبيت برضاها فلا بأس ، كما كان رسول الله يقسم لعائشة يومها ويوم سودة حين وهبته سودة لعائشة – رضي الله عنهما .
• أما حقوق الزوج علي زوجته : فهي أعظم من حقوقها عليه ، لقوله تعالي : ((" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجَال عليهن درجة ")) { من سورة البقرة } والرجل قوَام على المرأة يقوم بمصالحها وتأديبها وتوجيهها ، كما قال تعالي : ((" الرجال قوامون علي النساء بما فضل بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم ")) { من سورة النساء } .
• ومن حقوق الزوج علي زوجته : أن تطيعه في غير معصية الله ، وأن تحفظه في سرَه وماله ، فقد قال رسول الله : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
• فمن حقوقه عليها : ألا تعمل عملا يضيع عليه كمال الاستمتاع ، ولقد جعل رسول الله رضا الزوج عن زوجته من أسباب دخولها الجنة ، كما روى الترمذي عن حديث أم سلمة أن رسول الله قال : أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة .
سابعا : حقوق الولاة والرعية
الولاة هم الذين يتولون أمور المسلمين ، سواء كانت الولاية عامة كالرئيس الأعلى في الدولة أم خاصة كالرئيس على إدارة أو عمل معين .
• فحقوق الرعية على الولاة : أن يقوموا بالأمانة التي حملهم الله إياها وألزمهم القيام بها من النصح للرعية والسير بها على النهج القويم الكفيل بمصالح الدنيا والآخرة ، ومن أرضى الله كفاه الله مئونة الناس وأرضاهم عنه لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء .
• أما حقوق الولاة على الرعية النصح لهم فيما يتولاه الإنسان من أمورهم وتذكيرهم إذا غفلوا والدعاء لهم إذا مالوا عن الحق وامتثال أمرهم في غير معصية الله ، فقال الله تعالي : (( " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ")) { من سورة النساء } ، وقال النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم - : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .
• ومن حقوق الولاة على الرعية : مساعدة الرعية لولاتهم في مهماتهم بحيث يكونوا عونا علي تنفيذ الأمر الموكول إليهم وأن يعرف كل واحد دوره ومسئوليته في المجتمع حتى تسير الأمور على الوجه المطلوب .
ثامنا : حـــــق الجيــــــــران
الجار هو القريب من الإنسان في المنزل ، وله حق كبير عليه ، إذا كان قريب منه في النسب وهو مسلم فله ثلاثة حقوق : 1- حق الجوار ، 2- حق القرابة ، 3- حق الإسلام .
إن كان قريبا وليس مسلم فله حقان : 1- حق الجوار ، 2- حق القرابة .
وإن كان بعيد وغير مسلم فله حق : 1- حق الجوار .
قال تعالي : ((" وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب ")) { من سورة النساء } وقال النبي – عليه الصلاة والسلام – ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه .
• من حقوق الجار على جاره : ان يحسن إليه بما استطاع من المال والجاه والنفع ، فقد قال رسول الله – :خير الجيران عند الله خيرهم لجاره .ومن الإحسان إلي الجار تقديم الهدايا إليه في المناسبات ، فإن الهدية تجلب المودة وتزيل العداوة .
• من حقوق الجار على جاره أن يكف عنه الأذى القولي والفعلي ، فقال رسول الله : والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله مؤمن ، قالوا : من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يؤمن لا يأمن جاره بوائقه .وفي رواية أخرى : لا يدخل الجنة من لايؤمن جاره بوائقه ، والبوائق : الشرور ، فمن لا يؤمن جاره شره فليس بمؤمن ولا يدخل الجنة .
تاسعا : حقــــــــوق المسلمـــــــــــين عمـــــــــــوما
وهذه الحقوق كثيرة ، ما ثبت أن النبي – صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم – قال : حق المسلم على المسلم ست :إذا لقيته فسلَم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصحه ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه .
الحق الأول : الســلام : فالسلام سنة مؤكد وهو من أسباب تآلف المسلمين وكما يدل عليه قول النبي الكريم : والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم .
وكان الرسول الكريم يبدأ من لقيه بالسلام ، ويسلم على الصبيان إذا مرَ بهم .
والسنة أن يسلم الصغير على الكبير والقليل على الكثير ، والركب على الماشي .
إذا لم يسلم الصغير فليسلم الكبير ، وإذا لم يلم القليل فليسلم الكثير ليحوز الأجر .
الحق الثاني : إذا دعاك فأجبه ، والإجابة إلي الدعوة سنة مؤكدة ، لما فيها جبر قلب الداعي وجلب المودة والألفة .
الحق الثالث :إذا استنصحك فانصحه : أي إذا جاء طالبا النصيحة يجب نصحه ، كما قال النبي الكريم : الدين نصيحة : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم .
الحق الرابع : إذا عطس فحمد الله فشمته : أي القول للعاطس يرحمك الله ،شكرا له على حمده عطس ولم لربه ، أما إذا عطس ولم يحمد الله فإنه لا حق له أن يشمت لأنه لم يحمد الله فكان جزاؤه ألا يشمت .
الحق الخامس : إذا مرض فعده وعيادة المريض زيارته ،وهي حق له على إخوانه المسلمين ، وكلما كان للمريض حق علي من بينه صلة قرابة أو صحبة أو جوار .
الحق السادس : إذا مات فاتبعه فاتباع الجنازة من حقوق الإنسان المسلم علي أخيه وفيه اجر كبير ، فقد ثبت عن النبي الكريم أنه قال : من تبع الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان ، قيل : وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين .
سابعا : كفَ الأذى عن أخيه المسلم : فإن في إيذاء المسلمين إثما عظيما ، قال تعالي : ((" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ")) { من سورة الأحزاب } ، وقد قال رسول الله : لا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه ، وماله وعرضه . وحقوق المسلم علي المسلم كثيرة ، وهي جامع في قول الرسول الكريم: المسلم أخو المسلم .
عاشــــــرا : حق غيـــــــــر المسلميــــــــــــن
غير المسلمين يشمل جميع الكافرين ، وهم أربعة أصناف :
الحربيون : ليس لهم علي المسلمين حق أو رعاية .
المستأمنون : فلهم على المسلمين حق الحماية في الوقت والمكان المحددين لتأمينهم ، لقول الله تعالي : ((" وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه "))
المعاهدون : لهم على المسلمين وفاء بعهدهم إلي المدة التي جرى الاتفاق عليها بين المسلمين وبينهم ما داموا مستقيمين للمسلمين على العهد الذي لم ينقضوا شيئا ولم يطعنوا في الإسلام .
الذميون : فهم أكثر الأصناف حقوقا علي المسلمين فيما لهم وما عليهم ، ذلك لأنهم يعيشون في بلاد المسلمين وتحت حمايتهم ورعايتهم بالجزية التي يبذلونها .