أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم الجمعة، أن جميع الظروف والعوامل القانونية والسياسية والإستراتيجية والعسكرية اللازمة للدفع بتدخل عسكرى، قد تحققت واكتمل نصابها فى سوريا، لإجبار المجتمع الدولى على العمل، لإنجاز ذلك التدخل.

وقالت "الصحيفة" فى سياق مقال افتتاحى أوردته على موقعها الإلكترونى اليوم الجمعة، "إن الوقائع التاريخية تكشف أنه نادرا ما تحقق التدخلات العسكرية فى كثير من بلدان العالم نجاحات، لاسيما وإن اتخذنا دول مثل العراق وأفغانستان عظة، وذلك حيث تتشابه الحالة العراقية والأفغانية فى بعض ملامحهما مع الأزمة السورية، سواء من حيث عدد السكان، أو التوترات العرقية والدينية، مما قد يستتبعه عزوفا دوليا عن تكرار الأمر ذاته فى سوريا".

وأشارت إلى أن الأحداث على أرض الواقع السورى تظهر اكتمال وتوافر جميع العوامل للدفع بتدخل عسكرى دولى فى ذلك البلد العربى، يسهم بدوره فى الإطاحة بنظام الرئيس السورى "بشار الأسد" الاستبدادى، ومن ثم حقن دماء الشعب السورى، ووضع حدا للاضطرابات الإقليمية المترتبة على تفاقم الأزمة الطاحنة فى سوريا.

وأضافت الصحيفة، أنه بالنسبة للمعطيات القانونية، فإن الانتهاكات التى تحدث فى المنطقة الحدودية، الواقعة بين سوريا وتركيا بشكل متكرر، قد خلقت وضعا جديدا، لم يعد فيه حق الاعتراض "الفيتو" الروسى والصينى لدى مجلس الأمن الدولى فعالا أو حائلا، دون تخويل أى تحرك تركى عسكرى فى هذا الصدد، الصفة الشرعية والقانونية".

وأوضحت أنه برغم من التنديدات شديدة اللهجة من قبل حلف شمال الأطلسى "ناتو"، أو مجلس الأمن الدولى ضد الانتهاكات التى ترتكبها القوات الموالية للنظام السورى، إلا أن النظام فى سوريا لم يتوقف عن شن هجماته، مما يؤدى بشكل شبه يومى إلى تبادل النيران بين الجانبين على نحو ينذر بخطر قادم.

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أزمة اللاجئين السوريين فى تركيا، مؤكدة أنها باتت تتفاقم يوما تلو الأخر فى ظل تدفق أعداد هائلة من السوريين، هروبا من القمع الذى تمارسه ضدهم قوات الأسد، فضلا عن الهجمات التى يشنها نشطاء أكراد ضد أفراد الجيش التركى وقوات الأمن التركية، مستغلين فى ذلك الأوضاع الأمنية المتردية فى الحدود بين سوريا وتركيا، مما يقوض أمن الدولة التركية.

ولفتت إلى أنه بإمكان تركيا الآن أن تلجأ إلى المادة رقم 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتى تخولها ممارسة حقها فى الدفاع عن النفس، ومن ثم السماح لها بطلب المساعدة العسكرية من شركائها فى حلف الناتو، وحينها سيقع العبء والحرج الأكبر على موسكو وبكين، إذا ما أرادنا تجاوز وتخطى حق تركيا فى استخدام حقها.

وأما على الصعيد السياسى، فقالت الصحيفة "إنه من المرجح أن تعمد الولايات المتحدة، بعد إعلان هوية الفائز ما بين الرئيس الأمريكى الديمقراطى باراك أوباما، ومنافسه الجمهورى ميت رومنى فى الانتخابات الرئاسية، إلى إصلاح الأمور واغتنام الفرص، للمناورة مرة أخرى من أجل فرض تدخل عسكرى فى سوريا".

وأضافت أن ذلك يأتى إلى جانب الدعوات التى تطلقها تركيا فى هذا الشأن، على لسان وزير خارجيتها "أحمد داود أغلو" مطالبة حلف الناتو بدور أكثر فعالية، معيدة إلى الأذهان، الخسائر البشرية الباهظة التى تكبدتها دول البلقان، منذ قرابة 20 عاما نتيجة تباطوء الناتو للدفع بتدخل عسكرى وقتها.

واعتبرت "الصحيفة" أنه من وجهة النظر الإستراتيجية، فإن الحرب الأهلية فى سوريا وصلت إلى حائط سد فى ظل عجز قوات الأسد من وأد الثورة فى بلادهم، يقابله عجز عسكرى لدى الثوار، لإدراك هدفهم فى الإطاحة بنظام الأسد، مشيرة إلى أن الهدف الحقيقى من التدخل فى سوريا، سيكون حينئذ إحداث توازن فى المعادلة لصالح الثوار، ومساعداتهم فى إسقاط النظام على غرار ما حدث فى ليبيا.

ورأت أن العامل العسكرى، يتبلور فى إنشاء منطقة عزل جوى تمتد على مساحة تصل إلى 50 ميلا بين الحدود السورية التركية ومدينة حلب السورية، مما يترتب عليه وضع نهاية لقصف النظام المتواصل للمدينة، إضافة إلى توفير ملاذات ومنافذ آمنة لثوار سوريا، من أجل إمدادهم بالدعم اللوجيستى اللازم، من خلال الأراضى التركية، وضمان تفوقهم فى القتال أمام قوات الأسد.