بالرغم من مرور 14 سنة على ذكرى وفاته، ولكنه مازال عالقاً فى أذهاننا، فهو يمثل رؤية الإسلام الوسطى، ونموذج العالِم لا يخاف فى الله لومة لائم، أليس هو من قال للرئيس السابق حسنى مبارك: "إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعينك الله على أن تتحمل". إنه إمام الدعاة الشيخ الشعراوى، الذى يمثل قيمة كبيرة لنا، خاصة فى شهر رمضان، حيث إن برنامجه الذى يذاع على القناة الأولى مستمر حتى الآن، ويتابعه الجميع فى موعده الثابت منذ سنوات قبل الإفطار.

لم يكن يعلم محمد متولى الشعراوى، الذى ولد فى 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم فى الحادية عشرة من عمره، أنه سوف يصبح يوماً من الأيام إمام الدعاة، فقد كان رافضاً لفكرة السفر إلى القاهرة للدراسة فى الأزهر الشريف بعد إنهاء دراسته فى الثانوية، إلا أن والده كان مُصِراً على سفره واصطحبه إلى القاهرة، ودفع المصروفات لجامعة الأزهر، والتحق الشعراوى بكلية اللغة العربية سنة 1937م.

تدرج الشعراوى فى الوظائف بعد تخرجه من الأزهر حتى وصل لمنصب وزير الأوقاف فى عام 1976، ثم تم تعيينه عضواً بمجمع البحوث الإسلامية عام 1980، وعرضت عليه مشيخة الأزهر، إلا أنه رفضها، وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية، وبدأ الشعراوى فى تسجيل خواطره عن القرآن الكريم على شاشة التليفزيون فى أواخر السبعينات، ومازالت تعرض حتى الآن، خاصة فى شهر رمضان، بشكل يومى.

وقال الشعراوى، فى مذكراته متحدثاً عن منهجه فى التفسير، "خواطرى حول القرآن الكريم لا تعنى تفسيراً للقرآن، وإنما هى هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن فى آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره، لأنه عليه نزل وبه انفعل، وله بلغ وبه علم وعمل. وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التى تبين لهم أحكام التكليف فى القرآن الكريم، وهى "افعل ولا تفعل".

"تحرى إلى الرزق أسبابه فإنك تجهل عنوانه ورزقك يعرف عنوانك".. أبيات شعر كتبها الشعراوى، فقد كان شاعراً، وكان يتفنن فى تحويل آيات القرآن الكريم إلى أبيات شعر، حيث كان الشيخ الشعراوى عندما يتذكر الشعر يقول "عرفونى شاعراً".