بالرغم من نشأته الشامية، إلا أن ملامحه حملت طابعاً مصرياً لا يقبل الشك، فهو ابن حى "الظاهر" الذى يحمل داخل طياته رائحة مصر القديمة وتراثها وأصلها وناسها الطيبين الذى يعتبر "فؤاد حداد" أو "والد الشعراء" واحدا منهم عن جدارة، شعر بهم واستلهم منهم قصائده وملاحمه الشعبية، فكتب "أدهم الشرقاوى" و"حسن المغنواتى"، وفتح فصلاً جديداً من فصول التراث الشعرى عندما كتب كلمات "المسحراتى" التى صاحبت طبلة "سيد مكاوى" بداية من عام 1964 حتى تحولت مع مرور السنين إلى أنشودة المسحراتى الخالدة التى تصاحب ظهور هلال الشهر الكريم.

"اصحى يا نايم.. وحد الدايم وقول نويت.. بكرة إن حييت الشهر صايم والفجر قايم.. اصحى يا نايم وحد الرزاق رمضان كريم" يرددها "مكاوى" كل ليلة بصحبة دقات طبلته، ويسجل بها "مسحراتى الشعراء" شكلاً جديداً لموعد السحور بكلمات قوية انطلقت قبل آذان الفجر، ولم تفارق طبلة المسحراتى منذ ذلك الحين، لتتحول إلى علامة خالدة من علامات شهر رمضان الكريم.

ومع كل ما حملته هذه الكلمات من إبداع إلا أنها ليست غريبة على "فؤاد حداد"، بعيداً عن لقب "البكوية" الذى حصل عليه والده، أو التعليم الفرنسى الراقى الذى تلقاه منذ صغره، وكل هذه التفاصيل التى تركها للغوص فى الشوارع والحوارى المصرية التى أخرج منها إبداعاً متفرداً منحه بلا منازع لقب "فنان الشعب"، امتزج بالشارع المصرى، وأخذت إبداعاته فى الزيادة يوماً بعد يوم، حتى افتتح مدرسة شعرية جديدة لم تكن موجودة من قبل فى الشعر العربى فبدأ فى كتابة القصائد العامية، خاصة بعد أن تردد على المعتقل عدة مرات لأسباب سياسية، مصراً على ألا يسكت قلمه عن تعرية الأخطاء التى يراها أمامه، فكانت النتيجة اعتقاله أكثر من مرة عام 1950 و1953 و1956، وكانت الفترة التى قضاها فى المعتقل عام 1959 هى الأطول على الإطلاق، وهى الخمسة سنوات التى أعقبتها دواوين مختلفة من شعر العامية بدأت "بالدبة" و"البغبغان" و"الثعبان"، ثم أعقبها ديوان "المسحراتى" الذى رسم به "حداد" لوناً من ألوان الطقوس الرمضانية التى تحمل اسم مصر.