اكتشف العلماء مؤخراً خريطة للقدس، قام برسمها سائح ألمانى يعود تاريخها إلى عام 1823، وتعد الخريطة الثانية من ناحية الحداثة لمدينة القدس، والخريطة تحدد بدقة الحدود والمبانى الرئيسية فى المدينة.

وكان الباحثون على معرفة بتلك الخريطة منذ سنوات عديدة، لكن لم يعثروا عليها إلا فى تلك الأيام، وقد عُثر على تلك الخريطة من قبل فريق العمل الذى تشكل من الباحثين الإسرائيليين حاييم غورين، وهو بروفيسور فى مجالى الجغرافيا والتاريخ فى الأكاديمية بتل حى فى إسرائيل، والبروفيسور ريكاب روبن من الجامعة العبرية فى القدس، وكذلك باحث من المعهد الألمانى الذين ينتمون للمعهد الجغرافى "ليبنيز" الواقع فى مدينة "لايبزيغ" بألمانيا، تحت إشراف الدكتور برونو لاسا.

وقال البروفيسور الإسرائيلى حاييم غورين لصحيفة هآراتس الإسرائيلية "ترجع أهمية الخريطة إلى كونها مكتوبة بخط اليد من قبل السائح الألمانى "يستفاليا" الذى قد قدم بزيارة القدس عام 1823، وبجانب تلك الخريطة الخاصة بمدينة القدس توجد خرائط إضافية، حيث سيتم الاعتماد على تلك الخرائط لاستكمال الأبحاث العديدة التى تهتم بتاريخ مدينة القدس، والتى يقوم بها العديد من الباحثين فى مختلف أنحاء العالم، ولكن تلك الخريطة تشكل أساسا لأى بحث يهتم بمدينة القدس، وعلى مدار التاريخ يتم رسم الخرائط الخاصة بمدينة القدس على أنها مكان مركزى وذلك لقدسيتها، ولكونها مجمعا للأديان الثلاثة.

وشرح غورين تاريخ رسم الخرائط قائلاً: "بدأ رسم الخرائط الجغرافية عن طريق الخرائط الوهمية التى يتخيلها الشخص فى ذهنه، ومن خلال رؤيته للوضع الخارجى، ومن ثم يتم تحويلها لخريطة واقعية، وقد اعُتمد فى السنوات الأخيرة على رسم الخرائط من المعلومات التابعة لمصادر المختلفة، والوصف الدقيق للمنطقة، والرسومات وغيره، ولكن تغير الوضع، وأصبح رسم الخريطة يعتمد على قياسات دقيقة عن طريق الأجهزة الحديثة، حيث فى القرن الـ 19 كانت الأجهزة قديمة وبسيطة جداً، ولكن فى القرن الـ 20 تغير الوضع، حيث أصبح رسم الخرائط أكثر تقدماً وتطوراً، أما عن القدس فلم يبدأ رسم الخرائط الدقيق لها إلا فى العقد الثانى من القرن الـ 19، وذلك بالاستناد إلى بيانات جغرافية وطبوغرافية دقيقة، وكذلك بالاعتماد على عمليات حسابية، وأول خريطة دقيقة للقدس رسمها الطبيب وعالم الطبيعة فرانز فيلهلم فى عام 1818، وكان من بين أول من كتب عن تلك الخريطة البروفيسور يهوشع بن آرية، على الرغم من أنها كانت خريطة أولية.

واستكمل حديثه مع هآرتس، ويكشف عن الصدفة التى ستؤدى لتغير تاريخى فى عالم الأبحاث، قائلاً "أخذنا العديد من السنوات لكى نصنف مجموعتين من الخرائط، أحدهما لشرق مدينة القدس والأخرى للجامعة فى الغرب، وأخذنا نبحث فى الخرائط الخاصة بفلسطين بوجه عام والقدس بوجه خاص، وفجأة عثرنا على تلك الخريطة فى الأرشيف الخاص بالخرائط بالجامعة ببرلين، وهى عبارة عن ست مخطوطات مكتوبة بخط اليد للسائح الألمانى، موضحاً بها البلدة القديمة، وتقسيم الأماكن لمربعات، والمبانى المركزية، والأماكن المقدسة الأخرى، وتم رسم تلك الخريطة على ورق شمع من حجم A5، ويوضح بها الحدود الدقيقة للقدس، ويقول البروفيسور حاييم "تلك الخريطة تعد خطوة مهمة جداَ فى تاريخ رسم الخرائط لمدينة القدس".