يختص الشعب الجزائرى خلال شهر رمضان المعظم بعادات نابعة من تعدد وتنوع المناطق التى تشكله، كما يشترك فى كثير من التقاليد مع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى.

تقول زهرة جموعى بالجالية الجزائرية بمصر يبدأ الاستعداد لهذا الشهر الكريم قبل حلوله بأيام من خلال ما تقوم به كل المنازل الجزائرية من إعادة طلاء المنازل وتنظيفها، علاوة على اقتناء كل ما يستلزمه المطبخ من أوانى جديدة وفرش وأغطية لاستقبال هذا الشهر . وتتسابق ربات البيوت فى تحضير كل أنواع التوابل والبهارات والخضر واللحوم البيضاء منها والحمراء لتجميدها فى الثلاجات حتى يتسنى لهن تحضير الإفطار لأفراد العائلة بما تشتهيه أنفسهم بعد يوم كامل من الامتناع عن الأكل والشرب.


وللحمامات الشعبية بالجزائر أهمية كبيرة فى شهر رمضان فالكل يذهب إلى هناك كعادة لدى الجزائريين بغرض النظافة والاستعداد لهذا الشهر، ويعتبر ضمن العادات والتقاليد الجزائرية، حيث يكون هناك إقبال كبير على الحمامات الشعبية وهى حمامات نظيفة فهى تقارب الحمامات المغربية والتركية ويتم ذلك فى الأيام الأخيرة من شهر شعبان وهى عادة يقوم بها النساء والرجال على حد سواء ويخصص وقت للرجال وآخر للنساء وتعتبر هذه العادة ضمن الاحتفالات بهذا الشهر الكريم، حيث يكرس شهر رمضان للصيام والشعائر الدينية.

ويتنافس المسلمون فى الجزائر على تأدية الشعائر الدينية وهذا بالإكثار من الصلوات وتلاوة القرآن أثناء الليل وطوال النهار، وكذلك الحرص على الصلاة داخل المساجد وخاصة صلاة التراويح وقيام الليل.

وتتجمع العائلات الجزائرية المسلمة خلال شهر رمضان على مائدة واحدة فى الانفطار فكل أفراد العائلة الصائمين يتجمعون فى وقت واحد وفى جو عائلى حميم لتناول مختلف أنواع المأكولات التى يشتهر بها المطبخ الجزائرى .


ويحظى الأطفال الصائمون لأول مرة باهتمام ورعاية كبيرة من ذويهم تشجيعا لهم على الصبر والتحمل والمواظبة على هذه الشعائر الدينية وتهيئتهم لصيام رمضان كاملا.


وتقول زهرة إنه من ضمن العادات والتقاليد الجزائرية وفى أول يوم صيام للطفل، حيث يصوم الطفل بدءا من 6 : 9 سنوات، تقوم بعض العائلات بصيام أطفالها فى الأيام الأولى من رمضان وعائلات تبدأ صوم أطفالها بدءا من يوم 27 من الشهر الذى يكون حسب ما جرت به العادة ليلة القدر أو ليلة 27 منه، ويتم إعداد مشروب خاص يتم تحضيره بالماء والسكر والليمون مع وضعه فى إناء بداخله خاتم من ذهب أو فضة من أجل ترسيخ وتسهيل الصيام على الأبناء مستقبلا، علما أن كل هذه التحضيرات تجرى وسط جو احتفالى، بحضور الوالدين والجد والجدة وأفراد آخرين من الأسرة والأقارب، وهذا تمسكا بعادات وتقاليد أجدادهم والسير على درب السلف وهناك أطفال يتم طهورهم أو ختانهم فى يوم 27، بحيث يكون احتفال بطهارة جماعية للأطفال الذكور باعتباره يوم مبارك والاتحاد النسائى الجزائرى فى مصر أعلن عن ختان أو طهارة أطفال الجالية الجزائرية لطهارة الأطفال بدءا من سن 3 : 4 سنوات، لأنه يتم الاحتفال بالطفل مثل العروس فى هذه الليلة وهناك ملابس خاصة للطفل الذى يتم ختانه ليلة 27 للتبارك بهذه الليلة والتى تمثل ليلة القدر.

وتحضر بهذه المناسبة أشهى الأطباق والحلويات وترتدى فيه النساء أجمل الملابس التقليدية كالكاراكو وتخضيب الأيادى بالحناء كما تفرش المنازل بأبهى وأجمل الفرش.

مائدة الإفطار:
تتفنن ربات البيوت فى إعداد مختلف أنواع المأكولات التى تتزين بها المائدة ساعة الإفطار. كما يمكن ملاحظة ظاهرة إيجابية تميز العائلة
الجزائرية، وتعبر عن أواصر التكافل والترابط الاجتماعى وهى تبادل النساء مختلف أنواع المأكولات بغرض تجديد موائد الإفطار يوميا. ولا يقتصر مطبخ العائلة الجزائرية على الأطباق التى تميز المنطقة التى تنتمى إليها العائلة بل تشمل أيضا كل أصناف وأنواع الأكلات التى تميز مائدة رمضان فى مختلف أرجاء القطر الجزائرى.

"فالشوربة" كما تسمى فى الوسط و"الجارى" الشرق الجزائرى أو "الحريرة" المشهورة فى غرب الوطن تعتبر من الأطباق الضرورية التى لا يمكن أن تخلو منها أى مائدة فى هذا الشهر وتتنوع الأطباق الأخرى حسب أذواق ربات البيوت.

كما لا يقتصر تحضير العائلة الجزائرية لمائدة الإفطار فحسب إنما يتم كذلك إعداد أو شراء مختلف المقبلات والحلويات التى تجهز خصيصا لسهرات رمضان وبهذه المناسبة تتحول جميع المطاعم والمحلات التجارية لبيع قلب اللوز والزلابية والقطائف والمحنشة "الجلاش" وغيرها من الحلويات. وبمجرد الانتهاء من الإفطار، تدب الحركة عبر طرقات وأزقة العاصمة إذ يتوجه البعض إلى بيوت الله لأداء صلاة التراويح ويقبل آخرون على المقاهى وزيارة الأقارب والأصدقاء للسمر وتبادل أطراف الحديث فى جو لا تخلو منه الفكاهة والمرح وتناول القهوة أو الشاى حتى انقضاء السهرة.

ومع اقتراب يوم عيد الفطر، تشهد المحلات التجارية اكتظاظا بالعائلات خاصة تلك التى تعرض ملابس الأطفال الذين بدورهم يقضون هذه الأيام فى التجول بين هذه المحلات برفقة والديهم من أجل اختيار واقتناء ما يروق لهم من ملابس لارتدائها والتباهى بها يوم العيد .