أصدرت مجلة الدوحة مع عددها لشهر يوليو الحالى طبعة جديدة لكتاب "الشيخان" لعميد الأدب العربى الراحل الدكتور طه حسين، وكتب صبرى حافظ، مقدمة هذه الطبعة، التى تقع فى مائتين وخمس عشرة صفحة من القطع المتوسط.

وتناول الكتاب سيرة الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، بطريقة يقول عنها صبرى حافظ، فى مقدمته إنها "كتابة جديدة للتاريخ مغايرة لحشد الروايات وتجميعها دون منهج واضح، لأنها كتابة تأخذ فى اعتبارها مكونات التاريخ الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبشرية على السواء، وتزن دور كل مكون من هذه المكونات بميزان علمى دقيق، حتى لا يبدو التاريخ للقارئ وكأنه تراكم للأحداث دون منطق أو علة، وإنما على أنه عملية صيرورة إنسانية فكرية واجتماعية معًا، ترتبط فيها النتائج بالأسباب والدوافع بالظروف والأحداث.

ويتساءل صبرى حافظ، فى مقدمته: لماذا كتب طه حسين عن الشيخين فى كتاب واحد ولم يفرد لكل منهما كتابًا خاصًا به، كما فعل محمد حسين هيكل، ثم عباس محمود العقاد من قبله؟ ويقول: إن طه حسين وضعهما فى كتاب واحد لأنه رأى أنهما قدما معا مشروعا واحدا متكامل الأركان موصول الحلقات، هو مشروع الخلافة فى أرقى صورها وأكثرها عدلا ومثالية، وأن سنوات خلافتهما الاثنتى عشرة هى فترة واحدة مستمرة ومتكاملة.

ويقول الدكتور طه حسين فى مقدمته للكتاب: أنا لا أملى هذا الحديث لأثنى على الشيخين ولا لأفصل تاريخ الفتوح فى عصرهما، وإنما أريد إلى شىء آخر مخالف لهذا أشد الخلاف، أريد أن أعرف وأن أبين لقارئ هذا الحديث شخصية أبى بكر وعمر رحمهما الله، كما يصورها ما نعرف من سيرتهما، وكما تصورها الأحداث التى كانت فى عصرهما، وكما يصورها هذا الطابع الذى طبعت به حياة المسلمين من بعدهما، والذى كان له أعظم الأثر فيما خضعت له الأمة العربية من أطوار وما نجم عنها من "فتن"، ويستطرد عميد الأدب العربى قائلا: "فسيرة هذين الإمامين قد نهجت للمسلمين فى سياسة الحكم وفى إقامة أمور الناس على العدل والحرية والمساواة نهجًا شق على الخلفاء والملوك من يعدهما أن يتبعوه فكانت نتيجة قصورهم عنه – طوعًا أوكرهًا – هذه الفتنة التى قتل فيها عثمان رحمه الله، والتى نجمت عنها فتن أخرى قتل فيها على رضى الله عنه، وسفكت فيها دماء كثيرة كره الله أن تسفك، وانقسمت فيها الأمة الإسلامية انقسامًا ما زال قائمًا إلى الآن.