أهدت الإعلامية والكاتبة الدكتورة درية شرف الدين مكتبة الإسكندرية ديوان والدها الشاعر والأديب عبد الحق شرف الدين، وهو بعنوان "أحاسيس الحياة"، ويضم أكثر من 260 قصيدة، وتقول الدكتورة درية شرف الدين إن هذا الديوان الشعرى لوالدها كان كآلة الزمن التى ترد فى الروايات الأدبية، وفى أفلام السينما الخيالية، فتأخذ أصحابها إلى الماضى الذى لم يعيشوه، أو إلى المستقبل الذى لم يعرفوه.

وتضيف: "استعدت أبى للحظات بدت لى كالحلم المستحيل، بطلعته المهيبة، ووسامته التى لم يستطع الزمن أن يمحو آثارها، وبجديته، وطرف ابتسامته، وفرط حنانه الذى كان حريصًا على أن يخفيه فى قلبه، واختار أن يضمنه أبيات شعره".

وتصف درية شرف الدين تجربتها عند قراءة الديوان بأنها جمعت فى لحظة نادرة من لحظات الزمن خلاصة تجاربه ومشاعره، وأفراحه وأحزانه، قرأت بعينيه ولمست الحروف بيديه، انتشيت فخرًا معه بنسبه إلى أسرته، وزهوًا بمولد أبنائه وأحفاده، وفرحًا بنصرة مصر فى حرب أكتوبر 1973.

وتقول: "لم أكن أتخيل أبدًا هذا الوجه الجاد عاشقًا أو محبًا، لكن أبيات شعره فضحت مكنون قلبه، وكشفت عن رقة وضعف لم أعهدهما فيه، واستطاع بمهارة أن يخفيها عن عينى".

وتبين أنها اقتربت كثيرًا من أبيها، وكانت أصغر أبنائه وبناته، مما منحها صحبة طويلة معه، بعد أن أصبح متفرغًا من عمله الرسمى، يذهب إلى معشوقته، إلى قريته البستان، ويزور أهله، ويتفقد أرضه، وتوضح كيف تعلمت منه الحرف والكلمة وإجادة اللغة، وعشقت الكتاب من مكتبته الثرية.

وتقول إن ديوان أبيها أعادها إلى أبيه وجده وجدها لأمها؛ الذين لم تعاصرهم، وعرفها على أصدقائه وأقاربه ومعارفه، ومناسبات أسرته، وأحداث مصر السياسية والاجتماعية لما يقرب من ثلاثة أرباع قرن من الزمان.

وتضيف "أمل خيرًا فى الملك الشاب فاروق، وصادق الشيخ أحمد حسن الباقورى، وحيا فؤاد باشا سراج الدين، والهلالى باشا وزير المعارف، وأحب عبد الناصر عندما قام بثورة يوليو، ثم غضب عليه عندما حدثت النكسة، وكاد يبكى حزنًا وشعرًا عندما أبعدوه عن وزارة المعارف، وهو فى مناصبها العليا إلى وزارة الأوقاف فى السنوات الأخيرة من عمله، ربما عقابًا له على اعتراضه على السياسة التعليمية فى مصر، عندما تولى الوزارة وزراء من العسكريين غير المؤهلين، وكأنما هدته بصيرته إلى ما سيحدث من تدهور لمستوى التعليم فى مصر".

ويضم ديوان "أحاسيس الحياة" أكثر من 260 قصيدة تنقسم إلى عدد من الأبواب؛ هى: "الروحيات" و"المدائح والاجتماعيات" و"الأهاجى والأوصاف" و"المراثى" و"الشكوى" و"التهانى" و"الأناشيد".

ويعد الشاعر والأديب عبد الحق شرف الدين من الشعراء المرموقين، وهو حاصل على نوطين ذهبيين فى الشعر فى العهد الملكى عام 1937 و1946. ومن إنتاجه الأدبى "تراجم الأدباء" و"مصرع خليفتين" و"شجرة العروسين".

يذكر أن الكاتب شرف الدين ولد فى قرية البستان بمحافظة الدقهلية عام 1897. والده هو العالم الشيخ على شرف الدين، الحاصل على شهادة العالمية من الأزهر الشريف عام 1918. تخرج عبد الحق شرف الدين فى كلية دار العلوم سنة 1918، وترقى فى وظائف وزارة المعارف، حتى وصل إلى منصب مراقب عام التعليم فى محافظة الدقهلية، والتى كان يتبعها وقتئذ التعليم فى محافظتى دمياط والشرقية. وتوفى إلى رحمة الله فى أكتوبر 1975.