عقد أسامة صالح، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أمس الأربعاء، اجتماعاً مع عدد من كبريات الشركات الأمريكية العاملة فى مصر والأعضاء بمجلس الأعمال المصرى الأمريكى المشترك، وذلك فى إطار الزيارة التى يقوم بها حالياً إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث قام خلال اللقاء باستعراض آخر التطورات التى شهدتها المؤشرات الاقتصادية فى مصر، والخاصة بمعدلات نمو الناتج المحلى، كما تطرق إلى الانتخابات الرئاسية الجارية حالياً، مؤكداً لكافة الشركات الأمريكية التزام الحكومة المصرية بضمان حماية الاستثمارات الأجنبية فى مصر، والتوجه الإيجابى للدولة نحو اقتصاد السوق والتعاون المستمر مع القطاع الخاص كقاطرة لنمو الاقتصاد الوطنى.

وأثمرت سلسلة الاجتماعات عن تأكيد شركتى "كرايزلر" و"جنرال موتورز" خطتهما للتوسع باستثماراتهما فى مصر خلال الشهور المقبلة، بعد طلبهما المساواة بين السيارات الأمريكية والأوروبية فى بعض المواصفات الخاصة بالصناعة، معلنين رغبتهما الأكيدة فى استكمال مسيرتهما الاستثمارية الناجحة بمصر.

كما أثمرت اجتماعات الوفد المصرى بممثلى مجتمع الأعمال الأمريكى بواشنطن عن الاتفاق مع شركة "جى.إيى" الأمريكية على قيام وفد منها بزيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بهدف دراسة إمكانية إقامة مشروع استثمارى ضخم للشركة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة بمصر.

وأشار أسامة صالح إلى زيادة معدلات النمو خلال الفترة الأخيرة بمصر فى قطاعات التشييد والبناء الصناعة والسياحة، وكذلك زيادة الاحتياطى من النقد الأجنبى فى شهر مايو 2012 من 15.2 إلى 15.5 مليار دولار، فضلاً عن عودة متوسط عدد الشركات الجديدة التى يتم تأسيسها والتوسع فيها إلى معدلات أعلى من الفترات السابقة، وهو ما يمثل فى مجمله مؤشرات إيجابية نسبياً وملامح مطمئنة للمستثمرين بتطور الأمور الاقتصادية بمصر فى اتجاه الأفضل، رغم المرحلة الانتقالية وحالة عدم الاستقرار الداخلى الذى عاشته البلاد خلال الشهور الماضية، وهى فى طريقها للتحول الديمقراطى، ولإرساء قواعد مصر ما بعد ثورة 25 يناير.

وتناولت المناقشات بين الجانبين مستقبل اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة، حيث أكد أسامة صالح على أهمية هذه الاتفاقية ليس بالنسبة لمصر وحدها وإنما لكلا البلدين، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية من المؤكد أنها ستدخل ضمن أولويات القائمين على الاقتصاد المصرى عقب استقرار الأوضاع بمصر وانتخاب الرئيس الجديد لها.

كما تطرق النقاش إلى موقف المشروعات المدرجة بين الحكومة والقطاع الخاص، والمعروفة بنظام الـ(PPP)، حيث أبدى عدد من الشركات الأمريكية اهتمامه بالاستثمار من خلال هذه المشروعات المشتركة فى مجالات خدمات الرعاية الصحية والبنية التحتية، وكذلك المشروعات التنموية الكبرى التى تستهدفها مصر خلال المرحلة المقبلة.

وفى هذا الصدد، قام صالح باستعراض خطة الدولة خلال الفترة المقبلة فى مجال مشروعات الطاقة الجديدة، وموقف الحكومة من سياسة الدعم فى هذا المجال، مؤكداً أن تطوير استغلال مصادر الطاقة المتجددة فى مصر يمثل هدفاً قومياً وضرورة قصوى على المستوى الوطنى، لما يتضمنه ذلك من فرص ثمينة وصور دعم حقيقية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإستراتيجية، ولما يتيحه من قدرات للتوسع الإقليمى والعالمى، وخلق المزيد من فرص العمل لأبناء الشعب المصرى.

وأكد صالح لممثلى الشركات الأمريكية أن مصر لديها خطة لزيادة إنتاج الطاقة بحلول عام 2020 بنسبة 20%، منها 12% من طاقة الرياح و8% من طاقة المياه والطاقة الشمسية، وأنه نظراً لهذه المرحلة المهمة من مراحل التحول الاقتصادى والاجتماعى والسياسى التى تمر بها مصر فى مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، فإن ترشيد استخدام الطاقة بجميع أنواعها وتوظيفها فى خدمة التنمية يتطلب تكاتف جميع الجهود لتعظيم فرص ومجالات دور الطاقة الجديدة والمتجددة واستغلالها بما يدعم الاقتصاد المصرى ويحقق صالح المواطن فى مصر.

واستعرض أسامة صالح تجربة الهيئة العامة للاستثمار مع الشركات الفرنسية فى هذا المجال، مشيراً إلى قيام هيئة الاستثمار، منتصف العام الماضى، بطرح عدة حوافز لجذب الاستثمارات الفرنسية فى مجال الطاقة المتجددة من خلال إعطاء عقود طويلة الأجل للشركات الفرنسية لشراء الطاقة المنتجة، وإصدار البنك المركزى المصرى عدة ضمانات ائتمانية لتقليل مخاطر مشاركة الشركات الفرنسية فى ضخ استثمارات جديدة، وتخفيض قيمة الجمارك على معدات المشروع من 5% إلى 2%، حتى يتم رفعها نهائياً، مع زيادة مشاركة الشركات الفرنسية فى مشروعات الطاقة المتجددة، بجانب توفير الأراضى المرفقة اللازمة لإنشاء المشروعات ضمن المناقصات الخاصة بها.

ولفت صالح إلى أن هذه الحوافز التى أعلنت هيئة الاستثمار طرحها تمكنت من جذب ما يقرب من 35 مستثمراً أجنبياً فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما يجعل هذه التجربة جديرة بالدراسة والتعميم مع عدد من الشركات من دول أخرى تهتم بالاستثمار فى هذا القطاع الاقتصادى والخدمى الحيوى والمهم، فضلاً عن قيام الهيئة بطرح نظام التعريفة المميزة على مجموعة من الشركات الفرنسية والألمانية والأمريكية، مما يتيح للمستثمر الأجنبى حق تملك المشروع وبيع الإنتاج للحكومة المصرية نظير تعريفة محددة، وذلك بهدف إنهاء إقامة مشروع مزرعة رياح بقدرة 1000 ميجاوات بمنطقة خليج السويس خلال عام 2013.

حضر اللقاء نيفين الشافعى، نائب رئيس هيئة الاستثمار، ونخبة من مسئولى وزارة التجارة الأمريكية وغرفة التجارة الأمريكية ومكتب التمثيل التجارى الأمريكى، وكذلك السيد كاش شوكسى المدير التنفيذى لمجلس الأعمال المصرى الأمريكى، والذى أعلن فى ختام اللقاء عن بحث المجلس لترتيب زيارة رسمية تضم مجموعة من الشركات الاستثمارية الأمريكية إلى مصر خلال شهر سبتمبر المقبل، وذلك بهدف بحث سبل التعاون المصرى الأمريكى خلال الفترة المقبلة استثمارياً.