احاديث قدسية

[samsam22]

واحيانا يتباهى البعض بما عندهم من علم فيتطاولون على من لا علم له والله يقول لسيد الخلق (وعلمك ما لم تكن تعلم) فالعلم من عند الله والصلاة فضل من الله ولا يتقبل الله من العبد الصلاة الا اذا كان متواضعا بها لعظمة الله تبارك وتعالى غير متكبر بها على احد من خلقه .
(ولم يبت مصرا على معصيتى) الصرار معناه الاستمرار على المعصية فلو اذنب المرء وندم واستغفر غفر له ولو تكرر منه ذلك او تكررت تلك المعصية فالحديث الشريف يقول(اذا اذنب العبد ثم استغفر قال الله تعالى :علم عبدى ان له ربا ياخذ بالذنب ويغفر الذنب :يا ملائكتى قد غفرت له ...فاذا اذنب العبد ثم اسثغفر قال الله تبارك وتعالى: علم عبدى ان له ربا ياخد بالذنب ويغفر الذنب ... يا ملائكتى اشهدكم انى قد غفرت له)

[samsam22]

وهكذا يذنب العبد ويستغفر فيغفر له ولكن بشرط الا يصر على المعصية والاصرار معناه ان يرتكب المرء المعصية ولا يندم عليها ويبيت ليله وهو ناس ذنبه او يبيت وهو نوى ان يعيد الذنب نفسه فى غده . كما ان المرء اذا فرغ من صلاة الظهر وارتكب المعاصر والذنوب وجاء للوضوء لصلاة العصر فتذكر ذنبه فتتساقط الذنوب مع قطرات المياه فاذا وقف للصلاة وقف طاهرا نظيفا فاذا نسى شيئا لم يتذكره فى وضوئه تذكره فى صلاته فالصلاة مراّة العبد يرى ويتذكر افعاله فاذا كانت خاطئه شعر بالخجل والندم فاذا ركع او قام او سجد تساقطت عنه الذنوب فيخرج كمن لا ذنب له اما من يصلى ولا يذكر ذنبه فستغفر منه فصلاته ليست بكفارة لا الله يقول (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).

[samsam22]

(وقطع نهاره فى ذكرى) هذا لا يعنى ان يقضى نهاره يسبح ويذكر الله فقط بل يكون فى معايشه وتقلبه طوال النهار ذاكرا لله شاعرا بنعمته عليه فمثلا الطعام والاكل فاذا حمد الله وشكره عند الطعام والشبع فهذا ذكر اذا راى شيئا جميلا فى الكون فقال سبحان الله اذا راى عليلا حمد ربه على ان عافاه مما ابتلاه به اذا راى العاصى حمد ربه على نعمة الطاعة كل ذلك ذكرا لله بالقلب والفكر.

[samsam22]

ورحم المسكين وابن السبيل والارملة والمصاب) بعد الصلاة وذكر الله تاتى الرحمة لان الصلاة تصنع شيئين بالمرء الاول انها تظهر على وجهه والكثيرين من العارفين بالله اذا نظر احدهم الى وجه احد عرف ان كان يصلى ام لا والامر الثانى انها تورث القلب رقة ورحمة وهذا الوصف ظاهرا قى القراّن فى قوله تعالى(والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا)اقترن لفظ الرحمة مع الركوع والسجود وتجاور الرحمة مع الركوع والسجود فى الاية يشعرنا بما تورثه الصلاة فالصلاة لها اثران ظاهرى وباطنى الظاهر هو النور فى الوجه والباطنى هو الرحمة والرقة ويقول (انما يرحم الله من عباده الرحماء)...(ارحموا من فى الارض يرحمكم من فى السماء) وكان بالمؤمنين رحيما كما وصفه القران وتجد الرحمة عند الانبياء اعظم واشمل منها من الاولياء ثم الامثل فالامثل وكلما اقترب العبد من الله تبارك وتعالى تخلق بالاخلاق الفاضلة واشتدت الرحمة فى قلبه وعمت فيرحم اهله ثم جيرانه ثم عشيرته ثم الناس جميعا لذا تجد هؤلاء الرحماء تشع رحمتهم فى الدنيا كما ان لهم رحمة فى الاخرة بالشفاعة لاهلهم واحبابهم وجيرانهن فهم الشفعاء يوم القيامة.

[samsam22]

ورحم المسكين) والمسكين من المسكنة اى السكون اى اسكن الفقر حاجته.(وابن السبيل)وهو المسافر وسمى ابن السبيل لانه ملازم للطريق وابن السبيل مطلوب له الرحمة لانه قد تفرغ نقوده وهو فى سفره فيحتاج للعون .(والارملة)وهى من مات عنها زوجها وقد تكون فقيرة او غنية الحديث لم يحدد صنفا من الارامل ولكن ذكر الارملة والتى قد تحتاج مساعدة للحصول على معاش زوجها مثلا فليتق المتزوج ربه لانه لا يضمن ان ياتلا الصباح فتصبح زوجته ارملة (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا).(ورحم المصاب) المصاب هو من اصيب فى بدنه او ماله او ولده او احد من اهله فيحتاج للمواساة او المساندة ولا احد يدرى ما فى الغد فلو دامت الدنيا ما اّلت اليك.

[samsam22]

(ذلك نوره كنور الشمس)اى انه فى الدنيا يصل نوره الى السموات السبع حتى ترى الملائكة نوره على الارض كما ترى انت نور الشمس وليس فى حياته فقط وانما فى قبره وحتى يبعث يوم القيامة (يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الانهار).

[samsam22]

(اكلؤه بعزتى) الكلاءة هى العناية الشديدة (واستحفظه بملائكتى)اى يعين له حرسا من الملائكة والله سبحانه يقول (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله) وكان الرسول يحرس باصحابه فى اول البعثة حتى نزلت الاية(يايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فصرف الحرس فاذا مش الصحابة خلفه يحرسونه قال لهم (خلوا ظهرى للملائكة) والملائكة اكرم حرس لا يعصون لله امرا ويفعلون ما يؤمرون.

[samsam22]

اجعل له فى الظلمة نوا) النور هما شيئان ظاهر وباطن الظاهر هو الرؤية فى الظلام كما كان يحدث مع بعض الصحابة منهم : اسيد بن حضير وعباد بن بشر( رضى الله عنهما) اذا كان النور ينبعث من عصا كل منهما اذا مشى فى الظلام .. والباطن هو انه مهما كثرت الاباطيل وغمضت الامور واستغلقت على الافهام فهم يرونها على حقيقتها والله يقول(او من كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها) وسواء كانت الظلمة حقيقية ام كانت استغلافا للامور فرؤيتهم لها واضحة والنور نور البصيرة.

[samsam22]

(وفى الجهالة حلما) الجهالة هى خروج المرء عن وعيه او اتزانه من غضب او تهور وهؤلاء مهما بلغت بهم الجهالة او جهل عليهم غيرهم يمنحهم الله من حلمه وعلمه.
(ومثله فى خلقى كمثل الفردوس فى الجنة) الخلق هنا هم الصالحون من الناس والفردوس اعلى الجنان ومنها تتفجر الانهار فى الجنات الاخرى وسقفها عرش الرحمن .
تم الحديث بحمد الله.

[samsam22]

الحديث الرابع


(انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا...
يا عبادى كلكم ضال الا من هديته فاستهدونى اهدكم....
يا عبادى كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعمونى اطعمكم.....
يا عبادى كلكم عار الا من كسوته فاستكسونى اكسكم....
يا عبادى انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا غير الشرك فاستغفرونى اغفر لكم......
يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى.....
يا عبادى لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئا....
يا عبادى لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئا.....
يا عبادى لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسالونى فاعطيت كل انسان مسالته ما نقص ذلك مما عندى شيئا الا كما ينقص المخيط البحر .....
يا عبادى انما هى اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه)
رواه مسلم وابو عوانة وابن حبان والحاكم عن ابى ذر رضى الله عنه.

[samsam22]

شرح الحديث


حين حرم الله تبارك وتعالى الظلم على نفسه جعل ذلك تفضلا واحسانا منه لانه الله تبارك وتعالى يفعل ما يريد والظلم هنا هو ان يحسن المرء فلا يجد ثواب احسانه ويسىء المرء فيعاقب باكثر مما يستحق على اساءته او ان تضيف على المسىء سيئات لم يرتكبها او تضيف الى المحسن سيئات لم يفعلها ذلك هو الظلم المقصود وان كان الله وهو قادر على كل شىء الا انه تفضلا واحسانا اراد ان يثيب المحسن ويجازى المسىء فلا يجد الانسان فى الاخرة الا عمله فيجزى به

[samsam22]

.. فان كان الله تبارك وتعالى قد حرم الظلم على نفسه فمن باب اولى ان يكن محرما على عباده لذلك نهاهم عن التظالم وهو اول نهى فى الحديث والظلم انواع ودرجات ومهما ارتكبت من شرور ومعاصى وسيئات فى حق نفسك فاستغفارك تمحو سيئاتك.....

[samsam22]

اما المظالم
كان تكون ضربت هذا او شتمت هذا او اكلت مال هذا فلا يصلح معه الاستغفار وحده ولكن لابد من رد المظالم .... ولذلك نجد ان القران الكريم يحدثنا عن التوبة بآيات مختلفة مثل (الا من تاب وآمن...) فالمعصية هنا متعلقة بالعقيدة فمطلوب منه التوبة ثم الايمان وتصحيح العقيدة...

[samsam22]

وهناك(الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا....) الامر هنا يتعلق بالسيئات والاساءات التى فعلها العبد تخص ذاته ونفسه فيبادر بالحسنات ليمحوها... وهناك الاخفاء للحقائق (الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا...) فالمطلوب هنا هو التبيان لما سبق واخفوه كشرط من شروط التوبة وهناك(والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا تكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه واصلح...) فالمطلوب هنا الاصلاح بان يرد المسروق اما ان يستغفر فقط فلا يجوز...

[samsam22]

ومن هنا نجد ان من اخطر الذنوب ظلم الانسان لاخيه الانسان وحديث(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته..) يوضح ان الظلم درجات فظلم المسئول اخطر من ظلم الغير مسئول وظلم القاضى اخطر من ظلم الانسان العادى وهكذا بحسب وضع الانسان فى الدنيا تتفاوت درجات الظلم...