الدكتورة نبيلة السعدي

تؤكد الدكتورة نبيلة السعدى، أخصائية تواصل بالمركز المصرى للاستشارات الزوجية والأسرية، أننا بحاجة إلى تعليم أطفالنا آداب الاختلاف، لذلك علينا أن نعرف أن طبيعة الاختلاف تفرض آداب مختلفة تناسب كل مجتمع، فقد يكون علميا أو فكريا أو اجتماعيا، ولكل واحد من هذه الاختلافات آدابه الخاصة به، وهى مقسمة إلى ثلاث أقسام:
أولاً: الآداب الأخلاقية، وتوجد لها مجموعة من الضوابط الأخلاقية التى لابد من مراعاتها، مثل احترام الطرف الآخر بمعنى عدم احتقاره باللفظ أو التعبيرات الحركية حسن الظن بالآخر، عدم غيبة الآخر وتتبع عيوبه.

ثانياً: الآداب العلمية، وهى تشمل وجوب معرفة أطراف الحوار بالقضية محور النقاش، وتمتعهم بالقدرة على إبداء الرأى، وحب البحث عن الحقيقة كأسلوب علمى للحكم على الآخر.

وتضيف، لابد من تكافؤ أطراف الحوار، وقد صدق الشافعى- رحمه الله- عندما قال: "ما جادلت عالماً إلا وغلبته، وما جادلنى جاهل إلا غلبنى"!، والشافعى هنا يشير إلى أن هناك نوعاً من الناس لا يجيدون آداب الاختلاف، ويكونون متعصبين لرأيهم، ولا يسمحون للطرف الآخر أن يقول رأيه تحجرا وتشاغبا، دون الآداب والالتزام بالموضوعية وإنصاف الرأى الآخر، بالابتعاد عن حب الذات وصنمية الفكر والأشخاص، ولذلك ربما تكون الغلبة لهم، ولكن ليس إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل.

ويأتى ثالثاً الآداب الاجتماعى، وهى تهتم بمراعاة أمور عدة، مثل التكيّف مع الرأى الآخر وقبول الاختلاف، وعدم إسقاط الآخر اجتماعياً، والاعتراف بحق إبداء الرأى.

وتؤكد نبيلة على الأسر المصرية عادة تهتم بتعليم أطفالهم آداب الطعام والشراب والنوم، وذلك حسب تعاليم الدين، لكنهم لم يهتموا بتعليمهم آداب الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- فى الحوار وتأدبه فى اللفظ.

إن آداب الحوار مهارة يجب أن نحرص على أن يكتسبها الأطفال الذين سيصبحون شبابا يمثلون سواعد مجتمعهم .

إن مشكلة سوء الفهم أو التفاهم واحدة من القضايا المهمة التى نعيشها سواء على الصعيد الفكرى أو الاجتماعى، وما تشهده ساحات الحوار من إفراز عدائى هو دليل على سوء الفهم، فنحن لا نستطيع أن نحترم من نختلف معه ولا حتى نقبل وجوده، من هنا فإننا نشهد حالة الجفاء وعدم التواصل لبعضنا البعض على الصعيد الفكرى، وتحيط بنا عدم الثقة فى التعامل مع الآخر، وقد تورطنا فى محاولة إقصاء الآخر، والسؤال لماذا نسىء فهم الآخر؟
جزء من تفسير هذه المشكلة يعود بنا إلى نظام التربية المعتمد على السلطة الأبوية، فإن الطفل الذى يقمع رأيه ولا تحترم رغبته لا يمكن أن يوجد لديه متسع لتفهم وجهة النظر المخالفة لوجهة نظره، وألا يربى على الخلاف فى الرأى ,ويجب أن يتاح له فرصة أن يقول رأيه دون حجرا أو وصاية، حتى وإن كانت مخالفة، ثم نقنعه بالصواب، نحن نسىء الفهم لأننا لم نتعرف إلى الآخر، وربما قرأناها بشكل خاطئ.

وتوضح د. نبيلة أن الأسرة المسئولة عن سوء الفهم الذى يقع فيه الآن الشباب؛ لأنهم لم يغرزوا فيهم منذ الطفولة فكرة آداب الاختلاف.