ـالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

•• وجوب الغسل

يجب تغسيل الميت قبل أن يدفن، وإذا دفن بلا غسل لأيّ سبب كان ـ عمداً أو خطأ ـ ولا مضرّة على بدنه من نبش قبره ولا هتك لستره وكرامته ولا شقاق وقتال بين أهله وجب نبشه وإخراجه من القبر وتغسيله إن أمكن، وإلاّ يُمِّمَ على التفصيل الآتي.

ـ ومن مات ـ أو ماتت ـ وعليه الغسل من الجنابة، أو الحيض ـ لو كانت امرأة ـ غُسّل غسل الأموات وكفى، ولا يجب أن يغسّل غسلا آخر.

•• من يجب تغسيله؟

يجب تغسيل الميّت إذا توافرت فيه الاُمور التالية:

الأول: أن يكون مسلماً، وأطفال المسلمين ومجانينهم بحكمهم، حتّى السقط إذا تمّت له ستّة أشهر يجب تغسيله كالكبير، بل لا يترك الاهتمام والاحتياط بتغسيله قبل ذلك أيضاً إذا تمّت له أربعة أشهر[1]. ولا فرق في الميت المسلم بين الشيعي والسني، فالشرط هو إسلام الميّت مهما كان نوع مذهبه، وأمّا الكافر فلا يجب تغسيله.
وإذا علمنا أنّ أحد هذين الميّتين مسلم والآخر غير مسلم وتعذر التمييز والتعيين وجب غسل كلٍّ منهما وتكفينه ودفنه.

الثاني: أن لا يكون الميّت شهيداً، فالشهيد لا يجب تغسيله، بل يدفن بعد الصلاة عليه في دمائه وثيابه بلا تغسيل ولا تحنيط ولا تكفين.

والمراد بالشهيد: من توافر فيه أمران:

أحدهما: أن يستشهد لاشتراكه في معركة سائغة مشروعة من أجل الإسلام.
والآخر: أن لا يدركه المسلمون وبه رمق من الحياة، فإذا أدركوه وبه رمق من الحياة ثمّ مات وجب الغسل، وكلّ من توافر فيه هذان الأمران فهو شهيد، سواء أدركه المسلمون على أرض المعركة أو خارجها.

ولقد أطلق الشارع الأقدس كلمة " شهيد " على النفساء، ومن انهدم عليه الجدار ـ مثلا ـ فمات، والغريق، وعلى من مات دفاعاً عن ماله وأهله، وغير هؤلاء، والمراد: مساواتهم أو مشابهتهم للشهداء في الأجر والثواب، لا في عدم الغسل والتكفين.

الثالث: أن لا يكون قد مات قتيلا بقصاص أو رجم، فلا يغسّل من قتل بحقٍّ قصاصاً; لأ نّه ارتكب جناية القتل عمداً، ولا من رجم بحقٍّ أيضاً بالحجارة حتّى الموت; لأ نّه اقترف فاحشة الزنا، لا يغسّل هذا المرجوم ولا ذاك المقتول، بل يؤمر كلّ منهما بأن يَغتسِل تماماً كغسل الأموات بالكامل، ثمّ يحنّط ويكفّن كأ نّه ميّت، وبعد ذلك كلّه يقدّم للقتل أو للرجم، ويصلّى عليه بعد موته، ويدفن في مقابر المسلمين. وهكذا نعرف أنّ كلّ ميت يجب تغسيله، إلاّ الشهيد، أو من قتل قصاصاً أو رجماً.

•• كيفية الغسل والتيمّم البديل

ـ ويسوغ غسل الميّت بمجرّد خروج الروح من جسده وقبل برده، ويجوز تغسيله من وراء الثوب، ولا يجوز للمغسّل أن ينظر إلى عورة الميّت، أو يلامسها بيده حين التغسيل، ويجوز ذلك للزوج بالنسبة إلى زوجته.

•• مسائل في شروط الغسل

مسألة: لو كان على الميّت غسل الجنابة أو الحيض أو نحوهما هل يجزي عنه غسل الميّت؟
الجواب: لا يجب إلاّ تغسيله غسل الميّت.

مسألة: اذا كان شعر المرأة المتوفاة طويلا وعلى شكل ظفيرة هل يجب فتحه وايصال الماء الى تمامه عند التغسيل، او تركه كما هو وغسله؟
الجواب: يجب ايصال الماء.

مسألة: إمرأة لم تغتسل غسل مس الميت جهلا أو نسيانا، وبعد مدة علمت بالمسألة، هل يجب عليها إعادة الصلاة التي صلتها بدون غسل مس الميت؟
الجواب: نعم يجب الاعادة.

مسألة: ما هو الحكم اذا أسقطت المرأة طفلها الذي بلغ أربعة اشهر ميتا؟
الجواب:لو كان مستوى الخلقة عرفاً وجب على الاحوط تغسيله بغسل الميت وتكفينه ودفنه.

•• شروط المغَسِّل

وهي اُمور:

الأول: البلوغ، فلا يجزي غسل الميّت من الصبي، حتى ولو غسّله على أكمل وجه، بمعنى أنّ البالغين لا يمكنهم الاكتفاء بذلك.
الثاني: العقل، فلا يجزي الغسل من المجنون.
الثالث: الإسلام، فلا يجزي الغسل من الكافر.
الرابع: المماثلة بين الميّت والغاسل، فالذكر يغسّله ذكر، والاُنثى تغسّلها مثلها; ما عدا الزوج والزوجة فإنّ لكلٍّ منهما أن يغسّل الآخر.
وأيضاً يسوغ لكلٍّ من الذكر والاُنثى أن يغسّل الطفل غير المميّز، حتى ولو تجاوز عمره ثلاث سنين، صبيّاً كان أم صبيّة، ونريد بغير المميّز هنا: من لم يبلغ السنّ التي يحتشم فيها.
وأيضاً للمحارم بنسب أو رضاع أو مصاهرة أن يغسّل بعضهم بعضاً، دون النظر إلى العورة إذا لم يوجد مماثل مسلم مؤمن[2]، والمراد بالمحارم هنا: من يحرم التزاوج فيما بين بعضهم البعض تحريماً مؤبّداً على أساس نسب أو رضاع أو مصاهرة، كالآباء والبنات والإخوة والأخوات.

وإذا اشتبه الميّت بين الذكر والاُنثى غسّل مرّتين: مرّةً بيد الذكر، واُخرى بيد الاُنثى، إلاّ إذا كان دون سنّ البلوغ والتمييز فيغسّل مرّةً واحدةً بيد ذكر أو اُنثى.
الخامس: أن يكون الغاسل وليّاً للميت، أو مأذوناً من قبل الولي، وهذا يعني أ نّه إذا كان الغاسل ولياً للميت صحّ الغسل منه، ولا يحتاج إلى إذن وترخيص من غيره; لأ نّه الولي، وإن كان الغاسل غير وليّ للميّت وجب عندئذ الاستئذان منه كشرط لصحّة الغسل.

والولي هنا الزوج ـ في ما يعود إلى موت الزوجة ـ فإنّه يُقدّم حتّى على الآباء والأبناء، ومن بعده الفئة الاُولى رتبةً في الميراث، ومن بعدها الثانية، ثمّ الثالثة على التفصيل الموجود في أحكام الإرث. والبالغون في كلّ فئة مقدّمون على غيرهم[3].
وإذا كانت الفئة تشتمل على ذكور وإناث فلا يوجد مايبرّر الجزم بتقديم الذكور على الإناث في هذا الحقّ[4].

وإذا امتنع الولي أن يباشر بنفسه وأن يأذن به إلى غيره سقط اعتبار إذنه، وصحّ تغسيل الميت من غير إذن، وكذلك أيضاً إذا تعذّر الاستئذان منه، كما إذا كان غائباً ولا يتاح الاتّصال به فلا ينتظر عندئذ إذنه.
ـ إذا أوصى الميّت أن يتولّى ويباشر شخص معيّن غسله بنفسه، أو يباشر تجهيزه بالكامل ـ الغسل وغير الغسل ـ فهل يجب على هذا الشخص أن يلبي وينفّذ؟ وإذا لبّى ونفّذ فهل عليه أن يستأذن من الولي أيضاً؟
الجواب: كَـلاّ، بل له أن يرفض، وإذا قبل واستجاب باشر ونفّذ بلا استئذان من الولي، ولا يجوز في هذه الحالة أن يزاحمه الولي في تنفيذ الوصية.

وإذا أوصى الميت أن يكون التجهيز بنظر شخص معيّن وليس بمباشرته وممارسته جاز لهذا الشخص أن يرفض ما دام الموصي حيّاً، وبإمكانه أن يعهد إلى غيره. وإن لم يرفض حتّى مات الموصي لم يكن له أن يرفض حينئذ، وإذا تقبّل هذه المهمَة لم يكن عليه أن يستأذن من الولي، بل لايسمح للولي أو غيره في مباشرة التجهيز بدون إذن الوصي، وهذا يعني أنّ وصي الميّت مقدّم على الولي في هذه الناحية.

•• مسائل في شروط المغَسِّل


مسألة: هل يشترط المماثلة بين المغسِّل والميّت في الذكورة والاُنوثة؟
الجواب: نعم يشترط المماثلة، ولكن يستثنى من ذلك الزوج والزوجة والطفل الصغير غير المميّز.
مسألة: لو لم يوجد المماثل حتّى الكتابي ما هو الحكم في هذه الحالة؟
الجواب: إن وجد من المحارم غير المماثل كالاُخت والاُمّ غسّله الَمحرَم غير المماثل وإلاّ سقط الغسل.
•• مسائل في غسل مسّ الميّت

مسألة: من عليها غسل مس الميت هل يحق لزوجها مقاربتها والتوقف في المسجد وقراءة سور العزائم؟
الجواب: كل هذا جائز.

•• الكفن

بعد أن يغسَّل الميّت المسلم ويحنَّط على الوجه المتقدّم يجب تكفينه بثلاث قطع، ذكراً كان أم اُنثى أم خُنثى، عاقلا أم غير عاقل، كبيراً أم صغيراً، حتى السقط إذا تمّ له أربعة أشهر[5]، وإلاّ يُلَفّ كيف اتّفق ويدفن[6].
والقطعة الاُولى: من الثلاث تسمّى " المئزر " يلفّ الميّت من السرة إلى الركبة[7].
والثانية: " القميص " من أعلى الكتفين إلى نصف الساق[8].
والثالثة: " الإزار " يغطّي البدن بالكامل من أعلى الرأس حتّى نهاية القدم.
والشرط في كلّ قطعة أن تستر ما تحتها.

•• شروط الكفن

يشترط في كلّ جزء من الكفن ـ للذكر كان أم للاُنثى ـ أن يكون طاهراً حتى من النجاسة المعفوّ عنها في الصلاة ـ يأتي الكلام عنها مفصّلا في فصول الصلاة ـ وأن يكون مباحاً، لا حريراً ولا ذهباً، ولا من حيوان لا يسوغ الأكل من لحمه[9]، جلداً كان أو شعراً أو وبراً، ولا من جلد حيوان مأكول[10]، ولا بأس بشعره ووبره.

ولكن هذه الشروط تسقط بالكامل عند العجز عنها، أمّا التكفين فلا يسقط بحال إلاّ مع العجز عنه بالذات، كما سبقت الإشارة، وعلى هذا فإذا تعيّن وانحصر الكفن بالنجس، أو بالحرير، أو أيّ شيء ممنوع عند الاختيار كُفّن به الميت. أجَل، لا يجوز التكفين بالمغصوب إطلاقاً; لأنّ وجوده وعدمه بمنزلة سواء.

وإذا وجد في هذه الحال كفنان: أحدهما حرير والآخر نجس، أو أحدهما من جلد المذكّى المأكول والآخر من شعرِ ووبرِ غير ذلك فهل نتخيّر كما نشاء، أو يجب التقديم والتأخير؟

الجواب: إن وجد ثوب نجس من غير الحرير، بل من القطن مثلا، وثوب طاهر ولكنّه من الحرير كفّن الميت بهما معاً، إلاّ أن يكون الحرير نجساً أيضاً فيترك عندئذ، ويُكتفى بالنجس غير الحرير.
وإن كان أحدهما نجساً ـ حريراً كان أم غير حرير ـ والآخر طاهراً وليس بحرير ولا بنجس كجلد مذكّى قُدّم هذا الجلد المذكّى على النجس.
وإن كان أحدهما حريراً طاهراً والآخر ليس بحرير ولا نجس كجلد المذكّى قدِّم جلد المذكّى على الحرير. وإن كان كلّ منهما طاهراً ومن غير الحرير ـ كجلد المذكّى المأكول وشعر ووبر غير المأكول من حيوان طاهر ـ فالحكم التخيير بينهما.

ولا بأس بالكفن منسوجاً من الحرير وغيره إذا كان غير الحرير هو الأغلب والأكثر من الحرير، فيسوغ مع توفّر هذا الشرط أن يكفّن بهذا النسيج الرجل والمرأة، حتّى مع التمكّن والقدرة على غيره.
إذا أصابت النجاسة كفن الميت وجبت إزالتها وتطهير المحلّ، حتّى ولو بعد أن يوسّد الميت في قبره. أمّا طريقة تطهير الكفن، وهل تكون بالغسل إن أمكن، أو بقصّ مكان النجاسة إن لم يمكن مع الحرص على بقاء صفة الكفن المطلوبة شرعاً، أو تبديله من الأساس؟ أمّا طريقة التطهير بذلك أو بغير ذلك فتتبع اختيار المكلّف مع مراعاة احترام الميّت وصيانته من الهتك ونحوه.
إذا كُفِّن الميت وشُكّ بعد الفراغ من التكفين في أنّ هذا التكفين هل جرى وفقاً لما يجب، أو لا؟ بني على الصحة[11].

•• مسائل في الكفن

مسألة: امرأة ولدت توأمين متلاصقين وتوفّيا قبل فصلهما، فكيف يكون دفنهما؟ افتونا مأجورين.
الجواب: يكفي تكفينهما في كفن مشترك، ولا يجب فصل أحدهما عن الآخر.

مسألة: افتونا في أنّ كفن الزوجة هل من النفقة الواجبة على الزوج؟ ثم على فرض كونه كذلك فلو أمكن إنفاقه إمّا على الزوجة وإمّا على الاُمّ فأيّتهما المقدّمة؟
الجواب: نعم يجب كفن الزوجة على الزوج، وأمّا مع التزاحم بينه وبين كفن الاُمّ فالأحوط تقديم كفن الزوجة.

مسألة: كفن الزوجة وسائر مؤن تجهيزها هل هي واجبة على الزوج؟
الجواب: نعم.
مسألة: لو مات الزوج بعد زوجته أو قبلها أو مقارناً لها ولم يكن له مال إلاّ بمقدار كفن واحد هل يقدّم عليها؟
الجواب: يقدّم عليها، وتكفّن الزوجة عندئذ من تركتها.

مسألة: هل يلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب؟
الجواب: لا.

•• الدفن

يجب دفن كلّ ميّت مسلم ـ ذكراً كان أم اُنثى ـ وجوباً كفائياً بالمعنى المتقدم في الغسل، وكذلك يجب دفن أطفالهم ودفن السقط منهم أيضاً، حتى السقط الذي لم يبلغ أربعة أشهر من أشهر الحمل، فإنّه يلفُّ بخرقة ويدفن[12]، وإذا انفصل من الإنسان بعد موته وقبل دفنه شيء كالظفر أو السنّ والشعر فيجب دفنه، والأحسن احتياطاً واستحباباً أن يدفن معه[13].

كيفيته: بعد تغسيل الميّت وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه يدفن; وذلك بمواراته في حفرة من الأرض تمنع عنه الطيور والوحوش، وتكفّ رائحته وضرره عن الناس.
ويجب ان يُلقى في حفرته على جانبه الأيمن; موجّهاً وجهه والجانب الأمامي من بدنه إلى القبلة، فيكون رأسه إلى اليمين، ورجلاه إلى اليسار بالنسبة إلى القبلة. ومع الجهل بالقبلة والعجز عن معرفتها فأيّ جهة يظنّ بأنها هي يوجّه الميّت إليها، وإذا تعذّر العلم والظنّ معاً فإلى أيّ جهة يوجّه فهي كافية ومجزية.

•• مكان الدفن

يجب أن يلاحظ في الأرض التي يدفن فيها الميت ما يلي:

أوّلا: يجب أن يكون المكان مباحاً شرعاً، فلا يسوغ الدفن في أرض يملكها الغير بدون إذنه، ولا في أرض موقوفة لغير الدفن.
ثانياً: لا يسوغ دفن الميّت المسلم في مكان مرذول، كمحلّ القذارة والقمامة.
ثالثاً: لا يسوغ دفن المسلم في مقابر الكفّار[14]، كما لا يسوغ لغير المسلم أن يدفن في مقابر أهل الإسلام[15].
وإذا حَمَلت غير المسلمة من مسلم بصورة مشروعة فجنينها بحكم أبيه المسلم، فإذا ماتت بعد أن دبّت الحياة في الجنين وأيضاً مات الجنين بموتها دفنت في مقابر المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرةً القبلة; ليكون وجه الحمل إليها.
والأحوط استحباباً أن يلاحظ في ذلك أن يكون الخدّ الأيمن للجنين نحو الأرض وخدّه الأيسر إلى أعلى; وذلك بأن توضع المرأة على جانبها الأيمن.

والأولى والأفضل أن يدفن الميت في أيّ بلد مسلم يموت فيه[16]، سواء مات في بلده أو في غيره فلا ينقل إلى بلد آخر. أجَل، يستحبّ نقل الميت إلى أماكن الطهر والقداسة[17]، وبالخصوص النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة.
ـ نبش القبر والكشف عن الميت حرام محرّم[18]، إلاّ مع العلم بأنّ الأرض قد أفنته ولم تُبقِ له لحماً ولا عظماً، ويستثنى من هذا التحريم الحالات التالية:

أوّلا: إذا كان النبش لمصلحة الميت كنقله إلى النجف وكربلاء، أو للخوف على جثته من سيل أو وحش، أو تنفيذ وصية له فيما إذا كان قد أوصى بالدفن في غير المكان الذي دفن فيه وما أشبه.
ثانياً: لتدارك فتنة مستعصية، أو شرٍّ مستطير لا يمكن تفاديها إلاّ برؤية جسد الميت ومشاهدته.
ثالثاً: فيما إذا دفن الميت ولم يراعَ في دفنه الشروط الشرعية، أو لم يكن قد استكمل ـ بالصورة الشرعية ـ التجهيزات السابقة على الدفن من التغسيل والتحنيط والتكفين، فإنّه ينبش حينئذ لتدارك الأمر; ما لم يكن في ذلك هدر لكرامته وإطاحة بقدره. وأمّا إذا كان قد دفن بدون أن يصلّى عليه فيكفي أن يصلّى عليه وهو في قبره[19].
رابعاً: إذا دفن معه مال غير زهيد لشخص ولم يكن ذلك الشخص يأذن في ذلك، فينبش لكي يدفع ذلك المال إلى صاحبه.
وليس من مبرّرات النبش وجود ميّت آخر يراد دفنه في نفس القبر، فإنّه لا يجوز نبش القبر لدفن ميّت آخر فيه[20].

•• أحكام عامّة للأموات وتجهيزهم

مجموعة الاعمال التي يجب اجراءها على الاموات من التغسيل الى الدفن تسمى بالتجهيز وللتجهيز احكام عامة نذكرها فيما يلي:
اولا: الزوجة إذا ماتت وزوجها حيّ، فإنّ كلّ ما يجب شرعاً لتجهيز الزوجة على الزوج، حتّى ولو كانت غنيةً أو صغيرةً أو مجنونةً، أو لم يدخل الزوج بها (الدخول: معناه المقاربة والاتّصال الجنسي)، أو كانت الزوجة غير دائمة (أي تزوجها متعةً)، أو مطلَّقة رجعية[21] وماتت فى العدّة.

وأيضاً لا فرق في مسؤولية الزوج عن تجهيز الزوجة بين أن يكون صغيراً أو كبيراً، وعاقلا أو مجنوناً، غنياً أو فقيراً إذا وجد مايكفي لنفقات التجهيز الواجب، أو أمكنه استقراضه بلا عسر ومشقّة.
وإذا ماتت الزوجة ومات زوجها في الوقت نفسه كان تجهيزها من تركتها، لا من تركة الزوج. وإذا أوصت بأن تجهّزَ من مالها وأخذت الوصية طريقها إلى التنفيذ لم يجب على الزوج شيء في ماله.
ثانيا: لا يجوز التمثيل بالميت المسلم أو تشريح جثّته، ولا التصرّف فيها بنحو يوجب إهانته والمسّ من كرامته; لأنّ حرمة المسلم ميّتاً كحرمته حيّاً.

وهناك حالات يجوز فيها التشريح ونحوه للضرورة:

منها: إذا حَمَلت المرأة المسلمة ومات حملها وخيف منه على حياتها فإنّه يجب أوّلا أن تعالجَ إخراجَ الجنين من بطنها طبيبة من أهل الاختصاص، وعلى هذه القابلة المختصّة أن ترفق باُمّ الجنين جهدَ المستطيع، حتى ولو استدعى ذلك أن يُقطّعَ الحمل الميت أرباً.
وإن تعذّر وجود المرأة المختصّة والمحارم وانحصرت عملية الإخراج الجراحية الضرورية بأجنبيّ مختصٍّ فلا مانع ـ من الشريعة السمحة ـ أن يباشرها بنفسه، بشرط الاقتصار على ما تدعو إليه الحاجة.
وإن ماتت اُمّ الجنين وهو حيّ أخرجته من بطنها الطبيبة المختصّة أو الطبيب المختصّ على الوجه المتقدّم في موت الجنين دون اُمّه، ويسوغ عندئذ فتح بطن الاُم الميتة; حيث يتوقّف إنقاذ الجنين الحي على ذلك.

ومنها: إذا توقّف تعلّم الطبّ على ممارسة التشريح لجثّة إنسان مسلم وكان العدد الواجب تواجده من الأطباء كفايةً غير متوفّر بعد ففي هذه الحالة يجوز ذلك بقدر الضرورة. والمقياس في عدم توفّر العدد الواجب من الأطبّاء أن يوجد في المنطقة ـ التي يريد المكلّف العمل في جزء منها كطبيب ـ من يموت من المرضى بسبب عدم توفّر الطبيب[22].
ثالثاً: لا يجوز أن يُقتَطَع من شعر الميت أو ظفره شيء حال التغسيل، أو قبله، أو بعده، فلو اقُتطِعَ من ذلك شيء قبل أن يدفن وجب دفنه، والأحسن احتياطاً واستحباباً أن يدفن معه[23].
•• مسائل في الدفن

مسألة: مسيحية تموت وفي بطنها جنين مسلم فكيف تغسل وكيف تدفن وأين تدفن؟
الجواب: لا يجب غسلها ولا دفنها في مقبرة المسلمين أما الجنين فلو كان حيا يمكن اخراجه من بطنها وانجاؤه من الموت ولو بتكميل نموه في الانابيب الاصطناعية وجب ذلك.

مسألة: هل يجوز دفن المرأة مع الحلي (المجوهرات) ؟
الجواب: هذا اسراف محرم.

مسألة:اذا صلت المرأة على الميت وكانت حائض ماذا يترتب عليها؟
الجواب: يجوز باذن ولي الميت.

•• مسائل في تجهيز الميت

مسألة: هل تسقط ولاية الزوج على تجهيز زوجته المتوفّاة لو كان هو قاتلها، أو لا؟ وكذلك أيّاً من أولياء الميّت لو كان هو القاتل أو شريكاً في القتل؟
الجواب: الظاهر سقوط ولايته، لأنّ الوليّ هو الأولى بالإرث، والقاتل ليس وارثاً.

مسألة: اذا ماتت الحامل أثناء وضع الحمل، فهل يجب على الآخرين التأكد الكامل من موت الجنين أو حياته؟
الجواب: نعم يجب.

مسألة: لو مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه ما هو الحكم؟
الجواب: يجب إخراجه، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب، وإلاّ جاز تقطيعه.

مسألة:ما هو الحكم لو مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه؟
الجواب: يجب الحفاظ على سلامة الام باسقاط الجنين او اخراجه.

مسألة: هل أن المرأة اذا ماتت في حالة الولادة تعتبر شهيدة؟ وكذلك الانسان لو مات في حريق او غرق أو حادث آخر، وهل يختص ذلك بالمسلم؟
الجواب: نرجو ان يثيبهم الله ثواب الشهيد ولو ببعض مراتبه.

مسألة: امرأة توفّيت ولم تصلِّ في مرضها مدّة ثلاثة أشهر وهي في حالة وعي، وعشرة أيّام في حالة إغماء، وكانت مطلوبة شهرين صيام وشهر منهما لم تصمه لمنع الدكتور، فما حكمها؟
الجواب: الصلاة التي ذهبت بالإغماء لا قضاء لها، والصوم الذي ذهب في داخل شهر رمضان بالمرض المستمرّ إلى الموت لا قضاء له، والباقي يُقضى، وليكن القضاء بإذن جميع الورثة إن اُخذت اُجرته من التركة