في احدي الغرف المغلقه قبع ذلك الطفل الصغير .داخل صندوق

محكم الاغلاق لا يتنفس الا من خلال فرجه بسيطه بين الألواح

لتكفل له الحياه . عاش سنوات طوال هذا الطفل داخل هذا

الصندوق يجتر ألما ومراره عدم حديثه . وامام هذا الصندوق وقف

عملاقا قاس الملامح ممسكا بيده سوطا أشد قسوه منه .وخارج كل

ذلك وقف وجه يراقب هذا الأمر وفي غفله من هذا العملاق دخل

صاحب هذا الوجه صوب الصندوق ليفتح لهذا الطفل .ويفك أسره

فخرج الطفل وقد شاخت ملامحه وبدا عليه الاعياء . الا أنه

سرعان ما انتصب وأخذ يصيح ويصيح ويتحدث ويتحدث .حتي

انزوي هذا العملاق جانبا ولأول مره تملأ وجه هذا الطفل السعاده

فأخذ يقفز فرحا حتي انه تجرأ علي العملاق وامسك بسوطه ونزل

علي صدره به فأطلق العملاق صوتا مهيبا ارتجفت له جدران

الغرفه جميعها . ترك الطفل السوط من يده وأخذ يتحدث ويقفز من

الفرح ...حتي تعب فسكت ..أخذ يبحث له عن مخرج داخل الجدران

المغلقه ...فلم يجد ....أخذ يخمش بأصابعه الجدران ..فكانت

الجدران صلبه لا مخرج منها .....جلس الطفل الصغير في وسط

الغرفه يندب حظه العاثر فبعد أن تحدث كما يحلو له وقفز فرحا الا

انه اصبح محبوسا أيضا بين جدران صلبه فهو لن يري النور أبدا

لن يراه ...نظر الطفل الي العملاق نظره غير التي كان ينظرها له

..فكانت ملؤها الود ..حتي انسحب الطفل صوب الصندوق الذي

عاش فيه كثيرا وهو علي قناعه تامه ان الجدران صلبه لا يمكن

باي حال المرور من خلالها ليري نهار يأمله وليل يطويه واكتفي

بالفرجه التي يتنفس منها والتي تساعده علي الحياه ....حتي قام

العملاق من مجلسه وقد ارتسمت علي ملامحه قسوه أشد من ذي

قبل ....فأمسك سوطه من جديد ثم اطلق صيحه هادره أصابت

جميع من بالحجره وخارجها بالخوف الشديد .....لقد صاح العملاق

فلم يعد يسمع غير صوته وسوطه