دع التدخين لإطعام .......

**Hazboor** · 23-05-2006, 12:56 AM

دع التدخين لإطعام الفلسطينيين

تعودت أن أراه مبتسما لا تغادر السيجارة فمه، خاصة في هذا التوقيت حيث تستعد الشمس للغروب فيقف في شرفة منزله المقابل لمنزلي يحتسي كوبا من الشاي، وفمه ينفث في سيجارته من حين لآخر.. لكن في هذا اليوم كان الحزن يخيم على وجهه، وكأن هموم الدنيا كلها قد تجمعت فوق رأسه، ولم أر بين إصبعيه سيجارته المعتادة.

سألته: ماذا بك يا أستاذ خيري؟ وأين سيجارتك المعتادة؟

كانت إجابته جاهزة: لقد أقلعت عنها.

فاستفسرت، وهل هذا هو سبب الحزن الذي أراه على وجهك؟

رد بسرعة: لا بل سببه ندمي على الأموال التي أنفقتها من قبل على شرائها، فقد اكتشفت أنني أنفق عليها 300 جنيه شهريا، في الوقت الذي يتضور فيه الفلسطينيون جوعا بعد قطع المساعدات عنهم عقب فوز حكومة حماس؛ لذلك قررت الإقلاع عنها والتبرع بقيمتها للإخوة الفلسطينيين. أثنيت على قراره بشدة متمنيا له موفور الصحة.

وما إن ودعته حتى فوجئت بسيل من الأسئلة يلح على ذهني أهمها: ترى كم مواطنا في العالم العربي ينفقون على التدخين بنفس المعدل الذي كان ينفقه الأستاذ خيري؟ وهل يجوز أن يظل المدخنون متمسكين بتلك العادة، بينما يمكن أن تساهم أموال التدخين في إنقاذ شعب جائع؟ علما بأن هناك دراسة للدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر تشير إلى أن العالم الإسلامي ينفق سنويا على المخدرات والتدخين 150 بليون دولار، ولو وجه 10% فقط من تلك الأموال لأمور تعود بالنفع على المسلمين فهي لا تكفي لنصرة إخواننا الفلسطينيين فحسب بل لتغطية احتياجات فقراء العالم الإسلامي أجمع.

موت وخراب ديار

هداني تفكيري إلى تصفح موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت، حيث أثق أني سأجد معلومات تساعدني في الإجابة.. لم أستغرق وقتا طويلا في البحث حتى فوجئت بتقرير يرجع إلى عام 2004 حول تلك العادة لم أستطع إلا أن أصف مضمونه بأنه "موت وخراب ديار".. فقد أشار إلى أن مواطني دول التعاون الخليجي ينفقون ما يقرب من 800 مليون دولار على استهلاك التبغ سنويا، وتنفق العائلات الفقيرة بإقليم الشرق الأوسط ما يتراوح بين 15 إلى 45% من دخلها اليومي على التبغ، ويصل في بعض البلدان إلى 60% من الدخل.

وتتصدر مصر وفق هذا التقرير قائمة الدول المستهلكة للتبغ بالإقليم، وهو ما يجعل الحكومة المصرية تنفق 454 مليون دولار سنويا لعلاج الأمراض الناجمة عن التدخين، بينما تنفق دولة مثل المغرب على التدخين ما يفوق إنفاقها على التعليم.. وليس ذلك فحسب بل إن تلك العادة تتسبب سنويا في وفاة 5 ملايين شخص بالعالم.

السعودية نموذجا

وإذا كانت إحصائيات المنظمة قد تناولت إلى حد ما الوضع بشكل عام، فإنه مع مزيد من البحث وجدت دراسة أخرى للدكتور حسن حزوري الأستاذ المساعد بكلية العلوم الإدارية والتخطيط بجامعة الملك فيصل تناولت الوضع داخل السعودية، مشيرة إلى أن تكلفة الإنفاق على التدخين في السعودية تساوى 98.3% من تكلفة المشاريع الجديدة المعتمدة لقطاع التعليم، والتي تكفي لبناء ألفا و420 مدرسة جديدة مع كامل تجهيزاتها وإنشاء 42 كلية جديدة في الجامعات بكل ما تحتاجه.

كما تمثل تكلفة التدخين 60% من اعتمادات الميزانية في مجال الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية، وهي ميزانية كافية لبناء 57 ألفا و600 شقة سكنية، مع العلم أن تكلفة الشقة الواحدة 250 ألف ريال سعودي، وتجهيز 27 ألفا و490 سريرا إضافيا بالمستشفيات.. كما أنها تكفي لتقديم مساعدة لـ400 ألف عامل عاطل عن العمل بمعدل 3 آلاف ريال سعودي لكل عامل شهريا، وتساوي ميزانية 14 جامعة في حجم جامعة الملك فيصل.

أموال ضائعة وشعب جائع

بقي سؤال كان علي أن أبحث له عن إجابة وهو: ما الذي يمكن أن تفعله تلك الأموال في إنقاذ الشعب الفلسطيني؟ ومدى مشروعية الاستمرار في تلك العادة بينما يوجد شعب جائع؟.

ففكرت في د.حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، وهو أفضل من يجيبني على ذلك السؤال لسببين: الأول أنه يقع في نطاق تخصصه، والسبب الآخر والأهم أنه سبق أن أعد دراسة عن التدخين من منظور الاقتصاد الإسلامي.

وبطرح سؤالي عليه أكد على أن فقه الأولويات الإسلامية للإنفاق يشمل أولا الضروريات التي بدونها يهلك الإنسان، مثل الطعام والشراب والكساء والعلاج، يليها الحاجيات التي بدونها تكون الحياة شاقة، ثم التحسينات (الكماليات) التي تجعل الحياة رغدة.. والتدخين لا يقع ضمن هذه الأشياء بل إنه من الخبائث المحرمة شرعا.

ويشير د.حسين إلى ضرورة اتخاذ قرار التخلي عن تلك العادة لصالح المجتمع ككل، ولنصرة الفلسطينيين تحديدا خلال هذه الفترة؛ لأن ذلك فريضة على كل مسلم وليس هبة أو تبرعا أو تفضلا، فالمسلمون سيكونون آثمين إذا تخلى الشعب الفلسطيني عن حقوقه المشروعة وثوابته العادلة تحت ضغط سلاح المال الذي تستخدمه أوروبا وأمريكا، في الوقت الذي ينفق فيه المسلمون كل هذه الأموال على التدخين.

هل ستتخذ القرار؟

والآن: بعد كل ما سبق هل ستشارك عزيزي المدخن جاري الكريم الأستاذ خيري قراره الإقلاع عن التدخين أم ستظل على عنادك؟..

فقط تذكر أن هناك من يحتاجون أموال التدخين لكي يأكلوا.

منقول

(((إسلام أون لاين)))

**متيم اليورو** · 23-05-2006, 01:24 AM

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Hazboor