النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    الصورة الرمزية مصرى وافتخر
    مصرى وافتخر غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    6,262

    افتراضي الأندلس حاضر يعانق الماضي

    الأندلس حاضر يعانق الماضي

    من مالقة إلى غرناطة إلى الريف الأندلسي .. ثم إلى غرناطة ومنها إلى قرطبة فإشبيلية ثم ماربيّة ومرة أخرى إلى مالقة .. كانت هذه رحلتي في ربوع الأندلس والتي تعلمت فيها الكثير ، وأجمل ما فيها ما تعلمته ولا زلت أتعلمه حول انبعاث الإسلام في الأندلس من جديد .. نعم من جديد .. وهو ما يؤكد عليه الدكتور الشهيد علي الكتاني .. فقضية المورسكيين باتت حديثاً مُعاصراً .. والأندلس لم تعد حبراً على ورق وأصبحت منطقة حكم ذاتي من جديد واسمها الرسمي ( Andalucía أندلسيا ).. والشهيد بلاس إنفاتي .. الذي قضى نحبه مُجاهداً في سبيل الأندلس في القرن العشرين ( 1936 م ) .. والنشيد الوطني الأندلسي الجديد الذي ينشده أطفال الأندلسيين في المدراس ويتغنون فيه بأمجادهم .. والعلم الأندلسي المُعلق في كل الأنحاء ومعانيه ذات العلاقة بالتاريخ الإسلامي .. وغير هذا الكثير ، وقد دونت شيئاً من هذا ولا زال أمامي الكثير لأدونه تحت عنوان ” وعادت الأندلس ” !!
    فإلى رحلة نجوب بها ربوع الأندلس:



    للحرف العربي في الحمراء .. طعمه !!

    يا إلهي ، كم كنت أفتخر بلغتي العربية ، بينما أتجول في ساحات قصر الحمراء ، بل بينما كُنت أتجول في بلاد الأندلس ،، خاصة ً عندما تكون مع نفر كبير من السيّاح الأجانب الذين يرونك تقرأ تلك الكلمات ، في قصر الحمراء ، في قصر إشبيلية ، في مسجد قرطبة ، في المتاحف .. بل تقرأ وتتذوق تلك الكلمات .. وهم لا يملكون سوى الدهشة والدهشة فقط ، من هذه الحروف العجيبة !!
    الملك لله .. العزة لله .. القدرة لله !!



    الاندلس واقع .. مش تاريخ غابر !!

    يا إلهي ، ما أقبح الجهل ،، ذات يوم قلت لصديقي ،، أحلم بزيارة الأندلس ، فردني : ( شكلك ناوي تنحبس ، شو أندلس ما اندلس ، اوعا حدا يسمعك بكرا بقولوا هذا إرهابي وجاي يرجع الاندلس ، قول إسبانيا !! ) واراهن أن كثيرون من أصدقائي لا زالوا لا يعلمون أن جنوب إسبانية يسمى اليوم رسمياً بالأندلس أو ( اندلوثيا ) بالإسباني وذلك مُنذ اوائل القرن العشرين ، وأن هناك علم اندلسي وبرلمان أندلسي وشعراء أندلسيين جدد ، ونشيد وطني أندلسي ينشده الطلاب في المدارس .. يفتخرون فيه بأجدادهم ومجدهم .. وحتى أن عجوزاً كانت واقفة في الطابور إنتظار لدخول الحافلة التي نقلتنا من إشبيلية لمالقة .. قالت لنا عندما سألناها إن كانت إسبانيّة ، فأدهشتنا قائلة : أنا أندلسيّة !!



    لافتة في طريق غرناطة .. تحمل إسم ” ولاية اندلوسيا ” ، الأندلس !





    قرطبة .. الحُب القديم !!

    عشقي لقرطبة ، عشق قديم ، أسبابه كثيرة ، فعظمتها القديمة ، بأن كانت أعظم مُدن اوروبا في العصور الوسطى لا يثير فيَّ العجب عندما اسمع الشاعر ينشد : ( دع عنك حضرة بغداد و بهجتها و لا تعظم بلاد الفرس و الصين .. فما على الأرض قط مثل قرطبة .. ) وتاريخ العلم فيها لا زال يطربني كلما سمعت عنه وعن فضله في العلوم جمعاء بمكتباتها الزاخرة .. التي لا زالت تعود بالخير على العالم أجمع .. ونهرها الوادي الكبير لا زال يُزيّن المدينة بإسمه الذي لم يتغيّر وبهائه الذي لا ينتهي .. وإبنها ، إبن رُشد .. لا زال الفيلسوف الذي أثار العالم واثارني بعبقريته الجامعة بين العقل والدين .. ومسجدها الأعظم ، لا زال يُذكرني بمسجدي الأعظم ، بالمسجد الأقصى المُبارك !!



    تم إلتقاط الصورة في مدينة قرطبة في صباح اليوم الثامن من شهر ايلول للعام 2011 ، وذلك من جوار مسجد قرطبة الأعظم .

    غرناطة .. الحب الجديد !!

    مدينة غرناطة ، ساحرة حتى اليوم ، ليس فقط لإحتوائها على قصر الحمراء العجيب ، وليس فقط لأن حي البايصن Albaicín لا زال فيه الكثير من ملامح الحياة العربية والإسلامية ككثرة التجار العرب هُناك.. ومسجد غرناطة الجامع الجديد النابض بالإسلام والذي يقوم عليه مسلمون إسبان .. وبعض البيوت الخالدة كبيت عائشة أم عبدالله المعروف بالصغير أو المسكين كما يسميه بعض اهل الأندلس .. ولا الازقة اللذيذة التي تذكرك بيافا ونابلس والقدس .. بل إن فيها أيضاً بوظة رائعة ورخيصة



    بالمناسبة ، مدينة غرناطة كانت من أرخص المدن التي زرناها واروعها !!
    حكايات الريف .. التي لم نسمعها !!

    مع شدة حُبي لقرطبة مُنذ أن عرفتها .. ومع شدة تعلقي بغرناطة بعد زيارتها .. إلا ان شوقي للاندلس الان .. ينبع من شوقي للريف الاندلسي ،، حيث أقمت يومين في قرية الورود ( Alqueria de Rosales ) ، وكنت محظوظاً جداً ، بأن إجتمعت بالاخوين روميرو ، الباحثة أديبة والمخرج داوود ،، فسمعت من الكلام .. العجب العُجاب .. لدرجة أنني لم أستصعب أبداً أن اعترف بأنني جاهل في تاريخ الأندلس .. كيف لا وأنا أكتشف أن الإسلام لم يدخل الأندلس بالسيف .. وإن مقاومة الأندلسيين إستمرت حتى القرن التاسع عشر .. وأن القضية الأندلسيّة لا زالت حاضرة .. وأن اهل الأندلس لا زالوا يفتخرون بأصولهم .. ولا زالوا يعثرون على تُراث أجدادهم في جُدران منازلهم .. كل هذا واكثر !!



    صور لقرية الورود .. ومركز الثغرة في الريف الاندلسي !


    الخيول الاندلسية .. كأنها عربيّة .. في الريف




    الأندلس .. مش بعيدة !!

    أحب دائماً أن أذكر غيري ونفسي بأنني لست من عائلة ثريّة ولا ما يحزنون ، وأن رحلاتي تعود إلى سلوكيّات إقتصادية معينة أتبعها ، وألخصها بكلمة ( رحلتي تبدأ من وجبة الفلافل ) ، وليس هذا فحسب ، بل إن كثيرون يتصورون أن هكذا رحلات تكلف مبالغ طائلة ، إلا أنها ليست كذلك ، فيمكن اليوم إقتناص فرص للطيران بأسعار رخيصة جداً ، وهناك إمكانيات للنوم في خيم أو في Hostel ويمكن شراء الطعام من المطاعم الشعبية المتوفرة في كل مكان .. وأسعار الحافلات والتنقل معقولة .. وهذه الأمور ساحاول إثباتها بالأرقام .. إن شاء الله !!



    انا .. إنفانتي .. والأمل !!


    مُنذ أيام .. وأنا أقرأ في القضية الأندلسية المُعاصرة .. أقرأ بإستمتاع .. لسبب بسيط ،، لأنني عندما أرى الشهيد بلاس إنفانتي ينهض بالأندلسيين ليذكرهم بمجدهم وتاريخ أجدادهم المسلمين .. ويُطالب بإرجاع المورسكيين المطرودين من بلادهم ( الأندلس ) .. ويتجرأ بالحديث عن إستعادة أمجاد اللغة العربية في جنوب إسبانيا .. وذلك بعد حوالي 500 عام من سقوط غرناطة ، بل أنه نجح بجعل الأندلس منطقة حكم ذاتي ديمقراطي ، عاصمتها إشبيلية .. بالنسبة لي كفلسطيني ، فإن هذا دليل صارخ بأن الظلم لا يدوم .. وأن الحقوق لا تضيع ، مهما طال الزمان !!
    عاشت فلسطين .. وعاشت الأندلس .. وعاشت كل قضايا المسلمين في كل مكان !!

    المَعكوسة ..

    للضوء وإنعكاساته في قصر الحمراء حكايات .. هذه إحداها وقد سميت الصورة بالمعكوسة للتشابه العجيب بين القصر وإنعكاسه على الماء ، فالجزء العلوي من الصورة هو انعكاس القصر واما السفلي فهو القصر الحقيقي !!
    إقتباس مُدهش : قصر الحمراء هو إنتصار للرياضيات بقدر ما هو إنتصار للفنون المعمارية … البراعة الرياضيّة هي أصل جماله … من أجمل ما سمعت في وصف قصر الحمراء !!



    قضيّتهم .. لا زالت في جُدران منازلهم !!

    حتى موعد لقائي مع أول مورسكي ، لم أكن أعرف عنهم أي شيئ ، وأعترف أنني بمعرفتهم بدأت أعرف الاندلس حق المعرفة ، وأجمل ما فيهم ، أنهم لا زالوا يذكرون تاريخهم ، وحكايتهم مع النصرانية التي إضطروا لإعتناقها امام العالم ، والإسلام الذي إضطروا أن يُحافظوا عليهم في بيوتهم وبالسريّة التارمة ، وكذلك من أجمل ما فيهم أن بعضهم عثروا على ” إسلامهم ” بالصُدفة بينما كانوا يُرممون جُدارن بيوت أجدادهم ، الذين تركوا شيئاً من المخطوطات الإسلامية والمذكرات الشخصية المكتوبة باللغة الأعجميّة ( إسباني بحروف عربيّة ) .. تماماً كما حصل مع آل عزيز في فيلم ( المطرودون: 1609 ) .. وليس هذا فحسب ، بل إن إصرارهم وتأكيدهم على عدم نسيان قضيّتهم ، جعل اليوم قضيتهم تنهض من الأرشيف إلى طاولات المؤسسات الحقوقية ، ليُطالبوا بعودتهم إلى بلادهم الأصلية ، إلى الأندلس .. بل وجعلوني وكثيرون مثلي نُحب الأندلس .. ونُعجل زيارتنا لها !!



    الصور مأخوذة عن فيلم : “المطرودون: 1609، مأساة الموريسكيين”


  2. #2
    الصورة الرمزية مصرى وافتخر
    مصرى وافتخر غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    6,262

    افتراضي


    عندما قررنا أننا لن نقوم بتأجير سيارة ، بل سنعتمد على الحافلات لم نكن نعلم ( فوائد ركوب الحافلة ) وما أروع الحافلات فما إن ركبناها حتى إكتشفنا أن جيراننا في المقعد يتحدثون اللغة العربية – يا الله .. عرب عرب – وكان موعدنا حينها مع الحاجة أم مهدي المغربية ( من منطقة سبتة المُحتلة من قبل إسبانيا ) ، وكالعادة فإن الكيمياء بين العرب تفعل فعلها وتبلورت الأحاديث سريعاً ، وما إن عرفت أننا فلسطينيين حتى قررت ( أن تشفق علينا ) وأنها ستأخذنا لحجز تذكرة حافلة إلى غرناطة ( المدينة الثانية حسب الخطة ) ، لأن السفر بلا حجز مخاطرة ، فإصطحبنا إلى محطة الحافلة وحجزت لنا ، ونحن – كالأطرش في الزفة – لا نفهم من إسبانيّاتها مع الموظفة شيئاً ، ثم علمت أننا لم نحجز فندقاً ، فقررت أن تأتي معنا لتحجز لنا في هوستيل جيّد ، وحتى عندما وصلنا ، وكشفت ان هناك غرفة فارغة ، لم تترك الموظف وطالبته بتخفيض السعر لأننا فلسطينيين ، ونحن طبعاً لا نفهم من إسبانيّتها إلا كلمة ( بالستينا ) .. ولم تذهب حتى إطمأنت علينا وحجزت لنا ، بارك الله فيها هي وإبنها ، وكان هذه اولى النفحات الأندلسيّة

    حتى اللافتة .. كنز !!



    قرطبة ، إشبيلية ، غرناطة ، مالقة .. كلمات عشتها كثيراً في الكتب ، في نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ، في التاريخ الاندلس المصور لطارق سويدان ، في كتاب رحلات إبن بطوطة .. وكنت كلما رأيت هذه الكلمات في الشارع فكنت الحقها وانغشل بتصويرها وكأنها لوحة فنيّة فريدة .. تجعل من الأندلس ، ذلك الفردوس المفقود .. واقعاً مُعاش !!
    فريق مالقة لكرة القدم .. قطري !!



    ليست القصبة هي المعالم الوحيد الذي يُذكرك بالمسلمين في مالقة ، فعندما تصعد على قمّة القلعة ، يُمكنك أن تشاهد معلم ، نصف عربي ، ألا وهو ملعب مالقة ، فأثناء رحلتنا في الطائرة إكتشفت في حديث مع زميلي أن أحد الأمراء الخليجيين قام بشراء فريق مالقة لكرة القدم ، وعندما نقبت عن الموضوع وجدت أن الشيخ عبدالله بن ناصر القطري قام بشراء الفريق بمبلغ 25 مليون يورو .. فقط !! الله يرحم الملك الزيري باديس بن حبوس الذي بنى قصبة مالقة في القرن الحادي عشر الميلادي .. هل كان يعلم أنه سـ ” يُجاور ” ملعب مالقة النصف عربي يوما ً ما ؟
    مالقة .. أخت حيفا !!



    الاندلس أخت فلسطين ، ومالقة أخت حيفا .. هذا ما خطر ببالي عندما كنت أصعد جبل القلعة والقصبة – القصر – والذي يطل على البحر ، فتذكرت حيفا ، وكيف كنت أجلس مستمتعاً على جبل الكرمل ، في ساحات جامعة حيفا ، التقط الصور للبحر والسهول الخصبة هُناك .. ولا ينحصر الامر هنا .. فقرطبة ذكرتني بالقدس واشبيلية بيافا .. وماربية بهرتسليا .. وكروم الزيتون في طريق غرناطة قرطبة كانت تذكرني بجبال الضفة الغربية .. وهذا باب .. يستحق الخوض والتدوين !!
    البيتزا .. حيث حُرقت كُتبنا !!




    بعد أكثر من ساعة ونصف من جولتنا في حي البيازين الذي لا زال يحتفظ بطابعه الأندلسي ، تقريباً كما كان قبل أكثر من 500 عام ،، وصلنا إلى أكبر ميادين غرناطة ، ميدان باب الرملة Bib-Rambla ، وحيث تكثر المطاعم ايضاً ، قررنا أن نتناول البيتزا هُناك ، قبل إنطلاقنا إلى قرية الورود في الريف الأندلسي ، ولم أكن أعرف حينها أنني جالس في باب الرملة ، ولم أكن أعرف أيضاً ، ما علمتني أياه الباحثة الأندلسيّة أديبة روميرو حين إلتقيتها في قرية الورود : أنه وبعد سقوط غرناطة وبعد أن بدأ عصر إضهاد المُسلمين ، اُشعلت النار في آلاف الكُتب الإسلاميّة التي كانت تحويها مكتبات غرناطة وجعلت الكتب تحترق وتحرق لمدة ثلاثة أيام بلياليها .. تماماً ، حيث كنت أتناول البيتزا ، مع شيء من السبرايت والليمون .. بإستمتاع !!!
    شارلكان .. الإمبراطور الخائب !!



    قد تتألم إذا عرفت أن الإمبراطور شارلكان قام بهدم جزء من قصر الحمراء وبنى قصراً له فيه ، وذلك بعد ثلاثة عقود من سقوط غرناطة ، ولكن سُبحان الله ، فإن الله يُمهل ولا يُهمل ، فإذا زُرت قصر الحمراء ، ستجد أنك مضطر لحجز تذكرة لدخول القصر قبل 48 ساعة ، وستجد أنك حتى بعد الحجز قد تضطر للوقوف في طابور طويل عريض حتى تدخل ، وكل ذلك قد يشعرك بعظمة ذلك القصر .. وقد يُشعرك بشيء من الشماته تجاه شارلكان ، صاحب القصر المُجاور لقصر الحمراء .. والذي قام ببناء ذلك القصر حتى يُقحم إسمه في التاريخ غصباً عن التاريخ ، والذي إن دخلته لن تجد فيه سوى بضعة أفراد قلائل ، دخلوا إليه هروباً من سطوة الشمس ، لا أكثر !!
    مسجد وإلا كنيسة ؟؟



    لست باحثاً في التاريخ ولا الآثار ، ومع ذلك فلم يكن صعباً ان ألاحظ أثناء تجوالي في حي لا ماكارينا في إشبيلية ، أن الكنيسة التي أمامي ليست طبيعيّة ، وأن هُناك نكهة مسجد في الموضوع ، هذا الامر كان يساورني في كثير من المناطق في الاندلس ، وما حصل معي في إشبيلية أنني إكتشفت الحكاية من كتاب دليل سياحي للأندلس وإشبيلية ، وصدقت خواطري .. فإن نكهة المساجد في هذه الكنائس حقيقة وهي كثيرة جدا جداً في إشبيلية ، وهي تعرف بالـ Mudéjar style ، ممكن نسميه ، الفن المُديخاري ، والمُديخار ، أي المدجنين وهم جماعة من المسلمين الذين عاشوا تحت الحكم الإسباني بعد سقوط الخلافة في الأندلس ، وساهموا في نقل الكثير من العلوم الإسلامية لأوروبا .. وهي جماعة أخرى نكاد لا نعرف عنها إلا القليل !!
    في متحف الحياة الاندلسية .. في قرطبة



    متحف الحياة الأندلسية في قرطبة ، الواقع على ضفاف نهر الوادي الكبير ، كان من أمتع التجارب التي عشتها ، هُناك سمعت محاضرة لأكثر من عالم أندلسي ، من بينهم إبن العربي وإبن رشد ، وهُناك سمعت الأذان يصدح من نموذج مسجد قرطبة كما كان أيام عزّه .. وهناك رأيت الفن والابداع في قصر الحمراء ، ورأيت تصوير لمجلس الخليفة ومجالس العلماء والمديح وغيرها .. وهناك سمعت عن مدى إحترام الإسلام للقيم البيئية ( الايكولوجيا ) من خلال عرض مجسم النظام المائي في الاندلس .. وهناك ورأيت أبداعات المسلمين في العلوم ، كأدوات ابو القاسم الزهراوي في الطب والجراحة .. وجهاز الزرقاوي في مراقبة الكواكب والاوقات .. ورأيت خارطة العالم للإدريسي .. ورأيت الكثير .. ولكن لشكل فلسطين على الخارطة كان طعم مميز

    عالِم .. على الطراز الأندلسي !!

    من قال أن زمن العظماء قد ولى فهو مُخطئ .. لأنه لا يعرف العلامة علي الكتاني .. العالم المتخصص في علم الذرة والبلازما والباحث في مجال الطاقة الشمسية .. والمهندس الكهربائي .. وليس هذا فحسب فقد كان داعياً إلى الله .. ومؤرخاً بارعاً .. وعارفاً بشؤون الاقليات الإسلامية في امريكا واوروبا .. ومُلماً بارعاً في تاريخ الأندلس والقضية الأندلسية المُعاصرة .. ويعتبر الكتاني مهندس البعث الإسلامي في الاندلس .. وهو الرجل الذي أعاد الآذان لأحد مساجد قُرطبة .. ولم يكن غريباً انه فارق الحياة فيها وذلك في عام 2001 بينما كان عائداً إلى بلاده ، في المغرب العربي !!
    هكذا نموذج يُذكرني بثلة من العلماء الأندلسيين القُدامى ، وعلى رأسهم إبن رشد .. ذلك الأندلسي القرطبي .. الذي برع في الفقة والفلسفة والطب والفلك والرياضات !!
    اللهم إرحمه .. واسكنه فسيح جناتك !!
    قصر إشبيلية .. الفقير !!



    دعوني أعترف ، أنني لم أكن أعرف أي شيء عن قصر إشبيلية ( Alcázares ) فقصر الحمراء سرق كل الأبصار ، وحتى دخولي إليه لم اكن اتوقعه بديعاً إلى ذلك الحد ، ولم أتوقع أن ابقى فيه ساعات دون أن انتهي من التجول فيه ، فحدائقة واسعة شاسعة .. حتى إنني إكتشفت في اخر نص ساعة ، أنني لم أدخل القصر بعد ، فكل ما دخلته كان ملحقاته .. ولكن للأسف فقد خرجت منه مضطراً لأن صديقي كاد يموت جوعاً !!
    وقد صورت فيه مئات الصور حتى أن بطاقة الذاكرة إمتلأت هُناك .. ولم تعد تطيق المزيد ، مما سهل على صديقي أن يقنعني بالخروج !


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    5,377

    افتراضي

    تسلم الايادى على الموضوع الجميل


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17