الاهرامات في السودان ... التاريخ و الاسطورة..




يشهد الجزء الشمالي من السودان مسرحا لمخزون أثري ‏امتد لألاف السنين لكنه مع ذلك يمثل تراثا مهملا هجره اهله والسياح الاجانب بسبب ‏اهمال الحكومات التي تعاقبت على البلاد.


ويقف اكثر من 98 مبنى من الاهرامات في مناطق متفرقة على الشريط النيلي الضيق ‏تحكي في سرد متواصل وساحر وغامض عن قصة تاريخ طويل تغلفه الروايات والاساطير ‏الممتدة في شكل نسيج لحكايات شعبية وروايات اتصلت بالتاريخ الحديث.





وتربط الاهرامات في شمال السودان الحاضر بماضي امتد منذ عهد بناءها حتى الان ‏تحمل في داخلها اسرارا صامتة لم تكتشف قصتها بعد لكنها من ظاهرها تحكي عن تاريخ ‏سوداني عميق.‏





ويرى باحثون ان تاريخها يمتد منذ عصور ما قبل التاريخ الى الفي عام قبل ‏الميلاد طبقا لاستنتاجات الكتابات الهروغلوفية المكتوبة على جدرانها في مناطق ‏كانت تمثل عمق دويلات النوبة في الزمان القديم.





ويؤكد اساتذة الاثار في جامعة الخرطوم ‏ان فترات بناء هذه الاهرامات مقسمة الى ثلاث مراحل، الاولى تبدأ مع حضارة "كوش" ثم ‏ما يعرف من التاريخالسوداني القديم بمملكة "نبتة النوبية" و"الدولة المروية".




و حوت تلك الأهرامات رفات 20 ملكا و 8 ملكات و 3 من الأمراء و 10 من النبلاء حكموا بلاد النوبة . التي عرفت بالسودان فيما بعد، أكثر من تسع قرون بين أعوام 592 قبل الميلاد و 350 بعد الميلاد . و ربما لأن مواقع تلك الأهرامات لم تهيئ للسياحة يشعر الزائرون برهبة مشهدها و هي شامخة فوق تلال تكسوها رمال الصحراء النوبية .




و الواقع أن بعض منزاروها من قبل لم يتركوا فيها غير أطلالها . و كان من أشهر العابثين بأهرامات مروي إيطالي يدعى فيرليني دخل السودان في ركاب قوات إسماعيل باشا الغازية في عام 1820م فدمر رؤوس 40 هرما و نهب كل ما امتدت إليه يداه من وثائق و تحف و مجوهرات و ذهب في مدافن الملوك . و لكن ما لم يستطع نهبه من الأموات يدل على أنهم كانوا يتحلون بكمية ضخمة من المجوهرات. فقد كان أحد ملوك القرن الأول الميلادي يضع في أصابعه 19 خاتما فضيا و في كل يد سوارا من الذهب .



خلفت ملكة مروي مملكة كوش التي ورد ذكرها في التوراة ، ومملكة نبتة 0 و امتد حكمها إلى مصر لنصف قرن من الزمان .



سقطت المملكة في القرن الرابع الميلادي وورثتها مملكتان مسيحيتان هما علوة, و عاصمتها سوبا على بعد 10 كم جنوب الخرطوم، و المقرة في مدينة دنقلا (هذا الاسم الظاهر العتيق مجهول المنشأ والتاريخ غامض المعنى والدلالة ورغم أني بحثت كثيرا في تاريخ هذه المدينة) . و استمرتا أكثر من ألف عام إلى مطلع القرن لسادس عشر حيث جاء المسلمون إلى الحكم في البلاد . و لا تزال الحضارة المروية النوبية من الطلاسم في علم الآثار رغم ارتباطها الواضح بالحضارة المصرية و الإغريقية و الرومانية و رغم أنها طورت حروفاً لكتابة لغتها و ديانة خاصة بها .