ما معنى كلمة ثورة ؟كلمة ثورة هي رد الفعل المعبر عن الغضب والرفض والإرادة .الغضب الذي يحدثه التأثير السيئ لأحداث معينة ، هذا الغضب يولد الرفض ، والرفض سرعان ما يلبث أن يتحول إلى إرادة من أجل إزالة أسباب الغضب .فالملهم الحقيقي لقيام الثورات هو هذا الغضب وهذا الرفض وهذه الإرادة ، وهذا ما رأيناه فعلا يتحقق على أرض الواقع في حالة الثورات العربية الأخيرة بما فيها الثورة المصرية طبعا والتي تم التأريخ لها في 25 ينايرعام 2011،هذا اليوم هو يوم تجلي الإرادة من أجل التغيير وإزالة أسباب الغضب ولكن هذه الإرادة سبقها رفض كبير وعميق وهذا الرفض سبقه غضب أكبر وأعمق مترسب في النفوس منذ سنوات طويلة .

وأنا هنا لاأريد ذكر أشخاص أو أحزاب أو جماعات بعينها ولكن كما هو معروف أن هناك حركات احتجاجية كثيرة كانت موجودة منذ فترة وقالت لا للتوريث ولا للظلم ولا للفساد ولا للديمقراطية المزيفة وسجون أمن الدولة خير شاهد وهناك شباب ضحوا بحايتهم قبل هذا اليوم ناهيك عن الشباب الابرار الأطهار الذين سقطوا شهداء في هذه المظاهرات .

وخروج الناس ومرابطتهم في الشوارع والميادين في القاهرة وكل المحافظات كان له أكبر الأثر في نجاح الثورة ، ثم عدم إنحياز الجيش المصري العظيم للرئيس السابق كما حدث ويحدث وسيحدث في دول عربية أخرى ثم حمايته للمتظاهرين ثم إستجابته المستمرة لمطالبهم كان بحق شهادة ميلاد لنجاح الثورة على مستوى كبير .

إذن كان غضب الشعب ، كان رفض الشعب ، كانت إرادة الشعب ، فمن العار والجهل والسطحية والسذاجة والإهانة للثورة أن نختزل الثورة في شخص أو جهة أو جماعة أو حزب واحد حتى ولو كان هذا بحسن نية فهذا خطر على نجاح الثورة .

فلابد أن نتعلم الدرس إذا كان سيولد نجاح وديمقراطية ونهضة على أرض مصر فسيكون هذا بتكاتف كل أبناء الوطن ، لايوجد رموز فردية ولايصلح أن توجد رموز فردية لأن الكل حاضر والكل جاهز والكل مشارك ، فهذا فخ ساذج يجب أن لانقع فيه نحن في الداخل.

أما في الخارج فالجميع يعلم والصغير قبل الكبير أن أمريكا والغرب لايمكن أن تتمنى للدول العربية الديمقراطية والخير وهي لاتسعى جاهدة الى أن تكون الدول العربية جنات تجري من تحتها الانهار من حول إسرائيل فهذا أكبر خطر على إسرائيل الطفل المدلل للغرب .

فنحن لسنا بحاجة الى جوائز مغرضة من أحد ، وليس لأحد فضل ولا وصاية علينا ، وإذا قبلناها من باب السياسة لا بأس ولكن يجب أن نعي ما وراءها وأن نصحح لواهبها أيا كان بعض المفاهيم .

فحينما علمت أن مجلة تايم الأمريكية تنوي اختيار وائل غنيم أدمن خالد سعيد كما هو يحب أن يقدم نفسه ليكون في أول قائمة الأشخاص الأكثر تأثيرا وأنه تم ترشيحه لجائزة جون كندي للشجاعة .

كنت أتوقع منه أن يصحح المفهوم لدى الغرب وأن يرفض استلام هذه الجوائز لأنهم أخطأوا في منحها حيث أي جائزة أو تقدير في هذا المجال يستحقها كل من شارك في هذه الثورة من الشعب المصري .

فمن الأكثر بطولة وشجاعة وتأثيرا خالد سعيد أم أدمن خالد سعيد ، قد يتصور البعض أن هذا نوع من الحقد أو الغيرة مثلا أنا افترض كل التصورات حتى أغلق كل الابواب التي يمكن أن تعوق القارئ من فهم واستيعاب رسالتي التي أريد توصيلها في هذا المقال .

فوائل غنيم شاب محترم ناجح شارك بشجاعة ونبل ولعب دوره بما يجيد ويستطيع في نجاح هذه الثورة العظيمة ولكن دوره لايزيد بأي حال من الأحوال عن دور غيره ، خصوصا إذا تذكرنا الدماء والنفوس الطاهرة والزكية التي ذهبت في سبيل هذه الثورة والذين هم كانوا أيضا شباب محترمون ناجحون متعلمون يجيدون استخدام الانترنت والفيس بوك ويرغبون في الحياة والشهرة وتلقي الجوائز والسفر هنا وهناك والظهور على شاشات التلفاز والمقابلات ، ولكنهم ضحوا بحايتهم وشبابهم من أجل أن تنعم مصر وكل شعبها بالعزة والكرامة والشهرة والتقدير وليس من أجل أن ينعم بها ويرثها وائل غنيم أو غيره .

وإذا كان من أهم الاسباب الرئيسية لقيام الثورة هو عدم رضى الشعب عن توريث الحكم لجمال مبارك وشعوره بأنه سيورث ميراث لايستحقه وليس أهل له ولم يدفع ثمنه فيجب أن لانسمح بأن يرث أي شخص ميراث لايستحقه ويحتكر ما هو ليس له فقط ويستولي على مالم يدفع ثمنه وإلا لما أصبحت هناك قيمة لما فعلناه .

فيجب أن نتذكر دائما أن نجاح الثورة مرهون بإستمرار إرادة صناعها الحقيقيين ، والصناع الحقيقيون هم الشعب كله وداعا لعصر الفردية سواءا كانت أشخاصا أم أحزابا أم جماعات .

إذا كنا نريد أن ننسى كلمة كفاية التي قلناها كثيرا فيجب أن نتذكر كلمة مصر فقط ومن أراد أن يعطينا جائزة فيجب أن يعطيها لمصر ولشعب مصر ، لن نقبل غير هذا لأن هذا هو العدل والواقع والحقيقة وبدون العدل والواقع والحقيقة لا توجد الديمقراطية التي من أجلها أساسا تقوم ثورات الشعوب .

ومن يسمح لنفسه أوتسمح له الظروف ويسكت بالإحتكار وإرث ماليس له وحده فسيكون بمثابة الابن الثالث لمبارك ، فنحن نريد وائل غنيم وليس وائل مبارك .

* كاتب عربي
كييف- أوكرانيا


منقول للاستاذ الكاتب سامح سمير
كييف_ اوكرانيا