النتائج 1 إلى 4 من 4
- 15-04-2011, 07:22 PM #1
::::: أسعار النفط و الاقتصاد العالمي و مخاوف الركود التضخمي :::::
عادت أسعار النفط للارتفاع مجددا خلال الفترة الأخيرة ، و ذلك مع استمرار الثورات العربية و التوترات في منطقة الشرق الأوسط ، و التي بدأت من الثورة التونسية و اتسعت رقعتها إلى مصر ، اليمن ، البحرين ، ليبيا و سوريا . بينما أدت هذه التوترات إلى ارتفاع أسعار السلع على معظم المستويات منذ بداية العام الحالي .....
الوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام قبل بداية الثورة التونسية كان على الطريق الصحيح نحو التعافي ، حيث كانت أسعار النفط مستقرة ما دون مستويات 90 دولار للبرميل ، بالإضافة إلى نمو اقتصادي معتدل أو من الممكن أن نسميه متواضع نوعا ما على معظم الإقتصادات في العالم ، بالإضافة إلى خطر محتمل من التضخم ، و ليس خطر بحد ذاته ، لكن و في الوقت الحالي ، فان النظرة العامة للاقتصاد العالمي بدأت بالتغير ، و بالفعل بدأنا نرى بعض المؤشرات التي تعطي إشارات سلبية مرة اخرى .....
عملية التعافي الاقتصادي العالمي في الوقت الحالي نراها تفقد الكثير من الزخم أو السرعة ، و التي تضغط بشكل مباشر أولا على ركود الطلب بالإضافة إلى المخاوف من الديون السيادية ، في حين أن التحول في الأرقام الاقتصادية الأساسية ، من الممكن أن يترجم مرة اخرى إلى مزيد من الخسائر و التباطؤ في عملية التعافي الاقتصادي .....
ارتفعت أسعار النفط إلى بأكثر من 24.25% منذ بداية توترات الشرق الأوسط ، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عامين تقريبا عند مستويات 113.46 دولار للبرميل ، بينما تعطي هذه الارتفاعات في أسعار السلع ، إشارات على أن التضخم سيرتفع بصورة سريعة و كبيرة خلال الفترة المقبلة . كما أننا شهدنا في الفترة الماضية تحركا ملحوظا من بعض البنوك المركزية في العالم ، من خلال رفع أسعار الفوائد العامة في البلاد لمواجهة خطر التضخم .....
خلال فترة الأسبوع الماضي ، ظهرت بعض الإشاعات في الأسواق العالمية و في غرف التداول أن أرقام التضخم في الصين قد وصلت إلى مستويات خطيرة بأكثر من 5% وأيضا 7%. وبعد ساعات من هذه الإشاعات ، رأينا أن البنك الشعبي الصيني قد قام بالتدخل في الأسواق ، في اجتماع طارئ ، قرر البنك على إثره رفع أسعار الفائدة العامة بواقع 25 نقطة أساس ، و هذا القرار إن دل ، يكون دلالة على صحة الإشاعات بوصول التضخم إلى مستويات خطيرة في الصين .....
أما البنك المركزي الأوروبي ، فقد قام هو الآخر في رفع أسعار الفائدة العامة في منطقة اليورو لأول مرة منذ حوالي العامين ، ليرفع الفائدة العامة بواقع 25 نقطة أساس ، إلى مستويات 1.25% ، و ذلك بسبب المخاوف من أرقام التضخم ، كما أن تعليقات محافظ البنك المركزي الأوروبي حول رفع أسعار الفائدة ، قلل من توقعاته بان يكون هناك سياسة أكثر تشددية في الاجتماعات المقبلة ، أي انه يقلل من احتمالات رفع الفائدة في المستقبل القريب ، و انه لن يكون هناك رفع مجدول لأسعار الفائدة ، لكن من جهة اخرى فان الذي قام به البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى مخاطر ارتفاع و اتساع الفجوات بين الإقتصادات المنهكة و الاقتصادات القوية في منطقة اليورو ، كما أن رفع الفائدة في الوقت الحالي سيكون خطأ كبيرا ، و ذلك بسبب أن مخرجات الإقتصادات المنهكة في منطقة اليورو لازالت ضعيفة ومتعاقدة كما أن رفع الفائدة من الطبيعي أن يدعم اليورو ويرفع سعره في الأسواق المالية مما سيؤدي بشكل طبيعي إلى التأثير سلبا القدرة التنافسية في المنطقة .....
بالعودة إلى أسعار النفط و التي هي المحرك الكبير للتضخم ، فمع استمرار ارتفاع أسعار النفط بهذا الشكل بالإضافة إلى ارتفاع العوائد على سندات الخزانة على مستوى العالم ، كمثال ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات ، و التي وصلت إلى مستويات 3.60% خلال الفترة الأخيرة و مرشحة بأن ترتفع إلى مستويات 4.00% ، نعود لنطرح نفس السؤال مجددا ، هل باستطاعة الاقتصاد العالمي تحمل ارتفاع أسعار النفط مع ارتفاع العوائد ، في ظل وجود نمو اقتصادي متواضع و ضعيف و مخاطر ارتفاع التضخم بشكل متسارع ؟
في الوقت الحالي ، مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط ، و من المتوقع كما هو واضح أن هذه التوترات ستستمر و من الممكن أن تتسع رقعتها إلى مزيد من الدول في المنطقة ، فمن المتوقع أن تبقى أسعار النفط في هذا الزخم الكبير من الارتفاعات ، كما أن هناك مشكلة اخرى من الممكن أن تواجه أوروبا و التي يتخوف منها الاتحاد الأوروبي نفسه ، حيث أن هناك بعض التكهنات أن المملكة العربية السعودية لن تكون قادرة بما يكفي على تغطية العجز في النفط الذي كانت تنتجه ليبيا ، و هذا بسبب أن النفط الليبي هو المفضل لدى أوروبا حيث أن النفط الليبي يسمى النفط الخفيف ، أو النفط الممتاز ، و الدول الأوروبية لديها القدرة على إعادة تكرير هذا النوع من النفط ، بينما تعجز أوروبا عن تكرير النفط الثقيل ، و الذي تنتجه المملكة العربية السعودية .....
النظرة العامة لأسعار النقط على المستوى القصير من الممكن أن تكون سلبية ، و نعتمد في هذا التوقع على العلاقة ما بين أسعار النفط وأسعار الذهب ، حيث أن هناك ما نسميه نسبة أسعار الذهب إلى أسعار النفط ، أو بالأجنبية Gold to Oil Ratio.
ما معنى نظرية أسعار الذهب إلى أسعار النفط ؟
يمكن الاستنتاج من هذه النظرية أو النسبة انه في حالة كانت النسبة ما دون مستويات 15.4 والذي يمثل متوسط النظرية على مدار أكثر من 20 عام ، فهذا يعني احد شيئين ، إما أن أسعار الذهب رخيصة جدا ، أو أن أسعار النفط عالية أو ذو قيمة كبيرة . أما عندما تكون النسبة فوق مستويات المتوسط 15.4 ، فهذا يعني إما أن تكون أسعار النفط رخيصة جدا أو أن أسعار الذهب عالية جدا .....
الشيء المهم الآن هو المخاوف من أن الاقتصاد العالمي سيدخل في مرحلة ركود تضخمي ، و الذي يعتبر الأول من نوعه منذ عام 1970 تقريبا ، حيث أن الاقتصاد العالمي يتعامل الآن مع أسعار نفط عالية جدا ، مع عوائد لسندات الخزانة أيضا عالية و مرشحة لمزيد من الارتفاع ، بينما كل الأنظار الآن تحوم حول مخاطر التضخم الواضحة و الذي من المتوقع أن يرتفع بشكل سريع خلال فترة الأشهر المقبلة مع انخفاض النمو ، ففي حال استمرت أسعار النفط و السلع بشكل عام بالارتفاع بهذا الشكل ، مما يمكن أن يرفع النفط إلى مستويات تاريخية جديدة خلال فترة العام الحالي ، و لهذا سيكون لدينا السيناريوهات المتوقعة التالية :
1- الخيار الأول : أن نرى تدخل في أسواق النفط ، لكن هذا التدخل من المتوقع أن يكون غير كافي أو انه لن يؤثر في أسعار النفط نحو الأسفل لفترة طويلة ، حيث من الممكن أن تقوم الدول المنتجة للنفط بزيادة الإنتاج النفطي ، و رفع العرض في الأسواق ، لكن المشكلة هنا تكمن أن الطلب على النفط في الوقت الحالي منخفض ، خصوصا بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له اليابان .
2- استمرار ارتفاع أسعار النفط سيؤدي بشكل رسمي إلى ارتفاع التضخم العالمي بشكل متسارع ، و في هذه الحالة و مع استمرار انخفاض النمو الاقتصادي ، من الممكن أن تقوم البنوك المركزية بسحب السيولة و إجراءات التحفيز الاقتصادي ، و تبدأ برفع أسعار الفائدة بشكل سريع أيضا لوقف ارتفاع معدلات التضخم ، و على هذا سيكون الاقتصاد العالمي قد دخل بشكل صريح في حالة ركود تضخمي .
3- أخيرا و هو الحل الأقل حظا في التوقعات ، و هو الحل الدبلوماسي للتوترات في الشرق الأوسط ، أي أن تنتهي التوترات و الاحتجاجات في الوطن العربي ، و هذا سيؤدي إلى انخفاض كبير في أسعار السلع مرة اخرى ، ومع انتهاء الاحتجاجات ، و عودة الاستقرار في المنطقة و في العالم مجددا ، سنرى أن المخاوف من التضخم ستصبح محتملة فقط ، و أن معدلات التضخم سترتفع لفترة بسيطة فقط ، مما يعني العودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كان متواجدا خلال فترة الربع الأخير من العام الماضي .....
كلمة ركود تضخمي أو معنى فترة الركود التضخمي ، هي ظاهرة اقتصادية يكون فيها النمو الاقتصادي منخفض وبطيئ مع ارتفاع الاسعار . خلال عام 1970 ، ضربت هذه الظاهرة بشكل كبير الاقتصاد العالمي ، و ذلك مع ارتفاع معدلات التضخم ، وتراجع معدلات البطالة ، أدى إلى انخفاض شديد في النمو الاقتصادي ، ونتيجة لذلك و للمستثمرين في اسواق الاسهم بشكل عام ، فإن ظاهرة الركود التضخمي تعتبر أحد آخر الكلمات التي يود سماعها المستثمرين .....
و بالنظر إلى أرقام الربع الرابع من العام الماضي 2010 ، لكل من أرقام التضخم و النمو الاقتصادي بالمقارنة مع أسعار النفط ، فهناك فرصة حوالي 40% بأن الاقتصاد العالمي سيدخل في مرحلة ركود تضخمي ، و في الوقت الحالي يجب علينا الانتظار لنرى أرقام الربع الأول من العام الحالي 2011 ، لتعطينا نظرة اكبر نحو هذه الاحتمالات .
منقوووووول للفائدة
- 15-04-2011, 07:58 PM #2
الله يجيزك الخير على الموضوع الرائع
شكرا لك
- 15-04-2011, 08:37 PM #3
شكرا على التقرير المفيد
- 15-04-2011, 08:55 PM #4
أشكر مروركم الكريم على الموضوع