رغم أن الخيمة في المنفى صارت كوخا ، رغم أنه صار كالأسطورة التي تغيب عبر البحار ، رغم المغريات والآلام ، يظل الشاعر صامدا ولا يسافر ، ويرد على مغريات اللآلئ ، ولا يرى في الجبال الراسية عائقا مستحيلا، كما أنه لا يتخيل أنه بيده يبحر في المسافات الطويلة
هكذا حال الذين ينتظرون العائدين ..الأيام حكتها على لسان الشاعر محمود درويش فلا الأوجاع ولا اللؤلؤ اللماع يصرفه عن أمه التي تعد الطعام لهم ، وإذا سرق المحتل بعد الدار زاده فالأم تصنع من بقل الحقل طعاما للوطن وزادا للعائدين...

أكْوَاخُ أحْبَابِي عَلَى صَدْرِ الرِّمَالْ
وَأَنَا مَعَ الأَمْطَارِ سَاهْر ....
وَأنا ابْنُ عُولِيسَ الَّذي اِنْتَظَرَ الْبَرِيدَ مِنَ الشّمَالْ
نَادَاهُ بَحَّارٌ ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَافِر
لَجَمَ الْمَرَاكِبَ ، وَانْتَحَى أَعْلَى الْجِبَالْ
- يَا صَخْرَةً صَلَّى عَلَيْهَا وَالِدِي لِتَصُونَ ثَائِرْ
أنَا لَنْ أبِيعَكِ بالَّلآلي ..
أنَا لَنْ أُسَافِر ..
لَنْ أُسَافِر ..
لَنْ أُسَافِر !‍‍!

أصْواتُ أحْبَابِي تَشُقُّ الرِّيحَ ، تَقْتَحِمُ الْحُصُونْ
يَا أُمَّنا اِنْتَظِرِي أمَامَ الْبَابِ . إنَّا عَائِدُون
مَاذَا طَبَخْتِ لَنَا ؟ فَإنَّا عَائِدُونْ
نَهَبُوا خَوَابِي الزَّيْتِ ، يَا أُمِّي ، وَأَكْيَاسَ الطّحِينْ
هَاتِي بُقُولَ الْحَقْلِ !
هَاتِي الْعُشْبَ !
إنَّا عَائِدُونْ !
خُطُوَاتُ أحْبَابِي أنِينُ الصَّخْرِ تَحْتَ يَدِ الْحَديدْ
وَأنا مَعَ الأمطَارِ ساهِدْ
عَبَثاً أُحَدِّقُ في الْبَعِيدْ
سَأظَلُّ فَوْقَ الصَّخْرَ .. تَحْتَ الصَّخْرِ .. صَامِدْ