بسم الله الرحمن الرحيم

((من منكـــــــــرات العيـــــــــد))

قال العلامة ابن عابدين – رحمه الله - : " سُمي العيد بهذا الاسم ؛ لأن لله تعالى فيه عوائد الاحسان ، أي : أنواع الاحسان العائدة على عباده في كل يوم ، منها : الفطر بعد المنع عن الطعام ، وصدقة الفطر ، وإتمام الحج بطواف الزيارة ، ولحوم الأضاحي ، وغير ذلك ، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور " ( حاشية ابن عابدين 165 / 2 )


فالعيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد ، عائد : إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك ( إقتضاء الصراط المستقيم 441/ 1 )


وليس للمسلمين إلا عيدان:
عيد الفطر وعيد الأضحى.

فعن أنس – رضي الله عنه – قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهليه، فقال : قدمت عليكم و لكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله خيرا منهما ؛ يوم النحر ويوم الفطر " أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي والبغوي ، وهو حديث صحيح . صححه الألباني في صحيح سنن النسائي .

اعلم أخي المسلم أن السرور الذي يحصل في الأعياد قد جعل كثيراً من الناس ينسون أو يتناسون أمور دينهم وأحكام عقيدتهم فتراهم يرتكبون المعاصي ويفعلون المنكرات فمن بعض هذه المنكرات :-


1- التشبه بالكفار والغربيين في الملابس واستماع المعازف وغيرهما من المنكرات فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من تشبه بقوم فهو منهم) حديث صحيح . وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم- يعني الفقير- لحاجة فيقولوا : ارجع إلينا غداً فيبيتهم الله ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة " رواه البخاري معلقا ووصله أبو داود والبيهقي وغيرهما ، وقال الحافظ في ( هدي الساري 59 ) : ووصله الحسن بن سفيان في مسنده ...

2- التزين بحلق اللحية ، وهو الأمر الذي عليه كثير من الناس وحلق اللحية محرم في دين الله سبحانه باجماع علماء الأمة من السلف. وقد دلّ على ذلك أيضا الأحاديث الصحيحة التي فيها الأمر بإعفائها وحذّرت من التشبه بالمجوس والمشركين بحلقها كما في حديث ابن عمر في الصحيحين وغيره .

3- مصافحة النساء الأجنبيات، وهذا مما تعم به البلوى ، وهو محرم لقوله عليه الصلاة والسلام: " لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من يمس امرأة لا تحل له". حديث صحيح رواه الطبراني عن معقل بن يسار وهو حديث صحيح . صححـــــــــــه الألباني في صحيح الجامع5045 . ولقوله عليه الصلاة والسلام : " إني لا أصافح النساء " كما في حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها عند الترمذي والنسائي وابن ماجه وهو حديث صحيح ؛ صححه الحافظ ابن كثير والامام الألباني ، وقال الترمذي عنه : " حديث حسن صحيح "

4- الدخول على النساء ، وهذا أمر لا يجوز فعله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : "إياكم والدخول على النساء" . فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: " الحمو الموت " أخرجه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر .( والحمو جمع أحماء: أقرباء الزوج كالأب والأخ والعم وغيرهم)

5- تبرج النساء وخروجهن الى الأسواق والى صلاة العيد متبرجات متعطرات ، وهذا فعل محرم في شــــــريعة الله ، قال الله عزوجل : (( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) الأحزاب 33. وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " صنفان من أهل النار لم أرها :... و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " أخرجه مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه . وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة استعطرت ثم خرجت ، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكل عين زانية " رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

6- تخصيص زيارة القبور يوم العيـــــد. والجلوس على القبور ، وقراءة السور الفرآنية عليها وكل ذلك بدعة لا أصل لها .

7- الإسراف والتبذير في المؤكولات وغيرها بدون أية مصلحة فقد قال الله تعالى: ( ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) .

8- عدم تعاطف الأغنياء مع الفقراء والمساكين يوم العيد خاصة . فيتمتع أبناء الأغنياء باللبس والأكل أمام أبناء الفقراء ، مع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".(البخاري).

9- اعتقاد مشروعية إحياء ليلتي العيد وذلك استنادا على الحديث المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحيا ليلة الفطر والأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " وهذا حديث لا يصح ؛ جاء من طريقين أحدهما موضوع والآخر ضعيف جدا ، قال عنه المحدث الألباني – رفع الله درجته – في السلسة الضعيفة : " موضــــــوع " ح 520 و 521


سئل شيخ الاسلام ابن تيمية عن التهنئة فأجاب : " أما التهنئة يوم العيد ، بقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد " تقبل الله منا ومنك ، وأحال الله عليك ، ونحو ذلك ، فهذا قد رُوي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخّص فيه الأئمة ، كأحمد وغيره ، لكن قال أحمد : أنا لا أبتدئ أحدا، فإن ابتدأني أحد أجبته ، وذلك لأن جواب التحية واجب ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ، ولا هو أيضا مما نُهي عنه ، فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة ، والله أعلم " مجموع الفتاوى ( 253 / 24 )

وقال الحافظ ابن حجر : " ورُوّينا في ( المحامليات) بإسناد حسن عن جُبير بن نُفير قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك " ( الفتح 446/2)