بسم الله الرحمن الرحيم



سرعة الانفعال .. ظاهرة مرضية ..ام خلل عصبي !





د . محمد عبد الكريم الشوبكي

مستشار الطب النفسي والأمراض العصبية

تُعرف سرعة الانفعال بتدني القدرة على السيطرة أو ضبط ردود الفعل العاطفية تجاه الأحداث اليومية بشكل متكرر أو دائم وبزيادة في الشدة عن أثر الحدث ويمتاز هذا السلوك بالعصبية ، أو العنف سواءً بحدة الكلام أو الإيماءات الحركية أو التهديد أو الوعيد أو النفور أو أداة الظهر واللامبالاة أو بروز علامات الانفعال العاطفة مثل البكاء ، أو التذمر ، أو الاستجداء .

وقد يترجم هذا الانفعال سلوكياً مثل الشتم أو إيذاء الذات أو إيذاء الآخرين أو تكسير الممتلكات الشخصية أو ممتلكات الآخرين ، وعدم إتاحة الفرصة للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه ، وإصدار القرارات بشكل تعسفي .
ومن المنطق أن أي سلوك ناجم عن عاطفة مشحونة سيكون ضارا بالشخص والمحيطين على العكس تماماً من السلوك الناجم عن عاطفة متزنة.

وتعود أسباب سرعة الانفعال وأنماطها المتعددة إلى مجموعة من الحالات النفسية أو ناجمة عن ظروف نفسية ضاغطة ، ومن ذلك حالات القلق النفسي حيث انخفاض عتبة التوتر وسهولة الاستفزاز والتحسس الزائد فالأحداث البسيطة تُضخم لدى من يعاني هذه الحالة وتسبب سرعة الانفعال وأيضاً بعض أنواع الاكتئاب النفسي العُصابي والتهجمي والمتميزان بتكدر المزاج وسرعة الانفعال إسقاطا وإزاحة لمعاناتهم على الآخرين ، ( وحالات الهوس ) والتي تتميز بحدة المزاج وارتفاعه وتأرجحه ، وزيادة عالية في الشعور بالاهميه وزيادة في النشاط والحركة والإسراف ، يميزها سرعة الانفعال والعنف .
وهناك أيضاً الأشخاص الذين يعانون من تدنٍ في درجة الذكاء وهم لا يستطيعون مواكبة متطلبات الحياة اليومية كالأسوياء ولذلك يتميزون بالعصبية الزائدة والعنف .

أما الحالات المصابة باضطراب الشخصية فأهمها الشخصية السيكوبائية ( الضد الاجتماعية ) فيمتاز سلوكهم بالأنانية وعدم الاكتراث لمشاعر الآخرين والعنف بإيذاء الذات والآخرين والعصبية والتهور والاندفاعية ، وخرق الأعراف والتقاليد والقوانين ، وكثير منهم ينغمس في تناول الكحول أو تعاطي المخدرات والتي تزيد من هذه الحالة سوءاً ، وأيضاً الشخصية العظامية ( البارونيا ) والتي تمتاز بالتعالي والشعور بتميز الذات والشك وسهولة الاستثارة والاستفزاز .

والشخصية العصابية حيث تتصف سماتها بقلة القدرة على تحمل الأعباء الحياتية ، وكثرة التذمرّ ، والمبالغة في إعطاء الأحداث حجمها الحقيقي ، والشعور بعدم الاطمئنان و الأمان ، وإسقاط القلق باتهام الآخرين من المحيطين واضطراب العلاقات الزوجية والعائلية والاجتماعية ، من الجدير ذكره أن هذه الصفات لإضطراب الشخصية متجذره في نفسية الشخص منذ الصغر .

أما الأشخاص الأسوياء ، فقد يقعون أحياناً في هذه السلوكيات الانفعالية لفترة ما نتيجة لظروف العمل الطويل أو نوع العمل الدقيق أو الحساس مثل العمل في الكمبيوتر أو المراقبة ,أو الذين يعانون من سوء العلاقات الزوجية أو العائلية وتتفاقم هذه الانفعالات في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية .

أما بالنسبة للعلاج فيعتمد على تشخيص الحالة وغالباً ما تكون بالعقاقير ، والعلاج السلوكي معاً .