اليك يا أبي..
مع ورق الزيتون الأخضر
في يومٍ ندي..
مع عبق البارود بعد رحلة صيدٍ
ودوريٍّ.. وبلبلٍ.. وهدهدِ!
إليك يا أبي..
مع مخاض الشمس عند الشروق
وعويل النفس المتجددِ
مع أريكةٍ.. واضطجاعةٍ..
ما زلتُ أرقبها.. كأنها غدي!
إليك يا أبي..
مع رحلة دمائك القانية
عندما عانقتَ التراب
وعلتْ ضحكاتهم الجانية،
وددتُ أن يفتح باب
وددتُ مجرد ثانية..
وأيقنت عندها يا أبي
أنني كنت من الغباء
انتظار شكرٍ من غانية!!
إليك يا أبي..
اعتذار..
وصمت يعكس صمتك..
يقدّس همّك..
يقدّس غضبك..
إليك يا أبي آهٌ..
تتعبد أمام الدخان
وكل الذي تنفثه من أحزان..
إليك يا أبي..
مع آلامك العاتية
ودموع الآلهة الباكية
حزناً على يدك.. ألمك
خوفاً من غدك..
مع دموعك يا أبي
فلتنزل عليّ لعنة السماء!
كيف سمحتُ لعينيك بالبكاء؟!
كنتَ تحوكُ أيامك بخيوط من شرف
وترفّعت نفسك الشّمّاء
وازدرت كل الترف..
أجبني الآن يا أبي..
أيستحق الشرف مثل هؤلاء؟
أيستحقون منك هذا العناء؟
أنظر إلى عيونهم..
ينظرون بقرف!
إلى يدك الممتدة من نور
وأنفاسك الممزقة،
ينظرون بغرور..
الآن.. هم وحدهم الشرفاء
هم فقط النبلاء
وأنت.. بعد أعوامك الخمسين
غرقتْ معك في الألم
تنتظر منهم.. من المحسنين!!
مسحةً من عدم!!
إليك يا أبي..
وأنت وحدك الآن
تطالع ما أبثّه من ندم
أبكيك في السماء
أيكفيك كل هذا البكاء؟؟
قد واجهت إعصار السقم
وحدك..
وصعقت قطط النكران
وبقيتَ أنت الإنسان
مسيح فكري وقلبي
فأيّ رثاء تستحق مني..
أيّ رثاء؟!