الاقتصادية - عندما كانت هناك أزمة مالية فقط، كانت المشكلة تدافع الناس على البنوك لسحب ودائعهم منها. الآن توجد أزمة في الاقتصاد الحقيقي والمشكلة تدافع الناس على كل شيء. يتعرض الاقتصاد العالمي حالياً للانهيار لدرجة أن التوقعات المنخفضة أخذت تخيب ولا تتحقق. وأصبح المستثمرون ينفرون من حمل أي شيء. إن صدمة العملات في أوروبا تعني أن جزءاً مما خلفته الأزمة في الحقيقة قد يستدعي توسعة منطقة اليورو.

لقد تراجع النشاط الاقتصادي عبر العالم، في جميع البلدان من الولايات المتحدة إلى الصين. ففي المملكة المتحدة أظهرت البيانات الصادرة هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 0.5 في المائة في الربع الثالث. وجاء هذا الانخفاض أكبر مما كان متوقعاً لكن الأسوأ قد يتبعه. وبكل المقاييس تعتبر المملكة المتحدة في حالة من الركود الاقتصادي.

وفي منطقة اليورو تدل الدراسات التي أجريت على مديري المشتريات أن الركود الاقتصادي في أوروبا سيكون شديداً جداً.

ويتضح تراجع الاستهلاك العالمي من سعر النفط. فقد كان سعر برميل النفط نحو 100 دولار في بداية تشرين الأول (أكتوبر). وقد دفع هبوط سعره بسرعة إلى ما دون 70 دولاراً منظمة البلدان المصدرة للنفط إلى الإعلان عن خفض إنتاجها 1.5 مليون برميل يومياً. لكن الطلب العالمي على النفط يتراجع بشكل أسرع، وقد انخفض سعره جراء ذلك إلى نحو 60 دولاراً للبرميل.

وأخذت أسواق الأسهم التي كانت بطيئة في ردها على الأحداث في السنة الماضية تجاري الوضع السائد. ويعني التباطؤ الاقتصادي تدني تقديرات الأرباح. ويعمل المستثمرون الذين روعهم ما حدث، والذين عانوا الكثير أصلاً، على تقليل خسائرهم. إن المستثمرين يريدون أن يشعروا بالأمان، وصناديق أسواق المال الوحيدة التي تستقطب المدخرين هي الصناديق التي تستثمر حصرياً في سندات الخزانة الأمريكية. ويوم الجمعة هبط مؤشر فاينانشيال تايمز لأكبر 100 شركة بنسبة 5 في المائة، وانخفض مؤشر هانج سنج بنسبة 8 في المائة. ومما يزيد هذه الانخفاضات تفاقماً الصناديق التي تعمد إلى بيع موجوداتها كي تخفف من مديونيتها. وتقوم صناديق كثيرة أيضا بجمع الأموال النقدية استعداداً لانسحاب عملائها على صعيد التجزئة والجملة.

ويلحق التباطؤ الاقتصادي ضرراً كبيراً بأسواق العملات الأجنبية التي تتوقع خفضا كبيرا في أسعار الفائدة في المملكة المتحدة وفي منطقة اليورو. إن المستثمرين لا يريدون أن يحتفظوا بالجنيه الاسترليني أو اليورو، مفضلين الدولار والين عليهما، لأن أسعار الفائدة عليهما لا يمكن أن تهبط أكثر لأنها متدنية جداً في الأساس.

في هذه الأثناء، يزداد الين قوة بسبب تجارة المناقلة بالين. وهذه المناقلة تعني الاقتراض بالين في اليابان – حيث تتدنى أسعار الفائدة – واستثمار هذه القروض بشراء موجودات ذات مردود عال في أماكن أخرى من العالم. ولطالما وفرت تجارة المناقلة هذه كميات كبيرة من الين لتبديلها بعملات أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء الين ضعيفاً. لكن مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتوجه المؤسسات إلى التخلص من مراكزها المالية، أخذت تجارة المناقلة تجف، وستواجه اليابان هذا الركود بعملية قوية. وسيشكل هذا الأمر مشكلة لاقتصاد اليابان الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على الصادرات.

في الوقت نفسه، تكابد البلدان الصغيرة في سبيل الدفاع عن عملاتها، مع هروب المستثمرين إلى اقتصادات أكبر وآمن. وينبغي أن تجد هنغاريا التي رفعت قيمة عملتها، الفورينت، عبر رفع أسعار الفائدة ثلاث نقاط مئوية، إلى 11.5 في المائة، أن من الأسهل عليها تحمل الانضمام إلى اليورو.

ورفعت الدنمارك يوم الجمعة أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية للحؤول دون انخفاض قيمة الكرون مقابل اليورو. ولا بد أن الكثير من الدنماركيين يتمنون لو أنهم انضموا إلى العملة الأوروبية في آخر مرة سنحت لهم فيها الفرصة.