الاقتصادية - مع اختفاء ما قيمته أربعة تريليونات دولار من قيمة أسواق الأسهم العالمية في الشهر الماضي، فإن الولايات المتحدة الآن على طريقها لبلوغ القمة فيما يتعلق بالتقاضي الناجم عن الأزمة المالية. صبت القضايا المتعلقة بالمستثمرين في قاعات المحاكم بعد انهيار "ليمان براذرز"، وقرار بيع "ميريل لينش" إلى "بانك أوف أميركا"، الذي ينفذ لاحقاً، واستيلاء الحكومة على المجموعة الأمريكية الدولية، وفشل بنك واشنطن ميوتشوال.

وحتى قبل أن يقدم "ليمان" طلباً للإفلاس، وهو أكبر طلب من نوعه في تاريخ الولايات
المتحدة، فإن الدعاوى القضائية الخاصة الناجمة عن الأزمة المالية زادت على أعلى معدل سابق لها في السنوات الست اللاحقة لأزمة الادخارات والقروض قبل عقدين من الزمن، حسبما تقوله مصادر شركة نافيجنت للاستشارات. إن تعقيد انهيار سوق الرهن العقاري، والصدمة واسعة النطاق في الأسواق، يعني أن المستثمرين يمكن أن يواجهوا مساراً أصعب في ممارسة نشاطاتهم، مما كان عليه الوضع خلال الفترات السابقة من الاضطراب، كما يقول المحامون. ونجد على سبيل المثال، أن إفلاس "ليمان"، والصفقة المعلنة الخاصة بـ "ميريل لينش"، واستيلاء الحكومة على شركات أخرى، أحدثت حالة من التوقف المؤقت في بعض الدعاوى المرفوعة حالياً.

ويواجه المستثمرون عقبة أعلى في رفع القضايا بعد الأحكام الصادرة عن المحاكم خلال الفترة الأخيرة. وأعادت المحكمة الأمريكية العليا، هذا العام، تأكيد حكم بأن شركاء النشاط العملي، والمحامين، ورجال المصارف، لا يمكن اعتبارهم مسؤولين قانونياً عن المساعدة أو المشاركة في حدوث الغش في الشركات، إلا إذا أثبت المستثمرون أنهم اعتمدوا بصفة خاصة على تلك الأطراف الثالثة لدى اتخاذهم قرارات الاستثمار. من المحتمل أن يجادل وكلاء الدفاع بأن أصحاب الدعوات لا يستطيعون لوم شركات محددة، ومديرين وتنفيذيين أفرادا، بسبب اضطراب أسواق غير مسبوق أدى إلى انهيار عدة شركات.

ويقول بوب جويفارا، محامي الدفاع الذي يعمل مع شركة سوليـفان وكرومويل التي تدافع عن الشركات في القضايا المتعلقة بالأوراق المالية، "هنالك تدفق في التقاضي، ولكن ما إذا كانت هذه القضايا سوف تكون رابحة أم لا، فهي مسألة مفتوحة. وسيكون من الصعب على أصحاب القضايا في بعض الحالات، إثبات الغش، لأن الكثير من هذه الخسائر هو نتيجة تفكك واسع لإحدى الصناعات.

ويستند كثير من القضايا المرفوعة من جانب حملة الأسهم، أو المستثمرين المؤسسيين على الإفصاحات المالية، وبيانات عامة أخرى صادرة عن مديري الشركات. وقدم بعض التنفيذيين المتهمين توقعات متفائلة لأحوال الأسواق، حتى حين كانوا يعرفون أن شركاتهم تواجه المشكلات. إن من شأن عدد متزايد من التحقيقات الجنائية أن تكون عاملاً مساعداً في قضايا حملة الأسهم المدنية، إذا أدت تلك التحقيقات إلى إدانات. وفتح المحققون الفيدراليون تحقيقاً في ما لا يقل عن 25 شركة ، بما في ذلك "ليمان"، والمجموعة الأمريكية الدولية، و"فاني ماي"، و"فريدي ماك"، إضافة إلى "وامو".

وتبين في الأسبوع الماضي أن ديك فولد ، الرئيس التنفيذي لـ "ليمان براذرز"، كان بين 12 تنفيذياً تلقوا مذكرات إحضار مرتبطة بالتحقيقات الفيدرالية. ويريد المحققون أن يقرروا ما إذا كان كبار المديرين قد ضللوا الناس حول الوضع المالي للبنك، وكذلك بعض الأوراق المالية التي بيعت خلال الأشهر القليلة الماضية. وامتنع "ليمان" عن التعليق على ذلك أمس. في إشارة إلى تزايد الضغوط بين المسؤولين، فإن بعض الوكالات اتخذت الخطوة النادرة بإعلان وجود تحقيقات معينة. ويقول دوموريس سميث، الشريك في "باتون بوجس"، والمحقق السابق "إنهم يعتقدون أن لديهم مهمة، وهي أن يعرفوا من هو المخطئ، ومن هم الذين يستحقون اللوم، وتحميلهم مسؤولية ذلك".

ويقول تود هاديسون الذي هو كذلك شريك في "باتون بوجس"، ومحقق سابق "قد يتطلب الأمر سنة أو أكثر للحصول على الوثائق ومراجعتها، والتحدث مع ما يتوقع أن يصل عددهم إلى مئات من الشهود، ثم رفع دعاوى الاتهام. وعليك أن تثبت أن الناس كانوا يعرفون أنهم يعطون بيانات كاذبة، وهذا أمر سوف يكون من الصعب إثباته". يظل بعض محامي أصحاب الدعاوى متفائلين، ويقولون إن المستثمرين يمكن أن يلاحقوا شركات التدقيق، والبنوك الاستثمارية التي ضمنت طروحات الأوراق المالية العامة قبل إعلان تأسيس الشركة، وأن يلاحقوا كذلك السياسات التأمينية للمدير، ولضابط الاتصال. يتوقع بعض المحامين كميات متزايدة من حالات التقاضي تجعل الشركات المالية تواجه بعضها بعضا. ويقول جيف نايسن، المدير العام لشركة نافيجانت، إن التقاضي دخل "عالماً جديداً". ويضيف "إن إفلاس ليمان يولد عالم التقاضي الخاص به". ومن أمثلة ذلك أن ليمان يواجه قضايا يطلب أصحابها إعادة أموال استخدمت كضمانات لعمليات المشتقات.

ويقول سين كوفي، محامي أصحاب القضايا الذي استطاع استعادة أكثر من ستة مليارات دولار لصالح مستثمري "وورلدكوم"، إنه سيكون هنالك الكثير من التقاضي، وسيكون ذلك أوسع نطاقاً من موجة الجرائم المحاسبية التي شهدناها في بداية القرن الجديد. تمثل شركته، برنشستاين ليتوفيتز، حملة الأسهم في قضايا ضد "ليمان"، والمجموعة الأمريكية الدولية، وشركة وامو، وجهات أخرى. ويقول كوفي "من الصعب على الدوام التوقع في بداية القضية كيف يمكن أن تنتهي، ولكن حين تكون الأمور بهذا السوء، فإن من غير المحتمل في الغالب عدم وجود جهة تستحق اللوم".