الاقتصادية - التقى المصرفيون البريطانيون بوزير المالية في مقر الوزارة. كانت على وجوههم ابتسامة خجولة، وعلى وجهه تجهّم فظيع. قالوا له: مرحباً يا عزيزي، نحن في حاجة إلى المزيد من رأس المال. وقال لهم: إذا أردتم رأس المال، فنحن نريد الشروط (ولا تدعونني بعزيزي). والعاقبة كانت. وإذا كان للمصرفيين والساسة حيز قليل من الوقت للعب لعبة العواقب، بينما ينطلقون مسرعين بخطة إنقاذ طارئة للقطاع، فذلك أمر مفهوم.

إن الإنقاذ هو الاستثناء المطلق في مبدأ أن تطلق الطلقة أولاً، ثم تطرح الأسئلة لاحقاً. ولكن لا بد من أن تحظى الرسملة الشاملة المفروضة على البنوك البريطانية بالعواقب، وبعضها على الأرجح ألا تكون سارة، وإلى حدٍ ما، ذلك لأن بعض المعتقدات التقليدية التي يتم إسقاطها، أو تشويهها بينما تعالج الحكومات والمشرعون الأزمة، يصعب إبطالها سريعاً.

أولاً، حُظر البيع على المكشوف للأسهم المالية. ومن ثم، تمت إعادة كتابة قواعد المنافسة للسماح بعملية اندماج ليلويدز تي إس بي، وإتش بي أو إس، وهما اثنان من كبار البنوك. وأخيراً، لا بد من تنظيم سياسة المكافآت؛ وسيتم تعليق حصص الأرباح للسماح لتلك البنوك بإصدار أسهم تفضيلية لتدفع إلى الحكومة كوبوناتها العقابية، وفي حالات قليلة، سينتهي المطاف بالعدد الهائل من الأسهم في أيدي الحكومة، وهي التي ستعيّن أعضاء مجالس الإدارات.

وتتبع تلك الإعلانات الآن شكلاً مألوفاً الآن، حيث تؤكد السلطات دعمها لقاعدة السوق الحرة طويلة الأمد، وعلى فوائد البيع على المكشوف، وأهمية المنافسة الحرة، وعلى دور المجلس في تحديد المكافآت، وغياب الحكومة من سجلات أسهم الشركات، ومن ثم يعلنون أنهم علّقوا تلك الفكرة لفترة مؤقتة.

بينما تتوق البنوك التي نجت من الضرب بالعصا بشدة إلى الإشارة إلى أن كل حالة تختلف عن الأخرى، فإن بعضها يواجه ظروفا أقل إرهاقاً من غيرها: يتعيّن على ليلويدز تي إس بي أن يطلب من مديريه التنفيذيين أن يحصلوا على مكافآتهم على شكل أسهم (فماذا لو رفضوا؟)؛ ولا يحصل أعضاء مجلس إدارة بنك اسكتلندا الملكي على أية مكافآت إطلاقاً لهذا العام، وأولئك الذين لم يسرّحوا بعد، سيكونون مجبورين على الحصول على أية مكافأة للعام المقبل على شكل أسهم.

لكن تلك علامات فارقة دون الكثير من الاختلاف. إذا لم تغيّر الشروط التي فرضتها الحكومة سلوك المصرفية، فسيحكم العديد من الناخبين على وزير المالية، ورئيس الوزراء بالفشل. من ناحية عملية، وسياسية، فإن ذلك سيجعل من الصعب على الحكومة أن تتقهقر بسرعة عن القمم القيادية التي احتلتها.

إن عاقبة التدخل الحكومي الوطيد أنه سيتم تفسير المبادئ بصورة متزايدة على أنها قواعد. خذ رسالة سلطة الخدمات المالية الموجهة إلى الرئيس التنفيذي بشأن المكافآت، على سبيل المثال، تلك التي نُشرت يوم أمس. حين عرض هيكتور سانتس، الرئيس التنفيذي المنظم، "مساعدة، وتشجيع" مراجعة البنوك سياسة المكافآت، فإنه بالتأكيد، يخفي أسلوبه ذا القفاز المخملي، وتحته الآن قبضة من حديد.

وهنالك عاقبة ثانية محتملة هي تشوّه الحوكمة. وتريد الحكومة أن تتبع أسلوباً عن بعد، بحيث يكون جديراً بالمصداقية. وبينما أشار هذا العمود إلى أنه سيوجد كثير من مرشحي القطاع الخاص المستعدون لخدمة بلادهم، إلا أن جوردون بروان، وأليستير دارلينج، سيكونا الشبحين على طاولة مجلس الإدارة. وإن المصلحة المشتركة بين المعينين من قبل الحكومة، وممثلي غيرهم من حملة الأسهم، يمكن أن يُخرج الحكومة من السجلات. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نهج قصير الأمد بصورة مفرطة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون هنالك صراع مطوّل حول معنى عبارة "المخاطرة المسؤولة"، وهو شعار الحكومة الجديد للبنوك، الذي يمكن أن يشلّ التقدم الاستراتيجي.

وهنالك عاقبة ثالثة محتملة، وهي أن حماسة المستثمرين ستنحدر بقدر مباشر مع احتمالية التدخل الحكومي. لا حصص أرباح، مع وجود تعويم حر متدن للأسهم (وهي التي يمكن أن تؤثر في مؤشر بورصة الفاينانشيال تايمز 100، بترجيح من ليلويدز تي إس بي- إتش بي أو إس، وبنك اسكتلندا الملكي)، هي العوائق قصيرة الأمد بالنسبة لصناديق الدخل، ومتابعي - المؤشر. ولكن إذا استغرق الأمر فترة أطول من عامين لانسحاب حكومي واضح، أو أن تنسحب الحكومة من البنوك، عندها يمكن لقشعريرة حقيقية أن تنزل بنا.

رقصة المصرفيين

يقدّم باول موراي في الوقت الراهن هذه الإضافة الحديثة نسبياً إلى مختارات أدبية من الكساد اللمباردي (المصرفي) ذات النمط الغنائي المتداخل والسريع، المأخوذة من "تشارلي دانس"، وهي جزء من ألبوم 1988 لفرقة البوب المستقلة، جيمس، وموسيقى تتناسب بصورة ممتازة مع وقتنا الحاضر:

هنالك شائعات تدور في المدينة بأن البنوك سوف تغلق في إجازة طويلة .. والصحف مليئة بانهيار جديد .. امسك أنفاسك، لأن الرياح في تغيّر ...
ويشمل الطريق هذه المشورة الحكيمة لأعضاء مجالس إدارة البنوك الحاليين والمستقبليين:
يقول الوزير: ضع يديك أعلى رأسك .. حاول أن تلتقط أنفاسك من أنفك .. انبطح أرضاً، وتسكّع في الهواء .. لنحتضر جميعاً.