الاقتصادية - ينظر إلى خطة الإنقاذ المالي التي أقرها الكونجرس على أنها معيبة، لكنها ضرورية للقضاء على الهلع السائد في الأسواق المالية، وعلى فقدان الثقة بالاقتصاد. وتبدو وكأنها عملية معلقة، أو خطة "ج" أو "د" التي يمكن أن تحتاج إلى دعم عبر خطة "أ".

من المتوقع أن يكون أحد المكونات الحيوية للخطة "أ" هو المزيد من الأموال. ويعود ذلك من جانب معين إلى وجود شك في أن كمية الموجودات السامة أكبر بكثير مما يمكن أن تقدمه خطة الإنقاذ من أموال. ومن جانب آخر، ربما تكون هناك حاجة إلى مزيد من الأموال لمعالجة مشكلة سوق الإسكان من خلال تقديم العون إلى مقترضي الرهن العقاري، وإلى المقترضين الهامشيين. وأخيرا، ربما يكون المزيد من المحفزات المالية ضروريا إذا أمسكت قوى الركود بزمام الأمور.

من أين يمكن أن تأتي مثل هذه الأموال الإضافية التي تقدر بـ 500 مليار دولار؟ دافع الضرائب الأمريكي في حالة من القلق. وقد فعل "جو سكس – باك" الكثير حتى الآن، وقام بذلك دون ثقة عظيمة بأن الأموال ستذهب إلى هدف يستحق ذلك، أو أنه سيتم إنفاقها بصورة سليمة.

أدخلوا الصين. البروفيسور كينيث روجوف، من جامعة هارفارد، أشار بوقاحة إلى مراكمة الصين لكميات هائلة من سندات الخزانة الأمريكية خلال السنوات الخمس الماضية، على أنها أكبر برنامج للمساعدة الأجنبية في التاريخ. وهنا تبرز تجربة فكرية.

يمكن للحكومة الصينية أن تعرض تقديم قرض بقيمة 500 مليار دولار (من فائض حسابها الجاري البالغ 1800 مليار دولار) للحكومة الأمريكية لإنقاذ النظام المالي. وكانت مساعدتها السابقة المتمثلة في شراء السندات الأمريكية، غير مباشرة، وغير مشروطة. أما في هذه الحالة، فالأمر ليس كذلك.

يمكن أن يكون عرض القرض الصيني موجهاً مباشرة إلى الحكومة الأمريكية، بحيث يصرف خلال الأزمة المالية الراهنة. والأهم من ذلك أنه يمكن أن ترافقه شروط معينة.

فالمساعدة المشروطة التي تمثل أسلوب التعامل المفضل لدى المانحين الأجانب منذ فترة ما بعد الحرب، يمكن أن يتم تبنيها من جانب الصين.

فماذا يمكن أن تكون طبيعة القيود، أو مدى "مشروطيتها" كما أطلقت عليها وزارة الخزانة الأمريكية التي طالما كانت تمارس هذا الفن منذ فترة طويلة؟ إن الشروط التي فرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كانت تحكمها أيديولوجية تفضل حرية الأسواق والعولمة. لكن كان هناك أيضاً افتراض بأن الحكومات المقترضة في العالم الثالث لم تكن تفهم مزايا تلك المساعدات المشروطة، كما أن دعاة الإصلاح هناك كانوا بحاجة إلى "ملعقة من السكر للمساعدة في تجاوز المعارضة الداخلية".

من المحتمل أن تفرض الصين شرطين، أولهما أن تعلن أن عرض هذه النقود كان مشروطاً بتبني الحكومة الأمريكية أسلوبا معينا في إنقاذ البنوك. وبصورة أوضح أن تفضل في الجولة المقبلة استخدام الأموال الحكومية لإعادة رسملة البنوك. وكانت أوروبا تستخدم هذا النهج. وتثبت الدلائل أنه الوسيلة الأكثر فاعلية مع الأزمات المالية الكبرى.

لم تستطع الحكومة الأمريكية، شأنها في ذلك شأن حكومات العالم الثالث في الماضي، أن تتبنى أعلى مسارات الإجراءات كفاءة. وينجم ذلك عن هوس أيديولوجي ضد "اشتراكية" البنوك، أو بسبب ضرورة وجود دوافع لتجاوز أي معارضة محلية لذلك.

الشرط الثاني يمكن أن يرتبط بـ "شبكات الأمان الاجتماعي" التي أصبحت ضرورات معيارية لبرامج التعديل الاقتصادي التي يوصي بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وربما ترى الصين أن تكرس هذه الأموال لتكوين حاجز حماية لأصحاب المنازل المكشوفين، حتى لا يرغموا على نسيان الحلم الأمريكي بامتلاك منزل خاص. ويمكن للشروط الصينية بهذا الخصوص أن تؤدي إلى محصلة جادل في صالحها عدد من الاقتصاديين اليساريين واليمينيين انطلاقاً من أسس العدالة، وكذلك لمعالجة المشكلة الأساسية في سوق الإسكان.

يمكن أن تكون لعرض المساعدة هذا ثلاث فضائل للجانب الصيني. أولها، أنها تتحرك لإنقاذ وضعٍ تسببت فيه جزئياً عبر سياساتها الخاصة بسعر صرف متدن لعملتها، الأمر الذي أدى إلى شروط سيولة عالمية متراخية. الفضيلة الثانية، أن ذلك يخدم المصالح الاقتصادية الصينية، لأن نجاح الجهود الأمريكية في إنقاذ القطاع المالي يمكن أن يساعد في تجنب تراجع اقتصادي، الأمر الذي يحمي صادرات الصين التي تمثل محرك نموها.

ربما يكون الأهم من كل ذلك أن العرض يمكن أن يثبت موقف الصين ومكانتها قوة عظمى تتحلى بالمسؤولية، وراغبة في حشد مواردها الاقتصادية من أجل حماية الاقتصاد العالمي. وإذا كان ذلك يعني تزويد الهيمنة الحالية بأكبر صفقة مساعدة شهدها العالم، فما الذي يمكن أن يتفوق على ذلك من تصرفات يقوم بها رجال الدولة المسؤولون؟