الاقتصادية - حتى قبل أن يبعث الكونجرس الصدمة في أسواق المال العالمية هذا الأسبوع، فإن الاقتصاد العالمي غارق في الصعوبات. وسواء أجيز شكل معين من أشكال صفقة الإنقاذ في المستقبل القريب أم لم يتم ذلك، فإن الخروج من براثن هذه الصعوبات سيكون مجاهدة حقيقية.

حتى الآن أي توقعات تتسم بشيء من التفاؤل حول أي كساد اقتصادي عالمي ستبدو مثل المأزق الأخير عام 2001، هبوط ضحل نسبياً انتهى حين استجابت الاقتصادات للتخفيضات السريعة في أسعار الفائدة.

ولكن ما لم ينته الجمود في أسواق الائتمان العالمية وتبدأ عمليات الإقراض من جديد، فإن الكساد الأكثر عمقاً والأكثر طولاً الذي عاناه كثيرون في أوائل التسعينيات سيبدو ممكن الوقوع بصورة متزايدة.

وبصرف النظر عن التطورات داخل أروقة الكونجرس، فإنه حتى التوقعات المتفائلة نسبياً عدلت بصورة حادة من توقعاتها للاقتصاد الأمريكي على الأجل القصير. وازداد احتمال التباطؤ والجمود في الاقتصاد بسبب البيانات الذي أظهرت جمود الإنفاق الاستهلاكي بالمعدلات الحقيقية في آب (أغسطس)، في أعقاب الأرقام الهابطة في شهري حزيران (يونيو) وتموز (ويوليو).

يذكر أن مؤسسة ماكروإيكونومك أدفايزرز Macroeconomic Advisers، وهي مؤسسة للتوقعات الاقتصادية في سانت لويس تحظى باحترام واسع، خفضت هذا الأسبوع بصورة حادة توقعاتها للربع الثالث لهذا العام، وقالت إن النمو بالمعدل السنوي سيكون على الأرجح ضمن نطاق صفر إلى 0.5 في المائة، وليس بنسبة 1.5 في المائة كما كان تقديرها في السابق، وأن الاقتصاد يرجح له أن يتقلص في الربع الرابع.

يقول كريس فافارس، وهو رئيس ماكروإيكونومك أدفايزر، إنه حتى لو أجيز شكل من أشكال صفقة الإنقاذ في وقت متأخر من هذا الأسبوع، فإنها ستأتي بعد فوات الأوان على التصدي للهبوط الاقتصادي، على اعتبار أن العسر الشديد في أسواق الائتمان أحدث أضرارا جسيمة لا يمكن إصلاحها.

وقال: "من دون قانون التعزيز الطارئ للوضع الاقتصادي أو شيء من هذا القبيل، فإن من المكن أن نشهد هبوطاً اقتصادياً حاداً للغاية".

كذلك يحذر الاقتصاديون من أن المتاعب والآلام التي تثقل كاهل الاقتصاد الأمريكي، مثل التقلص العام في نشاط الإقراض، الذي ازداد سوءاً بفعل الجمود في أسواق الائتمان التي أصيبت بالشلل، والهبوط في أسعار المساكن، هذه المتاعب تهدد هي أيضاً المحركات الكبيرة الأخرى للنمو العالمي.

يقول جورج ماجنوس، وهو مستشار اقتصادي أول لدى البنك الاستثماري يو بي إس، إن هناك أنماطاً مشتركة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي هي عبارة عن ناد للبلدان الغنية.

ويضيف: "نحو 40 في المائة من بلدان المنظمة من الناحية العملية أصبحت الآن بالفعل في حالة كساد اقتصادي. والسبب في ذلك كله يعود بالدرجة الأولى إلى التوقف عن تمويل العمليات من خلال القروض الثقيلة".

البنوك وشركات القروض السكنية من أولها إلى آخرها تقلص بحدة من عمليات الإقراض، بما في ذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي تعاني مشكلات قليلة نسبياً في ميزانياتها العمومية. ويقول: "حتى الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي لا تتمتع بهذا الوضع الجيد نسبياً تركت لتذوي وحدها".
وضمن الاتحاد الأوروبي فإن آيرلندا وإسبانيا، اللتين عانتا سابقاً فقاعتي ممتلكات، معرضتان بصورة خاصة للضعف.


تقلص اقتصاد منطقة اليورو بصورة إجمالية في الربع الثاني من العام، ولم تظهر المؤشرات الاقتصادية أي تحسن يذكر منذ ذلك الحين. وفي أيلول (سبتمبر) كان المزاج العام الاقتصادي في منطقة اليورو في أضعف حالاته منذ نحو سبع سنوات.

ورغم أن اليابان هي أقل البلدان تأثراً من بين البلدان الصناعية الكبيرة بفعل العسر المالي الشديد في الأسواق الناشئ عن التهاون الكبير في صرف القروض السكنية لمن هب ودب، إلا أن الاقتصاد الياباني لا يتمتع بقدر كبير من الزخم المستقل. وحيث إن الطلب على الصادرات اليابانية شهد ويشهد تراجعاً سريعاً، فإن الاقتصاد الياباني تقلص هو أيضاً في الربع الثاني من العام، حيث أتت أسعار السلع المرتفعة على قدر لا يستهان به من الدخول الحقيقية.

أما بلدان الأسواق الناشئة العملاقة مثل الصين والبرازيل والهند فقد تضررت على نحو أقل من متاعب أسواق الائتمان العالمية, ولكن يرجح لها أن تكون معرضة لخطر التباطؤ في الاقتصاد الحقيقي.

وكثير من هذه البلدان، وعلى الأخص الصين، تظل معتمدة على نمو الصادرات, وعمل افتقارها النسبي إلى التطور والتعقيد في العمليات المالية على عزلها عن الأزمة المالية، ولكنه سيعوق قدرتها على الاقتراض والإنفاق في سبيل توليد الطلب المحلي.

خلال السنوات العشرين الماضية مرت فترتان كان فيهما معظم الاقتصاد العالمي في حالة كساد اقتصادي. إحداهما عام 2001، في أعقاب انهيار فقاعة شركات التكنولوجيا، والأخرى في أوائل التسعينيات، حين حلت نهاية الطفرة الطويلة لأعوام الثمانينيات وكان لا بد من اعتصار التضخم بصورة مؤلمة وقذفه خارج النظام.

تنقسم الآراء الآن حول أكثر السيناريوهات ترجيحاً خلال الفترة المقبلة. يرى فارفارس من "ماكروإيكونومك أدفايزرز" أن الولايات المتحدة في الوقت الحاضر متجهة صوب شيء أشبه بالتباطؤ الاقتصادي لعام 2001. ويقول إنه مع افتراض عودة الأسواق المالية إلى شكل من أشكال الوضع الطبيعي، فإن من الممكن أن تكون هناك دفعة قوية من أسعار الأسهم، التي تبدو الآن دون قيمتها الحقيقية.

يغلب على ماجنوس أن يميل إلى وجهة النظر المتشائمة. ويقول: "إن الذي أخرجنا من مأزق عام 2001 هو أنه كان من الممكن تخفيض أسعار الفائدة بصورة حادة." "وكان هناك قطاع لديه الاستعداد لأن ينهل من القروض التمويلية الثقيلة، وهو قطاع الأسر".

"وبصرف النظر عن الحكومة، التي لا بد لها من التدخل للتعويض عن النقص في القروض الخاصة والطلب الخاص، فإنه ليس بمقدوري رؤية أية جهة قادرة على إشعال فتيل النهضة الاقتصادية".